محدودية مجموعة من الحقائب الوزارية وتعرض أخرى للإهمال، وتعطلت وظائف بعضه، بات من الواجب إحداث حقيبة وزارية أو مديرية مستقلة للإشراف على مالية والصفقات العمومية الخاصة بالمجالس المنتخبة. وتقنين عمليات تسليم الرخص بعيدا عن التلاعبات وعمليات النصب والابتزاز. لما لا يتم توسيع دائرة ومهام مديرية الجماعات المحلية التابعة لوزارة الداخلية.

* بوشعيب حمراوي

بعد مرور النصف الأول من عمر ولاية حكومة عزيز أخنوش، أقرت أحزاب الأغلبية وقبلها مكونات في الحكومة، بحتمية التعديل الحكومي، لأسباب عدة لعل من بينها، تعرضت حركية مجموعة من الحقائب الوزارية للإهمال. وتعطلت وظائف ضها.

لقد اتضح جليا محدودية مقاربة (زواج المتعة) الذي اعتادت الحكومات المغربية اللجوء إليه بضم مجموعة من الوزارات في وزارة واحدة، للظهور أمام الرأي العام بمظهر الحكومة المقلصة التعداد الوزاري أو المصغرة الحجم.

عملية التزاوج لمجموعة من الوزارات تبرز مع ميلاد كل حكومة جديدة، بدون أدنى توضيحات أو حتى إعداد قبلي. وتسقط الحكومة في مشاكل وأزمات مجانية، تعيق عمل الوزراء المعينين. وتشل أو تلغي الخدمات والبرامج والمخططات المبرمجة سلفا. وتضر بالتدبير الإداري والسير العادي للمرافق العمومية التابعة لها.

علما أن منصب (الوزير) يبقى منصبا سياسيا. يمنح عادة لوافد غريب عن الوزارة، تعيين تفرضه تكتلات الأغلبية الحزبية. وتبقى أبواب ونوافذ ورفوف تلك الوزارة مجهولة لدى القادم الجديد لعدة أسابيع أو ربما أشهر.

 لقد أثبتت التجارب، أن هكذا مقاربة تبقي وزرات تعدد الزوجات، تظل مدارة من طرف الموظفين المسؤولين داخل مكاتبها المركزية وباقي مرافقها الخارجية (الجهوية والإقليمية والمحلية).

فما بالك بوزير يعين على رأس وزارة، أريد لها أن تحمل عدة حقائب وزارية. ويطلب منه أن يعيد نسج حقيبة جديدة لحمل كل تلك الحقائب بحمولاتها الإدارية والبشرية والبنيوية ؟.

  حقيبة الرياضة عالقة ومرافقها تتعرض للتلف

لم توفق وزارة التربية الوطنية في فك شفرات حقيبة (وزارة الرياضة) وفتحها من أجل الاستفادة من خدماتها المتنوعة وخصوصا على مستوى العمالات والأقاليم والولايات.

فباستثناء الظهور الإعلامي للوزير بنموسى في المحافل الرياضية الوطنية والدولية، والتسويق الإعلامي المطعم بإنجازات نجوم الرياضة المحتضنين أصلا من طرف الجامعات الملكية لتلك الرياضات، وفي مقدمتها جامعة كرة القدم.

 فإن حقيبة الرياضة تبقى مهملة منذ إرفاقها بوزارة التربية الوطنية.

وتبقى علامات الاستفهام تصاحب كل ما يتعلق بتسيير وتدبير البنية التحتية الرياضية إقليما وجهويا. من تجهيزات ومرافق إدارية وملاعب وقاعات ومسابح وغيرها.. حيث لازالت معظم تلك المرافق إما مغلقة أو مشغلة بطرق غامضة.

 وبموارد بشرية تعاني من الخصاص ومن ضبابية التعامل مع الإطار القانوني للموظفين القادمين من (وزارة الرياضة) سابقا.

وكيفية إدماجهم قانونيا تحت لواء (وزارة التربية الوطنية). ظلت مشاريع رياضية عالقة، وأخرى كانت على وشك الإنجاز. فتوقف الحديث عنها رسميا. ولم يعرف بعد هل تم تأخيرها أم إلغاؤها.  

دروس التربية البدنية.. مفتاح التنمية الرياضية

رغم كل ما أشرته إليه سابقا من عدم قدرة وزارة التربية الوطنية على تفعيل خدمات حقيبة الرياضة، وصيانة وإصلاح مرافقها وتدبير مواردها البشرية الغير كافية.

 هناك من هو مع ضم حقيبتي وزارتي التعليم المدرسي و الرياضة، على اعتبار أن المؤسسات التعليمية هي المشاتل الحقيقية لإنتاج نجوم الرياضة. والتأثيث لأجيال قوية وسليمة جسمانيا وعقليا.  وعلى اعتبار أن المؤسسات التعليمية تتوفر على البنيات والتجهيزات اللازمة لممارسة جل أنواع الرياضات الفردية والجماعية.

كما تتوفر على الموارد البشرية اللازمة المشكلة من أساتذة ومفتشي مادة التربية البدنية. خريجي مدارس عليا متخصصة. أكثر من كل هذا فإن المشاتل الرياضية للمؤسسات التعليمية هي تحت إشراف أطر للتربية قبل التعليم. والذين يمارسون أدوار الأبوة والأمومة قبل التدريس. ويأملون (كما الآباء والأمهات) أن يرتقي مستوى إبداع التلاميذ في كل المجالات بما فيها الرياضية والثقافية. فالكل درك جيدا أن الأستاذ هو الشخصية الثانية بعد الأب والأم، الذي يعمل بجد من أجل أن يكون التلميذ في مرتبة عليا

داخل المؤسسات التعليمية، تحدث الأندية الرياضية. وفروع الجمعية الوطنية للرياضات المدرسية.  وهناك مديرية الارتقاء بالرياضة المدرسية، والجامعة الملكية المغربية للرياضة المدرسية.. والتي بإمكانها أن تعمل بتنسيق مع باقي أقسام ومصالح وزارة الرياضة. من أجل تكوين النجوم والأبطال. وجعل الرياضة في قلب برامج الحياة اليومية للمواطنين.

وكم هو مؤسف أن ترى الأطفال والشباب يمارسون أنواع من الرياضات بالأزقة والشوارع، وبجوار منازلهم مؤسسات تعليمية بها ملاعب وفضاءات رياضية فارغة، وتجهيزات رياضية تتعرض للتلف والصدى.

كما كم هو مؤسف أن تؤسس جمعيات رياضية من طرف أشخاص لا علاقة بالرياضة. همهم الوحيد الحصول على منح الجماعات الترابية وأموال المساهمين (المحسنين)، في الوقت الذي كان بالإمكان الاستعانة بأساتذة التربية البدنية.

ألم يحن بعد موعد تقييم حصيلة قطاعي الرياضة بالتعليمين المدرسي والجامعي. ذلك القطاع المصاب بالعقم، رغم أن ما ترصده له وزارة التربية والتكوين من مبالغ سنوية ضخمة، وما توفره له من جيوشا من الأطر التربوية والرياضية والبنيات والتجهيزات؟ .

ألم يحن الوقت للوقوف على أن برامج التربية البدنية والأنشطة الرياضية وحصصها المعتمدة مدرسيا وجامعيا، والإقرار بفشلها؟ والتعجيل بإعداد نموذج تنموي رياضي جاد ومنصف، يجعل من المدارس الابتدائية والثانويات والمعاهد والكليات، مشاتل حقيقية لإنتاج النجوم والأبطال في مختلف الرياضات.

 والأهم من كل هذا إعداد أجيال سليمة العقل والجسد. وقادرة على الدراسة والتكوين والتميز.  ووقف زحف الانحراف والإجرام والتطرف.

تساؤلات عدة حول مستقبل الرياضة المدرسية والجامعية ومدى استفادة التلاميذ والطلبة من برامجها السنوية في ظل تردي الأوضاع التعليمية. إذ لم تعد تشكل أدنى حافزا للتلاميذ ومعهم الآباء المستاءين من نتائجهم الدراسية المتدهورة وانحرافاتهم التي تضاعفت وتنوعت.

الموت البطيء بسبب ضعف الاهتمام بمادة التربية البدنية، وتدهور الملاعب الرياضية وانعدامها داخل معظم المؤسسات الابتدائية العمومية، ومعظم المؤسسات التعليم الخصوصية.

كما أن أنشطة ومنافسات الرياضة المدرسية والجامعية محليا، إقليما، وطنيان وحتى دوليا. لم تعد تشد إليها أنظار التلاميذ والطلبة، ولا أولياء أمورهم.

كما لم تعد تثير اهتمام المهتمين بالشأن الرياضي الوطني وعموم الجماهير المتعطشة للرياضيين الواعدين. لم تعد تشكل تحفيزات تمنح التلاميذ قوة التنافس  وتشحنهم بالروح  الرياضية التي اعتبرت من طرف أخصائي علم النفس، أسمى ما يمكن أن يجعل من التلميذ  شخصية متزنة ومتخلقة وجادة، وقابلة  للاستيعاب والتفاعل الايجابي.

لم تعد المؤسسات التعليمية التي استنزفت حرمتها وأدبياتها التربوية من طرف المشاغبين  والمنحرفين و (المخمولين) من التلاميذ والتلميذات، تشكل أحضانا لصقل الرياضيين الموهوبين، تترعرع داخلها الطاقات والكفاءات البدنية، فرغم ما تقوم به الوزارة الوصية من مبادرات خجولة، وعمليات تحسيسية بأهمية الرياضة التعليمية، وتوفير الفضاءات الرياضية والأطر التربوية، ورغم حرصها الشديد على تنظيم أنشطة ومسابقات رياضية، وتخصيصها مكاتب ومصالح وأقسام خاصة بالرياضة المدرسية والجامعية على مستوى المؤسسات التعليمية  و المديريات و الأكاديميات والجامعات والوزارة. فإن الحصيلة تبقى جد متدنية.

ولعل أبرز ما أثار و يثير استغراب العديد من المهتمين بالشأن المدرسي، طريقة التعامل مع التلاميذ والتلميذات الراغبين في الممارسة الرياضية أو طالبي الإعفاء منها. فطريق الإعفاء  لم يعد حكرا على الذين يعانون من أمراض وإعاقات تحول دون قيامهم بمجهودات عضلية، بل أصبحت الشواهد الطبية في متناول كل راغب في الابتعاد عن الممارسة  العضلية.

وحتى من طرف تلاميذ يمارسون رياضات مختلفة ضمن فرق محلية وجمعيات رياضية، لكنهم يفضلون إعفائهم من مادة التربية البدنية. وتحتل فئة الإناث النصيب الأكبر من طالبي الإعفاء من مادة التربية البدنية لاعتبارات تعود إلى عدم رغبتهن في ارتداء ألبسة رياضية  غير محتشمة، أو الاحتكاك مع الذكور أو بهدف الاستفادة من حصص التربية البدنية في أمور لا علاقة بالتعليم. كما أن الراغبين في الممارسة لا يخضعون لفحوصات تبين مدى استعدادهم الجسماني والنفسي لتطبيق البرنامج الرياضي دون التعرض لمضاعفات قد تضر بصحتهم.

ورغم أن مادة التربية البدنية تدخل ضمن المواد المدرسة بالتعليم الابتدائي، وقد خصصت لها الوزارة حصتين في الأسبوع، فإن كل المدارس الابتدائية العمومية لا تتوفر على مدرسين متخصصين في الرياضة  المدرسية، ومعظمهم لا يتوفرون على فضاءات لممارسة الرياضة، كما لا يتوفرون على برنامج سنوي يمكن اعتماده لتنمية قدرات التلاميذ الرياضية. بل إن هناك من يخضع التلاميذ لحصص التربية البدنية بملابسهم العادية.

 وإذا كانت الرياضة شبه غائبة داخل المدارس الابتدائية العمومية، فإنها منعدمة داخل المؤسسات الابتدائية الخصوصية وشبه منعدمة داخل الثانويات الإعدادية والتأهيلية الخصوصية. فالمؤسسات الخصوصية التي يوجد معظمها فوق مساحات ضيقة يستغل معظمها في بناء الحجرات والمرافق الصحية، بالكاد يبادر بعض أصحابها إلى خلق فضاء داخلها من أجل استرخاء التلاميذ أثناء فترات الراحة بين الحصص الدراسية أو ممارسة الرياضة بين الفينة والأخرى بطرق خجولة لا تسمح بتطبيق البرامج السنوية لمادة التربية البدنية. 

وتزداد خطورة عدم ممارسة التربية البدنية لدى فئة الإعدادي والتأهيلي الذين هم مطالبون باجتياز اختبارات تدخل معدلاتها ضمن مجموع نقط التقييم المدرسي.

 وإذا كانت بعض الثانويات الإعدادية والتأهيلية تبادر إلى التعاقد مع بعض المؤسسات التعليمية من أجل الاستفادة من ملاعبها الرياضية وتجهيزاتها، فإن هذه العملية المرخصة من طرف الوزارة الوصية ناذرا ما يتم تفعيلها بسبب الاكتظاظ الحاصل أصلا داخل الثانويات العمومية.

والنتيجة أن تلاميذ الثانوية بسلكيه الإعدادي والتأهيلي لا يستفيدون من مادة التربية البدنية وتمنح لهم نقطا تقييمية خيالية تحتسب في المعدل العام للمراقبة المستمرة. كما يجدون صعوبة في اجتياز اختبار الباكالوريا رغم سلامتهم العضوية والنفسية، فيضطر معظمهم إلى الحصول على شهادة طبية لإعفائهم من الاختبار ومن نقطة مادة التربية البدنية.

 حقيبة الشباب اختفت داخل وزارة الثقافة

تسبب طلاق حقيبتي الرياضة والشباب، في إرباك خدمات المرافق الخاصة بحقيبة الشباب. التي يتعرض معظمها للتلف. وخصوصا (دور الشباب والمراكز السوسيو رياضية وغيرها…).

خصاص مهول في الموارد البشرية. وغياب الصيانة والحراسة. كما أن هناك مجموعة من الموظفين التابعين لقطاع الرياضة لازالوا يعملون داخل المرافق التابعة لقطاع الشباب.

 بل إن هناك خلط حتى لدى السلطات وباقي القطاعات والمجالس المنتخبة، في نوعية الخدمات المقدمة.

 قصور أداء حقيبة التواصل  

الأكيد أنه لم يكن موضوع تشييع جنازة المرحومة وزارة الاتصال أمرا عاديا. وقد شهد رواد الإعلام والاتصال على تحويل حقيبة وزارتهم إلى مجرد تابوت، وطمر جثمان وزارتهم التي عمرت لأزيد من ستة عقود.

معظم الإعلاميين يرفضون أن تكون مهنتهم ومقاولاتهم الإعلامية تحت رحمة وزارة يقودها سياسي يدار بأجهزة تحكم حزبية. وشعارهم دوما: الاتصال لكم .. والإعلام لنا

كما يرفضون الخضوع والخنوع لأية أهداف تغرد خارج سرب حرية الرأي واستقلالية التغطية والتشريح والتعليق والتحليل الصحافي المهني. ويؤمنون بقوة وانفراد الضمير المهني، والخطوط الحمراء التي يرسمها دستور البلاد.

بمعنى أننا كنا نريد فقط التخلص من وصاية الوزارة. إذ لا يعقل أن يزكي وزير صحفي، ويوقع أسفل بطاقته المهنية. وغالبا ما يكون ذلك الوزير لا علاقة له بالإعلام والصحافة.

 وهو ما عجل بإحداث المجلس الوطني للصحافة الذي نأمل أن يكون آلية مستقلة جادة وصارمة وحامية لقطاع الإعلام والاتصال.

طبعا تحقق هذا المطلب وأصبح لرواد الإعلام والصحافة حضن جديد حمل اسم (المجلس الوطني للصحافة). والذي هو في حاجة الى تقويم وتعديل وتقنين حتى يستوفي كل الشروط اللازمة المتوخاة.

لكن بالمقابل فالحكومة في حاجة ماسة إلى حقيبة وزارية للاتصال والتواصل. وليس إلى مرفق إداري لا يحمل إلا الاسم

بعيدا عن السلطة الرابعة. يجب أن ندرك جيدا أن أحد أهم أسباب قصور أداء الحكومة ووزراءها سواء زاد عددهم أو نقص، يعود بالأساس إلى ضعف جسور وقنوات الاتصال والتواصل.

حيث كل مسؤول أو وزير يغرد داخل سربه الذي أثثه على هواه. وحيث انعدام أقسام ومكاتب الاتصال والتواصل على مستوى الوزارة أو بين الوزارات، أو بين الحكومة والمجتمع المدني وباقي الفاعلين بالمغرب، وفي مقدمتهم ممثلي الإعلام والصحافة.

فلما الإصرار على محاولة المزج بين الاتصال والإعلام. علما أن لكل قطاع مهامه وأهدافه ورواده؟.

ولما لا تكون وزارة الاتصال هي الناطقة الرسمية باسم الحكومة وكل أعضاءها وإداراتها. وهي الجهاز الراعي لشبكة الاتصال والتواصل داخل كل المرافق الإدارية العمومية وبينها وبين باقي فعاليات المجتمع المدني. المفروض أن تحدث كل إدارة أو وزارة مكتب أو قسم للاتصال. مكلف بالتواصل مع باقي المرافق الإدارية داخل وخارج الوزارة. ومع فعاليات المجتمع وممثلي الصحافة والإعلام. من أجل مدهم بالمعلومات والبلاغات والتوضيحات والإعلانات والمستجدات… وترتيب اللقاءات..

والمفروض أن تحدث مديريات إقليمية وجهوية لوزارة الاتصال، مهمتها التنسيق مع مكاتب وأقسام الاتصال بكل المصالح الداخلية والخارجية للعمالات والأقاليم والجهات. وأن تنكب على تجميع المعلومات وتحليلها. وجعلها رهن إشارة الصحافيين والباحثين والمهتمين. وتدخل بذلك في إطار تقريب المعلومة، والتخفيف من معاناة الصحافيين، الذين يقضون الأيام بين رفوف مكاتب ومصالح الأقسام الخارجية والداخلية من أجل الظفر بالمعلومة.

 كما تمكن تلك المديرية الإقليمية والجهوية من معرفة برامج ومخططات كل القطاعات، ومدى توافقها وتلاؤمها. عوض أن نجد أن قطاع ما يبرمج على هواه مشاريع تنموية. تصعب أجرأتها لتعارضها مع برامج ومشاريع قطاعات أخرى.

مع الأسف فإن من حضر تشييع جنازة وزارة الاتصال، قدم التعازي لرواد الإعلام والاتصال. على اعتبار أنهم فقدوا (الأم الحاضنة)، ونسوا أو تناسوا أن تلك الأم لا تقربهم في شيء. وأنهم عاشوا في كنفها برغم أنوفهم.

كما عاشوا سابقا تحت وصاية أم الوزارات (الداخلية). ولم يدركوا أنه بفقدان وزارة الاتصال تم الإفراج عنهم. وأن موتها هو خسارة للحكومة التي فتحت حقيبة لمدة 60 سنة. ولم تستوعب قيمة خدماتها الحقيقية.

وأن هاجس التحكم في الإعلام والصحافة شغلها إلى درجة أنها صبت كل اهتمامات تلك الوزارة نحو رواده. وغفلت عن مهمة الاتصال والتواصل التي تعتبر بمثابة التيار الكهربائي الذي يزرع الحياة، وبدونه تبقى الإدارات وخدماتها في عزلة تامة.

لو كانت لدينا وزارة الاتصال بالمفهوم الحقيقي للاتصال، ومديريات إقليمية، لتم الحسم في قرار وزير الداخلية القاضي بفرض إحداث مكاتب للاتصال داخل الجماعات الترابية، والذي لازال عالقا منذ شهر مارس من السنة الماضية.

حيث لم يتم العمل بقانون الحق في الحصول على المعلومات، المفروض أنه انطلق يوم الثلاثاء 12مارس 2019، وكان من المفترض أن يتمكن المواطنين والإعلاميين والحقوقيين وكل الأشخاص الذاتيين والمعنويين، من التقدم إلى مقرات الهيئات والمؤسسات العمومية المدنية، من أجل الحصول على معلومات عامة أو خاصة لا تتعارض مع القانون والسر المهني. وراسلت وزارة الداخلية العمال والولاة، تطالبهم بفرض تعيين موظف أو موظفين داخل مجالس الجماعات الترابية للتكفل بمهمة جمع المعلومات، واستقبال الطلبات والرد عليها. مكلفين بتلقي طلبات الحصول على المعلومات تنفيذا للقانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات.

ودعت إلى وضع برنامج عمل سنوي لتدبير المعلومات التي في حوزتها وتحيينها وترتيبها وحفظها وكذا تحديد ونشر المعلومات المشمولة بالنشر الاستباقي مع مراعاة المعلومات المستثناة بمقتضى القانون. لكن لاشيء تم .. فمعظم الجماعات الترابية ومجالس العمالات والأقاليم والجهات والغرف المهنية. بلا مكاتب للاتصال. ولا أدنى تجاوب مع الإعلام والفاعلين.

الحماية الاجتماعية لا يمكن حصرها داخل وزارة الصحة

بات من المفروض إعادة النظر في المفهوم السائد للحماية الاجتماعية. الذي يبدأ من حاجيات المواطن الأساسية في التغذية والصحة والتعليم والسكن.. وينتهي بالتأكيد على أن الوطن أولى بكل حماية.

 وبالتالي فلا يمكن حصر (الحماية الإجتماعية) داخل وزارة ما. بل يجب أن توفر لها حقيبة خاصة.   فكل مشروع أو مبادرة تستهدف الفئات الهشة، لابد لها أن تراعي مصلحة الوطن، وألا يكون من تبعاتها رهن البلاد للمجهول، وألا تغرقه في الديون والتبعية العمياء. لأن من شأن ذلك أن يزيد من إفقار الشعب وضرب الاقتصاد الوطني. مناسبة حديثي ما تعيشه البلاد من سوء تدبير لكل أشكال الدعم الخاصة بالفئات الهشة.

  لن أخوض في مشروع قانون رقم 72.18 المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات، والذي وضعت الدولة سكتهن وننتظر إخراجه لأرض الواقع.

 ما أريد أن أبرزه في هذا الركن، هو تبيان الصحيح من الخطأ في مطلب الحماية الاجتماعية بالمغرب كما في عدة دول تعطل مصعد نموها وانتقالها الديمقراطي. فالصحيح أن تحدث الحكومة حقيبة خاصة، وتواظب على توفير حقوق المواطنين باعتماد برامج ومخططات مبنية على دراسات ميدانية علمية ودقيقة. وأن تبادر إلى ترسيخ ثقافة الحماية الاجتماعية لدى كل شرائح المجتمع المغربي.

بالتضامن والتلاحم وعودة الثقة بين الأفراد، داخل الحي والدوار والدرب.. وداخل الأسر. وبينها وبين من يدبرون شؤونهم محليا، جهويا ووطنيا. منتخبين أو موظفين بمختلف أسلاكهم وتموقعاتهم وتلويناتهم داخل الإدارات العمومية والخاصة. والأهم من كل هذا أن يستوعب الأطفال مفهوم تلك الحماية داخل المدارس والمنازل.

نزيف أموال الجماعات المحلية يفرض إحداث حقيبة

بات من الواجب إحداث حقيبة وزارية أو مديرية مستقلة للإشراف على مالية والصفقات العمومية الخاصة بالمجالس المنتخبة. وتقنين عمليات تسليم الرخص بعيدا عن التلاعبات وعمليات النصب والابتزاز. لما لا يتم توسيع دائرة ومهام مديرية الجماعات المحلية التابعة لوزارة الداخلية.

وإحداث مديريات إقليمية وجهوية تابعة لها. مهمتها الإشراف على الصفقات العمومية الخاصة بالمجالس المنتخبة، وتتبع الأشغال. ألا يكفي لتلك المجالس أن تقترح ما تريد من مشاريع وخدمات، وتصادق عليها في دورات عادية أو استثنائية. وتحويل تلك المقررات إلى السلطات المحلية التي تؤشر على المشروع منها. وتحوله إلى المديرية المعنية. عوض إرجاعها إلى تلك المجالس التي تعبث بكل مساطرها ؟

 إن ما يضر بمالية وخدمات المجالس المنتخبة بكل أنواعها (مجالس الجماعات، مجالس العمالات والأقاليم، مجالس الجهات، الغرف المهنية… ).  يكمن في التلاعبات التي يمارسها  رؤساء تلك المجالس ومكاتبها المسيرة لتمرير الصفقات العمومية الخاصة بالمشاريع المقررة داخل ترابها.

و(البونات) الخاصة بالوقود والمشاريع والخدمات الصغرى التي تمرر للأقرباء والموالين. وكذا التلاعبات في منح الرخص الخاصة بالبناء والاستغلال وغيرها من الرخص التي تمكن المستفيدين منها من الحصول على أرباح طائلة تجعل بعضهم إلى المبادرة بتقديم رشاوي مالية مقابل تحقيقها بغض النظر عن مدى مشروعيتها. لو تم إبعاد المنتخبين عن الصرف المباشر لميزانية الجماعات. لما وزع المال خلال الحملات الانتخابية. ولما بادر الفاسدون إلى الترشح.

في الاتصال كما في الحماية الاجتماعية، لقد أثبتت تجربة وزارات تعدد الزوجات بعد مرور النصف الأول من عمر ولاية حكومة عزيز أخنوش، محدودية مجموعة من الحقائب الوزارية وتعرض أخرى للإهمال، وتعطلت وظائف بعضها. فهل يصحح التعديل الحكومي الوضع الحالي؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *