دعا محمد سعد برادة وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، رئيس اللجنة الوطنية للتربية والعلوم والثقافة، الثلاثاء بالدوحة، إلى بلورة استراتيجية عربية لتطوير استخدامات الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية .

وأكد برادة في كلمة بمناسبة انعقاد المؤتمر ال 14 لوزراء التربية والتعليم العرب ألقاها ، نيابة عنه، السيد يونس السحيمي الكاتب العام للوزارة رئيس الوفد المغربي المشارك في المؤتمر ، أنه يتعين جعل الذكاء الاصطناعي رافعة أساسية للنهوض بأنشطة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي ،من خلال جعلها متاحة الولوج بشكل أكبر، وفعالة وملائمة لحاجات مختلف فئات المجتمع العربي، وكذلك من خلال بلورة أساليب جديدة ومبتكرة، ترتكز على تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي من شأنها أن تحدث فرقا كبيرا في تحقيق أهداف التعليم الشامل والجودة الشاملة في التعليم.

وأبرز أن أهمية وراهنية موضوع الذكاء الاصطناعي، تجعله يشكل مجالا رئيسيا من مجالات العمل العربي المشترك من أجل بلورة استراتيجية عربية بخصوص استخداماته الممكنة و آفاق تطويره، بما يتماشى وطموحات الأنظمة التربوية بالوطن العربي.

واستعرض في هذا السياق جهود المغرب في الإدماج التدريجي لتقنيات الذكاء الاصطناعي، ولاسيما من خلال توظيفها في محاربة معضلة الانقطاع عن الدراسة وكذا في تحسين المكتسبات الدراسية والتصدي للسلوكات المشينة بالوسط المدرسي مبرزا أن مجال التكوين والرفع من قدرات المعلمين يشكل مجالا آخر من المجالات التي يمكن فيها استخدام الذكاء الاصطناعي، من أجل ملاءمة مسارات ومضامين التكوين للحاجات الفعلية للمستهدفين بالتكوين من جهة ، ولتطوير كفاءات المكونين من جهة أخرى.

وأكد الوزير من جهة أخرى على أن طريق “النهضة الإنمائية الشاملة، التي نسعى جاهدين أن نحققها في أوطاننا (…)، لن يمر إلا عبر المدارس” مؤكدا في هذا الصدد على أهمية العمل العربي المشترك على هذا المستوى وكذا على ضرورة توحيد المواقف على المستوى الدولي لتحقيق هذا المبتغى.

وفي هذا السياق تطرق الوزير لورش الإصلاح التربوي العميق الذي بسهر المغرب من خلال الوزارة على تنزيله . مبرزا أنه ورش حيوي، يستمد روحه من التوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الداعية إلى إصلاح منظومة التربية والتكوين من أجل توفير تعليم جيد ومنفتح يقوم على الحس النقدي، وتعلم اللغات، ويوفر للشباب فرص الشغل والانخراط في الحياة العملية.

وأكد أن هذا الورش الإصلاحي الهيكلي العميق، يستند في مرجعياته على التصور الاستراتيجي للإصلاح التربوي، المتمثل في الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 “من أجل مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء”، التي أعدها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، وتم تقديمها بين يدي صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، حيث دعا جلالته إلى صياغتها في إطار تعاقدي وطني ملزم، وهو ما عكفت عليه الحكومة، من خلال إصدار أول قانون-إطار لمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، الذي أقره البرلمان المغربي سنة 2019.

وأبرز أن الحكومة ، تواصل في إطار برنامجها الحكومي 2021-2026 تنفيذ الإصلاح التربوي، من خلال المشروع الوطني الطموح الذي تجسده”خارطة الطريق 2022-2026″من أجل مدرسة عمومية ذات جودة للجميع”، والذي يهدف بشكل عام إلى إرساء سياسة تربوية جديدة، تعمل على تحقيق ثلاثة أهداف استراتيجية تتمثل في تحسين التشبع بالقيم، جودة التعلمات، وتقوية التفتح لدى التلاميذ وتعزيز والتصدي للهدر المدرسي.

وأكد الوزير أنه يقع في صلب خارطة طريق الإصلاح التربوي، مشروع طموح يسعى إلى إرساء نموذج جديد للمدرسة العمومية، وفق مبدأ التعليم الشامل والجيد، تحت مسمى “مؤسسات الريادة”، مبرزا ان هذا المشروع، يقوم بالخصوص على إحداث تغيير ملموس في الممارسات وطرق التدريس .

وشدد الوزير على أن تحقيق هدف التعليم الشامل والدامج والجيد والمستدام، يرتبط ارتباطا وثيقا بتمكين المدرسين، باعتبارهم الفاعلين الرئيسيين في كل السياسات والبرامج التي تروم النهوض بجودة التعليم مضيفا أنه ترجمة لهذه القناعة على مستوى النظام التعليمي المغربي، فإن خارطة طريق الإصلاح التربوي 2022-2026، أولت مكانة متميزة للمدرسين، من خلال مجموعة من البرامج التي تتضمنها، والتي تهدف بالأساس إلى تعزيز القدرات المهنية للمعلمين،من خلال التكوين الأساس المتين، والتكوين المستمر طيلة الحياة المهنية، وتحسين أوضاعهم المهنية والاجتماعية من خلال آلية الحوار الاجتماعي التي سمحت بالاستجابة لكافة انتظارات ومطالب الأسرة التعليمية.

من جانب آخر استحضر السيد برادة الجهود المتواصلة التي يبذلها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، لدعم صمود الشعب الفلسطيني، مثمنا الدور الملموس الذي تضطلع به وكالة بيت مال القدس الذراع التنفيذي للجنة القدس من خلال ما تباشره من مشاريع تنموية مختلفة، ولاسيما تلك التي تهم مجالات التربية والعلوم والثقافة لفائدة سكان المدينة المقدسة، بحيث تتقاطع تدخلات الوكالة في دعم منظومة التعليم في القدس مع جهود شركائها الفلسطينيين لحماية المنهاج الفلسطيني والحفاظ على الهوية المحلية.

وعلى صعيد التعاون المغربي الافريقي أكد أنه تم خلال عام 2024 إطلاق المؤسسة الإفريقية للتعلم مدى الحياة، تنفيذا للتوجيه الملكي السامي المعبر عنه في الرسالة المولوية الموجهة إلى المشاركين في مؤتمر اليونسكو السابع لتعليم الكبار، المنعقد بمراكش سنة 2022، وتتويجا لمسار من المشاورات الوطنية والإفريقية، رغبة في المساهمة في إرساء ركائز التعلم مدى الحياة بمفهومه الشامل، وتقديم الخبرة والمشورة وتقوية الجهود الوطنية في هذا المجال.

وتميزت هذه الجلسة بتسليم رئاسة المؤتمر من قبل المغرب إلى دولة قطر، كما تم تكريم المملكة من طرف المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) على الجهود المبذولة في ميدان التربية والتعليم.

ويمثل المغرب في هذا المؤتمر الذي ينعقد تحت شعار “التعليم الشامل وتمكين المعلمين: رؤية استراتيجية للتربية في الوطن العربي” إلى جانب السيد يونس السحيمي، السادة فؤاد شفيقي، المفتش العام للشؤون التربوية بالوزارة؛ ومحمد أضرضور، مدير الموارد البشرية وتكوين الأطر ومكلف بتدبير شؤون الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الرباط-سلا-القنيطرة وكريم حميدوش، الأمين العام بالنيابة للجنة الوطنية للتربية والعلوم والثقافة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *