ساورتني هذه الأفكار، مرة أخرى، و أنا ألاحظ استمرار غياب نقاش “مغربي – مغربي” حول قضايا الشرق الأوسط، بشكل يرقى إلى المستوى المطلوب استراتيجيا، خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي.

*يونس التايب

أخشى أننا نعيش حالة “وعي سطحي”، يتشبث بالقشور و الجزئيات، لا يفيد في فهم تشعبات القضايا الكبرى في العالم، و لا يتيح استثمارها للدفاع عن قضايانا الوطنية ومصالحنا الاستراتيجية وحقنا في بناء مشروع وطني قوي. 

و قد يستمر الأمر على هذا الحال، طالما بقي “البعض” “يجتهدون” لخلط الأوراق و الملفات، بشكل يجعل الناس عاجزين عن التفريق بين الأسود والأبيض، بين الظلم و العدل، بين الحق و الباطل، بين الصدق و النفاق، بين الاحتلال و الحرية … 

وطالما تشبث “المتكلمون الجدد” بتحريف النقاش العمومي، وإبعاد الناس عن مداخل التشخيص الدقيق والتحليل الرصين، و استحضار الأبعاد الاستراتيجية في جميع القضايا الكبرى، لن نستطيع ترتيب أولوياتنا لخدمة المصلحة الوطنية، باستقلالية عن “جيلالة” و تهافت تابعيهم ب “النافخ” …! 

ساورتني هذه الأفكار، مرة أخرى، و أنا ألاحظ استمرار غياب نقاش “مغربي – مغربي” حول قضايا الشرق الأوسط، بشكل يرقى إلى المستوى المطلوب استراتيجيا، خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يطغى التهافت وتغيب القدرة على تحليل حيثيات الصراع في شمولية أبعاده.

نقاش يكون بعيد عن العاطفة والانفعالات الانطباعية، و بعيدا عن تكلس المواقف الإيديولوجية والاعتبارات النفعية الذاتية التي ينتج عنها تموقف مسبق، غير موضوعي، من الأطراف المتحركة في الميدان الشرق أوسطي. 

نحن في حاجة لتذكير أنفسنا بضرورة التواضع في التعبير عما نعتقده صوابا … و الوعي بأن الأراء التي نعبر عنها تظل نسبية و تحتمل الخطأ … و أن أهم شيء هو تربية الذات على فضيلة الإنصات … والابتعاد عن التسفيه والتشكيك والتخوين … و الامتناع عن الكلام المسيء للأشخاص و للقيم و الرمزيات التي يؤمنون بها.

وحده التواصل المبني على الاحترام المتبادل، والالتزام بأخلاقيات الحوار العقلاني الذي يناقش الحجة و الحجة المضادة، يمكن أن يتيح لنا بناء وعي مشترك تطبعه المسؤولية والمبدئية …

 ربما، قد لا يتحقق لنا فيه الاتفاق على رأي واحد في كل الأمور والملفات، لكننا بالتأكيد سنكتسب شجاعة الدفاع عن حق غيرنا في أن يعرض أفكاره و مواقفه، و نكون له مستمعين باهتمام واحترام وسعي لكل فكرة رصينة قد يمتلكها غيرنا.

*كاتب صحفي ومحلل سياسي 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *