بعد الجدل الواسع الذي خلفه الفيلم الهندي “حياة الماعز”، والذي يحكي عن معانات العمال الأجانب بالسعودية، خرجت شبكة “إنترنيشن” الألمانية الشهر الماضي، باستطلاع تلمع فيه صورة العمل داخل المملكة السعودية.
وأكد الإستطلاع، عن ارتفاع ترتيب السعودية إلى المركز الثاني كأفضل دولة للعمالة الوافدة في العالم، بعد رحلة التحول التي خاضتها المملكة.
وأوضحت شبكة “إنترنيشن”، أن ترتيب السعودية في المرتبة الثانية جاء خلف الدنمارك في مؤشر العمل بالخارج، حيث اعتبرها أكثر من نصف المشاركين سوق إيجابية للعمل.
ووفقاً لـ 5 مؤشرات في استطلاع الرأي، حلّت السعودية في المراتب العشر الأولى بين بلدان العالم كأفضل أماكن للعمالة الوافدة. وجاء ترتيبها في المركز الأول في المؤشر الفرعي لآفاق العمل، والثاني عالمياً للراتب والأمن الوظيفي، بينما احتلت المرتبة السابعة في مؤشر ثقافة العمل والرضا الوظيفي.
يذكر أن ترتيب السعودية قفز من المرتبة الـ 14 في عام 2023.
ويقيس استطلاع الرأي السنوي لـ “InterNations” عدداً من عناصر الرضا الوظيفي والمرتبطة بكل جوانب العمل والحياة حول العمل والأجور والتوازن بين العمل والحياة، وغيرها.
وبحسب الاستطلاع، فإن 75 في المئة من العمالة الوافدة إلى السعودية، يعتقدون أن خطوة الانتقال إلى المملكة حسنت آفاقهم المهنية.
وفيما تتمتع السعودية باقتصاد قوي وراسخ عالمياً، فقد عبّر 82 في المئة من المستجيبين للاستطلاع عن رضاهم عن حالة الاقتصاد المحلي.
بينما كانت أبرز السلبيات مرتبطة بساعات العمل الطويلة والتي تصل إلى نحو 48 ساعة أسبوعياً مقابل 42.5 ساعة عمل كمتوسط عالمي.
وأثار الفيلم الهندي “حياة الماعز” الذي عرض على نتفلكس ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب قصته التي أغضبت الكثيرين وخاصة السعوديين لما يتناوله من أحداث وصفوها بالمسيئة لهم بسبب نظام الكفيل.
أطلق فيلم حياة الماعز، صرخة نقدية في وجه عقلية مجتمعات عرب البترودولار ، والتي تعيش بفضل إستقدام العاملات والعمال من دول شرق أسيا الفقيرة إلى جانب دول من افريقيا.
وأدان الفيلم، أساسا، نظام الكفيل المعمول به في دول عرب البترودولار ، لاستقدام العاملات والعمال، لتولي العديد المهام والأشغال.
ووضع الفيلم، وجه دول عرب البترودولار ، حكومات ومجتمعات أمام مرآة حقيقة تحكم عقلية العبودية المقنعة في التعاطي مع العمال الأجانب.
وعلى الرغم من خروج عدد من تلك الدول من ترسبات الماضي في التعامل مع العمال الأجانب بفضل العديد من الإصلاحات، إلا أن الفيلم جاء لينبه إلى أن المسألة تتعلق بعقليات أكثر منها بإصلاحات .
ويعرف نظام الكفيل في السعودية؛ هو أن يجلب صاحب عمل ما، عاملا ويكون هو كفيله ومسؤول عنه وعن إقامته وكل تفاصيله.
ولعلمه بأن الفيلم سيحدث جدلا وربما مشاكل مع السلطات السعودية، وضع المخرج في مقدمة الفيلم ملاحظة تقول إن “الفيلم لا يقصد الإساءة لأي بلد أو شعب أو مجتمع أو عرق”.
ومع ذلك أثار الفيلم الهندي موجة جدل واسعة بين النقاد، ورواد مواقع التواصل الاجتماعي الخليجيين، بين معترض على طريقة طرح فكرة نظام الكفالة في المملكة العربية السعودية، وآخرون رأوا أنه عمل إبداعي يندرج تحت عنوان حرية الإبداع ولا يعبر عن الواقع.
ويروي الفيلم قصة لشخص اسمه (نجيب)، شاب هندي سافر إلى السعودية بحثا عن عمل ليجد نفسه أمام شخص سعودي ادّعى أنه كفيله وأخذه إلى الصحراء ليرعى الغنم، حيث عاش هناك لسنوات في الصحراء مجبرا ولا يستطيع الفرار.
ومما انتقده الفيلم، الذي شاهدته جريدة le12.ma، هناك ظاهرة «الصراخ»، في حديث عرب البترودولار ، لأتفه الأسباب، فيما بينهم وحتى مع غيرهم من باقي الجنسيات.
في الفيلم، يظهر (نجيب) معزولا عن العالم، وحيدا مع سيده وحيواناته، يكتوي بالحرارة الشديدة في صحراء قاسية، على بُعد أميال من أقرب طريق، دون أن يتمكن من الوصول إلى هاتف أو ورقة أو قلم للكتابة، ودونما صديق، يشرب الماء من نفس الحوض الذي تشرب منه حيواناته.
يتوسل (نجيب) في مشهد مؤثر يمزق القلب، والدموع تنهمر على وجهه وهو يحكي كيف باع كل شيء وغادر عائلته، كل ذلك سعيا وراء وظيفة موعودة؛ لكن كلماته باللغة المالايالامية لم تجد صدى لدى رئيسه الذي لا يتحدث سوى العربية.
وجدير بالذكر أن نحو مليوني هندي و100 ألف من ولاية كيرالا يعيشون في الخارج، هاجر منهم ما يقرب من 90 في المئة إلى دول الخليج، متأثرين بالعلاقة طويلة الأمد التي امتدت لأكثر من خمسة عقود، والتي تربط الولاية بالبحرين والكويت وعُمان وقطر والسعودية والإمارات في شبه الجزيرة العربية.