ساعات قليلة على انسحاب فريق اتحاد العاصمة من مواجهة فريق نهضة بركان والتي كانت مقررة ليلة الأحد ابتداء من الساعة الثامنة، خرجت إحدى جامعات النظام العسكري بقرار جديد يؤكد سعار جيران السوء.
عقدة حكام قصر المرادية بالجزائر، متواصلة مع كل ما هو مغربي، بعدما قرر وزير الرياضة عبد الرحمان حماد، أمس الأحد، على عدم مصادقته على مشاركة منتخب الجمباز في بطولة إفريقيا المؤهلة لأولمبياد باريس 2024، المقرر تنظيمها في المغرب في الفترة الممتدة من 30 أبريل إلى 7 ماي القادم.
وبرر رئيس الجامعة الجزائرية للجمباز علي زعتر إلغاء المشاركة بأن “الملف المقدم إلى وزارة الشباب والرياضة لم يحصل على المصادقة على تنفيذ هذه المهمة”.
ويأتي ذلك في وقت الذي قرر فيه فريق اتحاد العاصمة الجزائري، الانسحاب من مواجهة فريق نهضة بركان في أخر لحظة عن انطلاق المباراة بأوامر من حكام نظام تبون العسكري.
وسبق أن قرر المنتخب الجزائر لكرة اليد لأقل من 17 سنة، في وقت سابق، الانسحاب من البطولة العربية المقامة في المغرب، بعدما تأكد بأن المغرب سيدخل المباراة بقميص يحمل الخريطة الكاملة للمملكة.
ومن المنتظر أن يغيب المنتخب الجزائري لكرة القدم عن منافسات كأس إفريقيا للأمم المزمع تنظيمها بالمملكة المغربية صيف 2025، في حالة تأهله، حسب ما يتداوله إعلام نظام تبون.
هذا التعنت من النظام العسكري لجيران السوء، الذي قرر مرة أخرى خلط السياسة بالرياضة، وسياسة الكيل بمكيالين، بعدما بدأ يتدخل في شؤون لا علاقة له بها لا من بعيد ولا من قريب سوى لزرع الفتنية بين الشعبين، وتجاهل القوانين الرياضية، لا محالة سيسلط عليهم غضب الاتحاد الإفريقي لكرة القدم “الكاف”، والاتحاد الدولي للعبة “الفيفا”.
وتناسى كبارنات النظام الفاسد، عندما استقبل المغرب منتخب “جبهة التحرير” متحديا الـ”فيفا” نصرة للجزائر.
وكتب موقع “منارة” مقال مطولا ذكر فيه بالمواقف المشرفة للمغرب في الوقوف مع جيرانه للتخلص من نير الإستعمار الذي فرق بين الشعوب و دق أسافين التفرقة بينهم ، فالتاريخ المشترك بين المغرب و الجزائر يحتفظ فيه للمغرب في شخص الملك محمد الخامس بمساندته القوية للثورة الجزائرية ماديا و معنويا.
وأضاف كاتب المقال، من لا تاريخ له لا حاضر له، هذهِ مقولة نؤمن بها أشدّ الإيمان، فالتاريخ دوماً هو الحافز و الدافع للإنسان أن يتقدّم ويُحرز شيئاً ما، في هذه الحياة لأن التاريخ يفرض تفسه و يؤسس للمستقبل فالأحداث لا يمكن تجاهلها فالتاريخ طويل النفس، بعيد النظر ومنصف في نهاية الأمر. من الممكن محاولة إخفاء الحقيقة ولكن من المستحيل طمسها
فالتاريخ المغاربي المعاصر يحتفظ في طياته حينما كانت الأراضي المغربية مأوى للمجاهدين و اللاجئين و مركزا للقيادة الثورية، و اعتبر الملك آنذاك أن الثورة الجزائرية هي استكمال تحرير ما تبقى من الوجود الاستعماري في المغرب العربي، فقد استقبل في قصره مفجرو الثورة و أعطاهم دعما سياسيا فكان المغرب مقرا للعديد من المؤتمرات و اللقاءات المساندة للثورة الجزائرية
ففي 15 سبتمبر 1956، ألقى محمد الخامس خطابًا بمدينة وجدة الحدودية، تناول فيه معاناة شعوب المغرب العربي من السياسية الاستعمارية الفرنسية، مركزًا في خطابه على معاناة الشعب الجزائري، وأكد على ضرورة إيجاد حل سلمي وعادل للقضية الجزائرية و أن مستقبل الجزائر يدخل ضمن إطار وحدة المغرب العربي .
ومن ضمن أشكال النضال كان هناك النضال الرياضي الذي شارك فيه المغرب من خلال إجراء مباراة مع منتخب جبهة التحرير و سيخلد التاريخ تلك المقولة الشهيرة التي رد بها الراحل محمد الخامس على من همس له أن المنتخب الوطني سيتعرض لعقوبة تصل لسنتين من التوقيف في حالة خوضه لمباراة أمام الجزائر غير المعترف بمنتخبها في تلك الفترة، حين قال: «حتى لو كانت العقوبة أربع سنوات،سيخوض منتخبنا هذه المباراة من أجل الجزائر».
ولن ينسى الجزائريون قبل المغاربة كيف ساهم الراحل الحسن الثاني في تكوين منتخب بدأ تحت اسم: فريق جبهة التحرير الوطني الجزائري لكرة القدم
ففي خضم الثورة و في كأس العالم سنة 1958 بالسويد، الذي خسرت فرنسا مباراته النهائية أمام البرازيل، استدعى المدرب الفرنسي “بول نيكولا” أربعة لاعبين جزائريين إلى تشكيلة المنتخب الفرنسي قبل البطولة، وهُم « رشيد
مخلوفي”، الهدَّاف التاريخي وأسطورة نادي “سانت إتيان”، و “مصطفى زيتوني” مدافع نادي “موناكو”، و “محمد معوش” مهاجم نادي “رَيمس”، و”عبد العزيز بن طيفور” مهاجم نادي “موناكو”.
ولكن قبل شهرين فقط من انطلاق المنافسات، فرَّ اللاعبون الأربعة ومعهم 30 محترفا جزائريا في الدوري الفرنسي الأول، واتجهوا جميعهم إلى تونس. وقد تواصلت جبهة التحرير الوطني مع هؤلاء اللاعبين بالتنسيق مع “محمد بومرزاق”، وأقنعتهم بفكرة تشكيل فريق يُمثِّل الجزائر في المحافل الدولية ويساند قضيتها عالميا.
وقد تصدَّر فريق جبهة التحرير الصحف الفرنسية والعالمية، وسرعان ما قدَّم الاتحاد الفرنسي لكرة القدم شكوى لمنع هؤلاء الجزائريين من اللعب في أي فريق، ومنع فريق جبهة التحرير من المشاركة في أي بطولة دولية، وهو ما حصل بالفعل، إذ هدَّد الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” كل الدول التي ستستقبل فريق جبهة التحرير الجزائرية، غير أن هذا الوعيد لم يمنع الدول الجارة والحليفة من اسقبال منتخب الثوار.
تذكر سجلات التاريخ أن أول مباراة جمعت المنتخبين المغربي والجزائري تعود لسنة 1958، أي قبل 66 سنة من الآن. كما ستحتفظ الذاكرة الرياضية في البلدين معا أنه بسبب تلك المباراة، تعرض المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم لعقوبة التوقيف من طرف الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا».
أتى ذلك بعد تجمع اللاعبين الجزائريين في تونس بعد فرارهم من فرنسا حيث تقرر تنظيم دوري أطلق عليه اسم المناضلة الجزائرية “جميلة بوحيرد”، واستدعي المغرب والجمهورية العربية المتحدة (سوريا ومصر) بالإضافة إلى تونس ومنتخب جبهة التحرير، للمشاركة في الدوري.
لكن، منتخب الجمهورية العربية المتحدة، تخوف من تهديدات الفيفا، وقرر عدم الحضور إلى تونس، وأيضا عدم خوض أي مباراة ضد منتخب جبهة التحرير.
فبعد المباراة الافتتاحية التي جمعت منتخب جبهة التحرير بالمنتخب التونسي، والتي انتهت بتفوق الجزائريين بخمسة أهداف لواحد، كان المنتخب المغربي ثاني منتخب يواجه الفريق الجزائري في تاريخه يوم 9 ماي 1958، وانتهت المباراة بتفوق الجزائريين بهدفين مقابل هدف واحد.
فقامت الفيفا بمعاقبة المنتخب المغربي، وأوقفته لمدة سنة كاملة، عقابا له على خوضه مباراة مع منتخب جبهة التحرير الجزائري، وهو ما حرم المغاربة من المشاركة لأول مرة في كأس إفريقيا للأمم.
فالمغرب الذي كان آن ذاك ينفض مخلفات الاستعمار الفرنسي بعد عامين من الاستقلال، وقف إلى جانب جارته الشرقية التي كانت ما تزال تئن تحت وطأة الاحتلال الفرنسي وتحدى “الفيفا” حيث ظل وفيا لروابط الأخوة مع الجزائريين في أحلك الظروف التي كانت فيها الجزائر جزءا من التراب الفرنسي، وتمسك بقرار اللعب ضد منتخب “اللاعبين المتمردين” كما وصفهم الإتحاد الفرنسي و حتى إن كان دلك على حساب كرة القدم المغربية.