تثار الكثير من التساؤلات حول الفيلم المغربي “كابونيكرو” الذي عرض في مهرجان مراكش السينمائي الدولي، والذي تناول موضوع الهجرة والشذوذ الجنسي.

*بروكسيل -جيهان عبادي

خلق الله الإنسان في أحسن تقويم وجعل له نظاماً متكاملاً يقوم على الفطرة السليمة التي تجمع بين الذكر والأنثى.

شرّع الزواج ليكون وسيلة لإشباع الغريزة الجنسية بشكل سليم ومثمر، يُحافظ على استمرارية النسل ويُحقق الاستقرار النفسي والاجتماعي.

قال تعالى: {فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} [القيامة: 39]. إلا أن ظهور الشذوذ الجنسي هو انحراف خطير عن هذه الفطرة السليمة، يؤدي إلى خلل في النظام الطبيعي الذي أراده الله لعباده.

الشذوذ الجنسي بين الفطرة والانحراف

الشذوذ الجنسي لا يمكنه تحقيق الغايات التي بُنيت عليها الفطرة، سواء من حيث إشباع الغريزة بطريقة سليمة، أو ضمان استمرارية النسل. بل إن هذا الانحراف يؤدي إلى اضطرابات نفسية واجتماعية خطيرة، ويُهدد استقرار المجتمعات ويضرب مقاصد الشريعة الإسلامية التي تسعى إلى حفظ النسل والعرض.

تجاوز حدود الفطرة يُعتبر جريمة من منظور ديني، حيث وصف القرآن الكريم هذا السلوك بالفاحشة والجهالة، كما في قوله تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 80].

الفيلم وانتقادات الترويج للشذوذ

في هذا السياق، تثار الكثير من التساؤلات حول الفيلم المغربي الذي تم عرضه في مهرجان مراكش السينمائي الدولي، والذي تناول موضوع الهجرة والشذوذ الجنسي.

بدلاً من أن يُسلط الفيلم الضوء على قضايا الهجرة الحقيقية، مثل الفقر، البطالة، والعنصرية، اختار تسليط الضوء على العلاقات الشاذة، مما يُثير الشكوك حول الأجندة الحقيقية وراء إنتاجه!!!.

 تناول مثل هذه المواضيع بطريقة تُروّج للشذوذ الجنسي يتعارض بشكل صارخ مع القيم الثقافية والدينية للمجتمع المغربي، الذي يُعتبر مجتمعاً محافظاً ومتجذراً في هويته الإسلامية.

بدلاً من أن يكون الفن وسيلة لمعالجة القضايا الاجتماعية وتعزيز القيم الأخلاقية، يُصبح أداة لتطبيع الانحرافات السلوكية وزعزعة القيم الأخلاقية!!!

 الفيلم يُسيء لصورة المغرب كبلد له هوية ثقافية ودينية واضحة.

ومن خلال عرضه لهذه العلاقات الشاذة وكأنها واقع مقبول أو طبيعي، فإنه يُضعف الصورة الأخلاقية للمجتمع المغربي أمام العالم ويُشوه القيم التي تمثلها الثقافة المغربية. علاوة على ذلك، فإن تطبيع هذا السلوك يُهدد الهوية الأخلاقية والثقافية للمجتمع، ويُضعف مناعته ضد موجات التغريب والانحلال.

أساليب الترويج للشذوذ الجنسي

لاشك أنه مع انتشار وسائل الإعلام الحديثة، أصبح الترويج للشذوذ الجنسي أكثر وضوحاً وخطورة.

لم يعد الأمر يقتصر على الكتب والروايات، بل أصبحت المنصات الإعلامية الكبرى، تُقدم هذه الأفكار بشكل مباشر وغير مباشر عبر الأفلام والمسلسلات!! بل وحتى في محتوى موجه للأطفال!!.

هذه المنصات تُشكّل خطراً حقيقياً على وعي المجتمع وأخلاقه، خاصة إذا تم تسويق هذا السلوك كجزء من الحرية الفردية أو التعبير الفني!!عن أي حرية التعبير نتحدث؟؟؟.

تصريح بعض الممثلين بأن “الناس لا تفهم حرية الرأي” هو تبرير سطحي لمحاولة تطبيع الشذوذ الجنسي تحت غطاء “الفن”.

حرية الرأي لا تعني المساس بالقيم الأخلاقية والدينية لمجتمع محافظ كالمجتمع المغربي، بل الحرية مسؤولية تُحترم فيها الفطرة والهوية الثقافية.

المجاهرة بالمعصية خطر إضافي

المجاهرة بالمعاصي، بما في ذلك الشذوذ الجنسي، تزيد من خطورة الظاهرة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه” (صحيح البخاري).

من المؤكد أن الإسلام الوسطي المعتدل المعتمد في المغرب، يدعو من ابتُلي بهذه الفواحش أن يستتر، وألا يكشف ستر الله عنه، بل أن يُسارع بالتوبة والعمل الصالح. قال تعالى: {إن الحسنات يُذهبن السيئات} [هود: 114].

إن المجاهرة بالسلوكيات المنحرفة تُعد اعتداءً على حدود الله، وتُساهم في تطبيع الرذيلة بين الناس.

مواجهة الظاهرة: أولوية مجتمعية

 مواجهة هذه الظاهرة تتطلب وعياً مجتمعياً شاملاً يبدأ من الأهل والمؤسسات التربوية والإعلامية. يجب توعية الأطفال والشباب بخطورة هذه السلوكيات على المستويات الدينية، النفسية، والاجتماعية.

كما أن الرقابة على المحتوى الذي يستهلكه الأبناء، سواء عبر الإنترنت أو وسائل الإعلام، باتت ضرورة ملحّة!!.

هذه الرقابة يجب أن تكون ذكية وناعمة، تعتمد على الحوار والإقناع بدلاً من القمع، لتُحقق نتائج فعّالة.

على المؤسسات الدينية والثقافية أن تلعب دوراً محورياً في التصدي لهذا الخطر، من خلال حملات توعية ودروس تُعزز القيم الأخلاقية والفطرة السليمة.

المعركة الحقيقية اليوم هي معركة الوعي، ولن نتمكن من الانتصار فيها إلا إذا توحدت جهود الجميع لمواجهة هذا المدّ المنحرف.

المجتمع مؤتمن على حفظ الهوية

 على من وقع في الخطأ أن يحفظ ستر الله عليه وألا يجاهر بمعصيته، لأن المجاهرة بها تُفسد المجتمع بأسره.

وعلى المجتمع أن يُدرك خطورة هذه الظاهرة، وأن يتصدى لها بكل الوسائل الممكنة، مع الحفاظ على قيمه وهويته.

*إعلامية مغربية مقيمة في بلجيكا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *