الملك لا يحتاج إلى بروپاغندا الصورة، فهو ملك لن يحبه الناس لصورته بل لشرعيته أولاً، كونه ضامن إجماعهم، واجتماعهم، وأمنهم بعد الله، وهذه أمور أعمق بكثير من ألف صورة.

*محمد بابا حيدة

أثارت صورة الملك رُفقة النسخة الجديدة من الحكومة الكثير من التساؤل، ومن القلق أيضاً  لدى المغاربة تجاه صحة ملكهم.

هذا أمر طبيعي بحكم العلاقة المتجذرة بين العرش والشعب على إمتداد قرون، لا سيما أنها المرة الأولى التي يظهر فيها في نشاط رسمي كبير بهذا الشكل.

بعض التعليقات على تلك الصور التي نشرتها وكالة المغرب العربي للأنباء رفقة بلاغ الديوان الملكي، ذهب أصحابها إلى أن إختيار الصورة لم يكن موفقاً من الناحية التواصلية، وأنه كان من الأفضل انتقاء صور أخرى!.

يعتقد أصحاب هذا القول، أن الملك يعتمد على “الصورة” في تواصله مع شعبه، وكأن الملك مثله مثل أي شخص عادي لديه طموح يدفعه للاشتغال على سمعته من خلال “انتقاء صوره” فيما يسمى في مجال التسويق الشخصي بالـ personal branding.

هذه نظرة يشوبها الكثير من القصور في فهم معنى أن يكون الشخص ملكاً.

ومعنى ذلك، أن الملك لا يحتاج إلى بروپاغندا الصورة، فهو ملك لن يحبه الناس لصورته بل لشرعيته أولاً، كونه ضامن إجماعهم، واجتماعهم، وأمنهم بعد الله، وهذه أمور أعمق بكثير من ألف صورة.

والمتتبع للمنهجية التواصلية التي تطبع شخصية الملك محمد السادس منذ اعتلائه العرش، سيلاحظ أنه لا يهتم كثيراً بشكليات الخطابة والظهور.

 لكن، جلالته، يركز، على شرعية الإنجاز بشكل أكبر، فقد تجد جزء كبير من المغاربة يتذكرون مقاطع من خطابات أو حوارات الراحل الحسن الثاني، لكن لا يتذكرون إلا القليل من حوارات للملك محمد السادس.

بينما سيتذكرون دوما، أن المغرب لديه واحد من أكبر عشر موانئ في العالم، و واحد من أسرع خطوط القطارات، وإحدى أكبر محطات توليد الطاقة الشمسية.. كلها مشاريع ستتذكر الأجيال أن صاحبها هو الملك محمد السادس.

من جانب آخر، فقد كان الملك واضحا أمام المغاربة فيما يتعلق بوضعه الصحي، لأنه يدرك أن صحته لا تعنيه وحده بل تعنينا جميعاً.

لذلك كلما أجرى عملية جراحية أو أصيب بوعكة يخرج بلاغ من الديوان الملكي يخبر المغاربة بالأمر.

والملك حفظه الله، هو قبل كل شيء إنسان، يعتريه ما يعتري البشر من صحة وسقم، ولأنه ملك وليس شخصاً عاديا فإن جلالته أكثر وعيا وإدراكا لهذه الحقيقة.

وإن كانت من دلالة لتلك الصورة فهي: نعم قد يمرض الملك، لكنه يقوم بمهامّه رغم كل ذلك. وهذا ما يغيض الأعداد في الخارج بكل تأكيد.

*كاتب صحفي متخصص في التواصل السياسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *