كأن المحكمة الأوروبية تقول أن جزئية رغبات السكان التي وردت في خطاب السلطان قبل (66) عاما لم تتحقق بعد، وقد مرت (5) عقود على طرد الاسبان و استرجاع المغرب للصحراء الغربية؟!!..
*مصطفى سلمى ولد سيدي مولود
في ال 10 فبراير 1958، شن التحالف الفرنسي الاسباني حملة عسكرية واسعة في الصحراء اسموها “أكفيون” او “المكنسة”، بهدف القضاء على جيش التحرير المغربي والحيلولة دون استكمال تصفية الاستعمار من الصحراء.
في اليوم الأخير من تلك الحملة الموافق ل 25 فبراير 1958، كان المغفور له السلطان محمد الخامس يقف على تخوم الصحراء في بلدة “امحاميد الغزلان” يستقبل حشود الصحراويين الفارين من القنابل الصليبية التي أتت على الأخضر واليابس في الصحراء.
وهناك خطب السلطان قائلا: “ليعلم الحاضر منكم الغائب أننا لن نتخلى عن صحرائنا وكل ما هو ثابت لنا بحكم التاريخ ورغبات السكان…”
وفي 4 اكتوبر 2024، بعد قرابة نصف قرن على تحقق وعد محمد الخامس باسترجاع الصحراء، خرجت علينا محكمة العدل الاوروبية لتقول في حيثيات منطوق حكمها الذي عطلت بموجبه اتفاقيات بين المغرب والاتحاد الاوروبي أن الاتفاق بين الطرفين يفتقد لشرط رغبات السكان بدعوى أن الاستشارة التي استند عليها لم تشمل “شعب الصحراء الغربية بل السكان الموجودين حاليًا في تلك المنطقة، بغض النظر عما إذا كانوا ينتمون إلى شعب الصحراء الغربية أم لا”.
و كأن المحكمة الأوروبية تقول أن جزئية رغبات السكان التي وردت في خطاب السلطان قبل (66) عاما لم تتحقق بعد، وقد مرت (5) عقود على طرد الاسبان و استرجاع المغرب للصحراء الغربية؟!!..
فما الذي يحول دون وضوح رغبات سكان لا يتجاوز تعدادهم عشرات الآلاف، بذلت الدولة المغربية مجهودات ضخمة في سبيل تنمية مناطقهم والرفع من مستوى معيشتهم، أهو عيب خلقي في فطرتهم (نكران جميل، و لؤم) أم سوء تدبير او حسد خارجي؟.
أخذا في الاعتبار طبعا ان هناك نزاعا مفتعلا حول مسألة تقرير مصير سكان الاقليم، قائما منذ خروج الاسبان واستكمال تصفية الاستعمار من “الصحراء الغربية” اواخر 1975، الذي يقترح فيه المغرب شكل من أشكال ادارة السكان المحليين لشؤونهم تحت السيادة المغربية، تعارضه في ذلك البوليساريو التي نصبت نفسها في بيانها التأسيس ممثلا وحيدا لسكان “الصحراء الغربية” قبل حتى أن تطأ قدم أي من مؤسسيها أرضهم، في تعارض تام مع مبدأ تقرير المصير ورغبات السكان.
ما سيدخل المنطقة في نفق مظلم، خاصة وان الحركة الوليدة باعت نفسها منذ اليوم الاول للجزائر، ورهنت تبعا لذلك قرار ومصير سكان الاقليم بطرف خارجي دون استشارتهم ومعرفة رغباتهم، “تعتبر (البوليساريو) التعاون مع الثورة الشعبية الجزائرية في مرحلة انتقالية عنصرا أساسيا..”كما جاء في الفقرة ما قبل الأخيرة من بيان البولبساريو التأسيسي الصادر في موريتانيا يوم 10 ماي 1973.
ورغم ان البيان التأسيسي للبوليساريو يثبت بوضوح انها “خرجت من الخيمة مائلة” فيما يتعلق بالسطو على رغبات السكان، إلا أن البعض يصر على تمحيص كل ما يتعلق برغبات الصحراويين داخل المغرب ويغض الطرف عن معاناة بني عمومتهم في معسكرات تيندوف المسماة جزافا “مخيمات لاجئين”.
*قيادي سابق في جبهة البوليساريو ولاجئ سياسي