قال رياض مزور، وزير الصناعة والتجارة، إن المغرب يطمح إلى صناعة طائرة مغربية كاملة تقلع من مطارات المملكة لأول مرة.
الرباط –le12
عبر رياض مزور، وزير الصناعة والتجارة، عن اعتزازه بالمكانة التي وصل إليها المنتوج المغربي والاعتراف بجودته وتنافسيته.
وأبرز أن المجهودات متواصلة بسرعة كبيرة لفرض علامة ”صنع في المغرب”، وكسب رهان تسويق المنتوج المغربي بعلامة مغربية.
وشدد مزور في برنامج ”بدون لغة خشب”، أمس الجمعة، أن المغرب يتوفر على قدرات تقنية متكاملة وصناعة حقيقة للسيارات.
وأشار لى أن المغرب يسعى لإنتاج مليون سيارة سنويا في أفق الوصول إلى إنتاج مليون و400 ألف سيارة سنويا في نهاية الولاية الحكومية.
من جانب آخر، أشار مزور إلى أن المغرب يطمح إلى صناعة طائرة مغربية كاملة تقلع من مطارات المملكة لأول مرة.
ووصف ذلك، ب «حلم كبير ومشروع، ويمكن بلوغه بالاشتغال والاجتهاد المتواصل».
يذكر أنه خلال العقدين الماضيين، شهد قطاع صناعة الطائرات في المغرب نموا متصاعدا ليشكل بذلك مع صعود حكومة عزيز أخنوش، قصة نجاح متواصلة، وفق خبراء اقتصاديين.
حرص ملكي وتنفيذ حكومي
حرص الحكومة على النهوض بصناعة الطائرة، سيؤكده رئيس الحكومة عزيز أخنوش، من جديد في يونيو 2022، عندما قال لدى زيارته لقطب صناعة الطيران بالنواصر، أن هناك آفاقا واعدة تنتظر قطاع صناعة الطيران بالمغرب، خاصة وأن شركات عالمية كبرى مستعدة لمواصلة هذا المسار الصناعي المهم الذي تقوده بلادنا تحت رعاية صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وقال في تصريح صحافي، “اليوم نحن في آفاق جديدة بالنظر لوجود إمكانيات كبرى في هذا القطاع الذي يشهد تحولا كبيرا”.
وفي سياق متصل أبرز أخنوش، أن صناعة الطيران بالمغرب هي في تطور مستمر منذ أن أعطى صاحب الجلالة الملك محمد السادس انطلاقة هذا القطاع على المستوى الوطني قبل عقدين من الزمن، وكذا الاهتمام الكبير الذي يوليه جلالته لهذه الصناعة المهمة.
وأوضح رئيس الحكومة، وقتها، أن هذا التطور يتجسد بشكل خاص في وجود تحول نوعي تكنولوجي كبير يشهده هذا القطاع، فضلا عن وجود استثمارات رفيعة لمجموعات عالمية كبرى.
واستطرد قائلا ” في سنة 2020 توقفت حركة أسطول الطائرات في العالم، وكان يقال وقتئذ إن هذه الصناعة انتهت تماما “، بيد أن العكس هو الذي يحصل حاليا، لافتا على سبيل المثال لا الحصر، إلى أن قطاع صناعة الطيران الوطني يشهد نموا ب60 بالمائة خلال الخمسة أشهر الأولى من السنة الحالية، كما أن النتائج المحصل عليها زادت عما كان عليه الحال سنة 2019 قبل مجيء الجائحة.
وقال في هذا السياق ” هذا شيء مهم للغاية يظهر وجود كفاءات وأطر وطنية وتقنيين .. سر النجاح في هذا القطاع هو تكوين الشباب الذي يحرص عليه مهنيو القطاع والدولة المغربية “، مشيرا إلى أنه بفضل التكنولوجيا الدقيقة وعمل الشباب وعوامل أخرى تمكن المغرب من النجاح في هذا القطاع.
وشملت زيارة رئيس الحكومة وقتها لقطب صناعة الطيران بالنواصر، كلا من المجموعة الصناعية والتكنولوجية (Safran) المتخصصة في صناعة الطيران والفضاء والدفاع، و ( MIDPARK casablanca free zone )، ثم ( IMA) المتخصصة في مجال التكوين.
وبالمناسبة قدمت لرئيس الحكومة، الذي كان مرفوقا بالوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية محسن الجزولي، وبعض مهنيي القطاع، شروحات إضافية حول عمل مختلف الوحدات والتكنولوجيا الدقيقة المستعملة في إنتاج مختلف الأجزاء المتعلقة بالطائرات.
يذكر في هذا السياق أن المجموعة الصناعية والتكنولوجية (Safran) المتخصصة في صناعة الطيران والفضاء والدفاع، دشنت أمس الثلاثاء بالدار البيضاء توسعة موقع (Safran Nacelles Morocco) الخاص بإنتاج حاضنات محركات الطائرات.
وسيتم تخصيص هذه التوسعة البالغة مساحتها 6000 متر مربع، لإنتاج حاضنات محركات طائرات الإيرباص من طراز (A320 neo) وطائرات الأعمال الراقية من طراز Gulfstream G700 / G800.
وفي 18 يناير من عام 2022، قال وزير التجارة والصناعة رياض مزور، أمام أعضاء مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان)، حول صناعة الطائرات بالبلاد، إن المملكة “تصنع حاليا 41 بالمئة من أجزاء الطائرة، وتصنع أيضا أجزاء الأقمار الصناعية“.
وأوضح الوزير أن “السياسات الصناعية المتعاقبة (بمجال صناعة الطائرات) منذ عام 2005 وحتى 2022، حقتت تراكمات كبيرة جدا“.
وأضاف أن المدير العام لشركة صناعة الطائرات الأوروبية “إيرباص” غيوم فوري “يقول إنه ليست هناك طائرة تحلق في السماء لم يصنع المغرب أحد أجزائها“.
أسباب النجاح
واعتبر محمد جدري، الخبير الاقتصادي المغربي، في تصريح للأناضول، أن “هناك إرادة سياسية قوية للمرور بالمغرب من اقتصاد فلاحي إلى اقتصاد صناعي“.
وأضاف أن “البلد يتوفر على بنية تحتية ملائمة ومتطورة، منها المناطق الصناعية المتواجدة في طنجة (أقصى شمالالبلاد) والدار البيضاء والقنيطرة (شمال) “.
وزاد: “توجد بنيات تحتية آخذة في التطور لاحتضان المستثمرين الأجانب الذين يرغبون في الاستثمار بالقطاعات الصناعية، ومنها صناعة الطيران“.
وأوضح أن “المملكة طورت من الكفاءات في ميدان صناعة الطيران، وتوفقت في نقل التجربة من الأطر الأجنبية الى نظيرتها المغربية“.
ولفت جدري، إلى أن “قصة النجاح هي بفعل مجهودات وعمل بُذل على مدى السنوات العشر الماضية“.
وذكر أن “الأمر مرتبط أيضا بالتحفيزات الضريبية وبإصلاح القطاع الجبائي وبدعم تنافسية الأبناك لضمان تمويل المشاريع“.
واستطرد: “ومساهمة موقع المغرب الاستراتيجي في هذا النجاح، وهو البلد القريب من أوروبا وبوابتها نحو إفريقيا“.
استثمارات متزايدة
خلال عقدين (بين أعوام 2000 و2019) أُحدثت 142 شركة، في مجال صناعة الطيران بالمملكة، يعمل بها 17.5 ألف موظف مؤهل، 40.6 بالمئة منهم نساء، بينما تقدر صادرات القطاع بـ 1.9 مليار دولار، ونسبة الإدماج بأكثر من 38 بالمئة.
وكانت شركة “لو بستون” الفرنسية، أعلنت في 10 فبراير 2021، مباشرة بعد تعيين حكومة أخنوش، افتتاح مصنع لها في المغرب، لإنتاج أجزاء ميكانيكية ذات تقنية عالية لصناعة الطيران، بمدينة الدار البيضاء.
وفي 9 غشت 2021، أعلنت السلطات المغربية أنها شرعت “في الترويج لإمكانيات قطاع الطيران المغربي لدى المستثمرين الأمريكيين“.
وفي الـ31 من الشهر ذاته، أفادت وزارة الصناعة والتجارة بتوقيع عقد مع شركتين بلجيكية وسويسرية، متخصصتين في مجال الطيران، لتدشين مصنع لتجميع هياكل طائرة “PC-12” بالدار البيضاء.
وقالت الوزارة، في بيان آنذاك، إن “شركتي (سابكا) البلجيكية و(بيلاتوس) السويسرية، وقعتا عقدا للتجميع الكامل لهياكل طائرة (PC-12)، عبر تشييد مصنع على مساحة 16 ألف متر في الدار البيضاء، باستثمار يبلغ 180 مليون درهم(18 مليون دولار)”.
و“PC-12” طائرة فريدة من نوعها تستطيع الهبوط على مدرج غير مهيأ، ومنذ قيامها برحلتها الأولى في 1994، استطاعت أن تبقى الطائرة الأكثر مبيعا ضمن فئتها حتى اليوم، حيث تم بيع أزيد من 1800 نسخة منها.
مناخ الاستثمار
وقال إدريس الفينة، الخبير الاقتصادي المغربي، إن “استراتيجية أول مخطط اعتمده المغرب في 2005 يهم القطاع الصناعي، اهتمت بالمهن العالمية ومنها ما يتعلق بصناعة الطائرات“.
وأضاف للأناضول، أن “الدخول في السلسلة العالمية لتركيب الطائرات كان هدفا سطره المغرب، وذلك يتم عبرمراحل“.
وتابع: “كل دولة تتخصص في مجال معين، وحصة المغرب بدأت تتوسع فأصبحت له قيمة مضافة، ولم يعد يهتم بتركيب أجزاء الطائرات فقط، بل بادر إلى خلق وحدات للتصنيع تطورت لتصبح فروعا لشركات عالمية“.
واعتبر الفينة، أن “البلد وفر للشركات المصنعة مناخا ملائما للاستثمار، ما جعل قطاع الطيران يتطور بسرعة مهمة جدا، ويساهم في تحسين الميزان التجاري“.
وأكمل: “قطاع صناعة الطائرات بالمملكة، تدعمه بقوة تكنولوجيا الطيران المتطورة التي يتوفر البلد على مقومات التمكن منها، ما يؤهل القطاع ليصبح ناقلا للتكنولوجيا، وموزعا لها على قطاعات أخرى صناعية بهدف استبدال الواردات“.
فرصة وتحديات
كما ذكر الفينة، أن هناك فزص امام قطاع صناعة الطائرات لمواصلة النجاحات المنجزة، موضحا أنه “مطلوب تهيئة المزيد من المناطق الصناعية لاستيعاب المستثمرين الأجانب“.
وأردف: “يجب إبرام شراكات بين القطاع الخاص والدولة لتوفير الأراضي (المخصصة للاستثمار) ودعم إنتاجية القطاع“.
وزاد: “على مستوى اليد العاملة، المغرب اعتمد برنامجا للمدن المتخصصة في المهن وتكوين الكفاءات، وحصة قطاع صناعة الطائرات مهمة جدا“.
وخلص الخبير الاقتصادي إلى أنه “على مستوى الموارد البشرية ليس هناك أي عائق، لكن التحدي هو توفير مناطق صناعية بأثمان وظروف مناسبة“.
واختارت كبرى الشركات العالمية في مجال الطيران، مثل “بوينغ” و“سافران” و“هيكسيل” و“إيتون” و“ألكوا” و“ستيلا” وغيرها، الاستثمار في المغرب.
وتقول وزارة الصناعة والتجارة، في موقعها الإلكتروني، إنه “خلال 18 سنة، تمكن البلد من تشييد قاعدة متنوعة للطيران عالية الجودة، وذات قدرة تنافسية“.