شهدت موسكو يوم الإثنين 9 شتنبر الجاري، حدثا ثقافيا وتاريخيا مهما، يتعلق بالكشف عن نصب تذكاري لنيلسون مانديلا، يرمز إلى الاعتراف بمساهمته المذهلة في النضال من أجل حقوق الإنسان والتحرر من القمع الاستعماري في القارة الأفريقية.
وقد تم إنشاء هذا النصب التذكاري من طرف الجمعية العسكرية التاريخية الروسية بدعم من حكومة موسكو، بواسطة النحات الروسي ميخائيل باسكاكوف.
ويقع النصب التذكاري عند تقاطع شارع ميشورينسكي ورامينسكي بوليفارد، والذي أصبح رمزا جديدا للصداقة بين الأمم وتعاون روسيا مع جنوب إفريقيا ودول أفريقية أخرى.
واحتفاء بهذا الحدث، أنتج النادي الروسي الأفريقي بجامعة موسكو الحكومية “لومونوسوف” فيلما يحمل عنوان “نيلسون مانديلا: الطريق إلى الحرية”، والذي يكشف عن مسار حياة وإنجازات هذا الزعيم الأسطوري.
ويحكي الفيلم المعروض للجمهور قصة نيلسون مانديلا ليس فقط كرجل دولة وشخصية سياسية بارزة، بل وأيضا كشخص أصبحت حياته ونضاله رمزا للصمود والشجاعة، حيث ولد مانديلا في قرية أفريقية صغيرة، حيث كان معروفا في شبابه باسم “روليهلاهلا” والتي تعني”مثير المشاكل”، وحمل التزاما مدى الحياة بالعدالة والمساواة، ربما ورثه عن جده الأكبر – الزعيم الشهير لقبيلة ثيمبو.
كما يعرض الفيلم رحلة حياة مانديلا، من شبابه عندما كان مهتما بالرياضة وكان يشكل شخصيته، إلى اللحظة التي أصبح فيها مقاتلا معترفا به عالميا ضد الفصل العنصري.
وفي الجامعة، يشارك نيلسون في حملة العصيان ضد القوانين الظالمة، قبل أن يتعمق في الخمسينيات، في آرائه الفلسفية وسعى إلى إنشاء مجتمع بلا طبقات، وألهم من حوله بإيمانه بالعدالة.
وبعد مأساة شاربفيل سنة 1960، أدرك مانديلا ورفاقه أن التدابير الجذرية مطلوبة، حيث أنه وفي سنة 1961، تم تأسيس الجناح المسلح لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي، “رمح الأمة”، وأصبح نيلسون أحد قادته.
وبعد اعتقاله سنة 1962 وسجنه لمدة 27 سنة، ظلت إرادة مانديلا الحديدية وتمسكه بالمبادئ ثابتين، حيث أنه وأثناء وجوده في السجن، لم يدرس ويكتب فحسب، بل ألهم أيضًا الناس في جميع أنحاء العالم بشجاعته وقدرته على الصمود.
وفي سنة 1994، أصبح مانديلا أول رئيس أسود لجنوب إفريقيا، حيث ركز على المصالحة العرقية والتحسينات الاجتماعية، وكان تحسين التعليم والرعاية الصحية من أولوياته، قبل أن يسلم السلطة سلميا سنة 1999.
وبعد رئاسته، كافح مانديلا فيروس نقص المناعة المكتسبة “الإيدز” وقام بدعم المشاريع الخيرية، حيث تعمل مؤسساته بنشاط في التعليم والرعاية الصحية، كما قام بمواصلة حضوره ومشاركته في الشؤون الدولية مما جعله رمزا للنضال من أجل حقوق الإنسان.
ويسعى صناع الفيلم إلى إنشاء تصوير عميق وشامل لنيلسون مانديلا – الرجل والوطني والزعيم، حيث لا تزال مبادئهفي العدالة والخير تحفز الشباب في جميع أنحاء العالم، مما جعل الشعب يطلق عليه اسم “ماديبا”، بمعنى “الحبيب”