في بهو مطار الرباط-سلا، هرول الجميع لالتقاط الصور مع البطل الأولمبي المغربي سفيان البقالي، مع حرصهم على أن تكون ذهبية “باريس 2024” اليتيمة أمام خلفية شعار الجامعة الملكية المغربية لرياضة ألعاب القوى التي يرأسها عبد السلام أحيزون منذ 18 سنة.

هكذا كان المشهد منذ دورة “بيكين2008”، مرورا بلندن وريو ثم طوكيو وباريس، لم يتحسن حال ألعاب القوى في عهد أحيزون ومن معه، حيث طال مقامهم على كراسي تسيير رياضة “أم الألعاب” مع كل فلتة أولمبية.

لحسن الحظ، عرت أنوار العاصمة الفرنسية على واقع ألعاب القوى المغربية بعيدا عن إنجاز البقالي الأسطوري، حيث اكتفينا بمتابعة سباق 1500 متر ونحن أصحاب رقمه القياسي العالمي، كما تابعنا سباق 400 متر حواجز سيدات ولنا بطلتان أولمبيتان في هذا التخصص.

نعم، لقد كان الكروج حاضرا وهو يرى الشاب أنس الساعي منهك القوى لا يقدر حتى على ضمان مكان في نهائي “عروس السباقات”، كما كانت نوال تتابع من المقصورة الرئاسية مواطنتها نورا النادي وهي بعيدة كل البعد عن حاجز 52 و53 ثانية لمقارعة كبيرات الحواجز.

هجرنا السباقات المتوسطة والطويلة، كأننا لم نقدم يوما ما أبطالا على غرار سعيد عويطة، ابراهيم بوطيب، خالد السكاح، خالد بولامي، علي الزين، ابراهيم لحلافي..لم تعد منظومة أحيزون قادرة حتى على منحنا اسمًا مغربيا يحفظ ماء وجه المشاركة ما أدراك أن يكون مشروع بطل أولمبي على غرار السلف الصالح.

صرفت الملايير من ميزانية الدولة على المراكز الجهوية لألعاب القوى، إلا أن النتيجة هي تقهقر كبير على مستوى تأهيل الأبطال والبطلات، على الأقل، من أجل تحقيق “المينيما” للحضور في بطولات العالم والألعاب الأولمبية.

بالأرقام، شارك المنتخب الوطني للسيدات بدورة “باريس2024” في ثلاث تخصصات فقط؛ 400 متر حواجز (نورا النادي)، 800 متر (آسية رازيقي) ثم سباق الماراتون (كوثر فركوسي، فاطمة الزهراء كردادي ورحمة الطاهيري)، علما أنه في دورة “ريو 2016” شاركنا بحضور نسوي وازن في خمس تخصصات متنوعة.

تراجع على مستوى الكم والكيف، حيث أنه فشلنا في تأهيل جل أبطالنا وبطلاتنا للعب السباقات النهائية، باستثناء البقالي وتيندوفت في تخصص 3000 متر حواجز؛ عبد العاطي الكص تغيب عن خط انطلاقة سباق 800 متر وأنس الساعي خرج من نصف نهائي سباق 1500متر، فيما بصم ثلاثي الماراثون على ظهور محتشم بعيدا عن المراكز المتقدمة.

الخطير في حصيلة “باريس 2024” أن بوادر العمل على مشروع مستقبلي لا تظهر في الأفق، كما كان الأمر لما اتقدت شعلة البقالي في 2016 حين حل رابعا في السباق النهائي لدورة ريو، فما نجنيه اليوم من ثمار الفشل ينذر بمستقبل قاتم لرياضة ألعاب القوى في المغرب، مقابل تقدم مدارس أخرى.

بعيدا عن كراسي المسؤولية، أهل الاختصاص يبكون حاضر الرياضة في المغرب؛ هشام الكروج لمح لها أمام ملعب فرنسا، نزهة بيدوان كتبتها في تدوينة، الحسين بنزريكينات قالها على الهواء مباشرة، عزيز داودة وعبد القادر قادة يعاينون بحسرة..عبد السلام أحيزون ومن معه، وحدهم سعداء بما تحقق!

في انتظار دورة “لوس أنجليس 2028”..تحتاج ألعاب القوى المغربية لثورة حقيقية وإرادة تغيير صادقة

*عمر الشرايبي/ صحفي مغربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *