تخلد دول المعمور اليوم العالمي لمحاربة داء السل، الذي يصادف 24 مارس من كل سنة، وهو موعد سنوي لتسليط الضوء على جهود المملكة في مجال مكافحة هذا المرض الفتاك، الذي يعد واحدا من أهم مشاكل الصحة العامة في العالم.
في هذا الحوار، تجيب الدكتورة إلهام السنتيسي، الأخصائية في الأمراض الصدرية والكاتبة العامة للعصبة المغربية لمحاربة داء السل، على أربعة أسئلة لوكالة المغرب العربي للأنباء حول مختلف التحديات والرهانات التي تطرحها هذه الآفة الصحية الخطيرة.
ما هو تعريف داء السل، وماهي أبرز العوامل المسببة للإصابة به؟
داء السل هو مشكل للصحة العامة في المغرب وفي العالم، بحيث أن ثلث سكان المعمور يحملون العدوى بالسل من النوع غير الناشط وتتطور نسبة من هذه الحالات إلى السل الناشط عند ضعف المناعة. والسل هو عبارة عن مرض تسببه بكتيريا “كوك” ويمكن أن يصيب جميع أعضاء الجسم مع العلم أن داء السل الرئوي هو المعدي والأكثر انتشارا.
وبالنسبة لأبرز العوامل المسببة للإصابة بهذا الداء، فتتوزع بين كل من العدوى ونقص المناعة.
العامل الأول: العدوى، وتكون عبر الهواء من طرف شخص مصاب بداء السل الناشط عبر السعال والعطس؛
العامل الثاني: نقص المناعة، إذا كانت الأخيرة سليمة تبقى البكتيريا في الرئتين دون مرض أو ظهور أعراض، ويتعلق الأمر هنا بمرض السل من النوع غير الناشط. أما إذا كانت المناعة ضعيفة فنتحدث في هذه الحالة عن مرض السل من النوع الناشط.
ومن أهم الفئات الأكثر عرضة للإصابة بهذا المرض، النساء الحوامل، والمصابون بداء السيدا، ومرضى السكري وارتفاع الضغط الدموي، ومرضى السرطان، والمدمنون على التدخين والكحول والمخدرات، بالإضافة إلى كل ما يتعلق بالأكل غير المتوازن وغير الصحي ونمط العيش غير السليم بوجه عام.
ما هي أعراض الإصابة بداء السل من النوع الناشط؟
تختلف هذه الأعراض حسب العضو المصاب، على اعتبار أن داء السل قد يصيب أعضاء في جسم الإنسان مثل الكلي، والدماغ والعمود الفقري. ويمكن إجمال أعراض الإصابة في السعال لمدة تتجاوز أسبوعين، والسعال المصحوب بإفراز الدم، وآلام الصدر، وضيق التنفس، وفقدان الشهية، وفقدان الوزن، والإرهاق، والحمى الخفيفة في آخر النهار، والتعرق الليلي والقشعريرة.
كما يوجد هناك نوع من السل يصيب الماشية في أغلب الأحيان وقد يسبب العدوى بالنسبة للأشخاص الذين يستهلكون الحليب غير المبستر من الأبقار المصابة بمرض السل. وتظهر في هذه الحالة على المصاب أعراض مثل كتل عصبية أو ما يعرف ب”الولسيس”، وفقدان الشهية، وفقدان الوزن والحمى الخفيفة.
ما هي أهم سبل الوقاية من هذا المرض؟
تتمثل هذه السبل بشكل أساسي في الكشف والعلاج المبكرين لتفادي انتشار المرض وحدوث مضاعفات، والتحسيس والتواصل، مع إشراك مختلف مكونات المجتمع المدني.
كما ترتكز سبل الوقاية من الإصابة بداء السل على ثلاث مقاربات رئيسية هي:
– الأشخاص الأصحاء: من خلال العمل على وقايتهم باتخاذ الاحتياطات اللازمة ؛
– مرضى السل : من خلال حثهم على استكمال العلاج لمدة ستة أشهر على الأقل، وعدم التخلي عن الدواء عند الشعور بالتحسن وتراجع الأعراض، ومتابعة العلاج لكون إيقافه يؤدي إلى تدهور الحالة الصحية للمريض مع ظهور سلالات مقاومة من السل لدى الشخص المصاب، والتي يصبح علاجها أصعب، كما أن انتقالها للأصحاء تشكل خطورة صحية أكبر مع اتباع الإرشادات اللازمة كحجب الفم والأنف عند السعال والعطس، وارتداء الكمامة، والبقاء في المنزل لمدة شهرين من أجل التحسن وتراجع الأعراض وتقليل احتمال انتشار العدوى إلى الغير؛
– المجتمع المدني : على اعتبار أن مكافحة داء السل هي مسؤولية الجميع .
ككاتبة عامة للعصبة المغربية لمحاربة داء السل، كيف تقيمين جهود المغرب في مجال مكافحة هذه الآفة الصحية؟
بذل المغرب مجهودات كبيرة جدا من أجل مكافحة هذا المرض تتجلى، أساسا، في اعتماده البرنامج الوطني لمحاربة داء السل، الذي يعتبر برنامجا صحيا جيد التنظيم وذا أولوية.
ويقوم هذا البرنامج، الذي تشرف عليه وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، على التحسيس من أجل الكشف المبكر، والتوعية بعدم وقف الدواء في حالة شعور المريض بتحسن، فضلا عن دعوته إلى عدم تهميش الفئات المصابة.
كما يتوفر المغرب على ما مجموعه 60 مركزا لتشخيص داء السل والأمراض التنفسية عبر ربوع المملكة مكلفة بجميع الخدمات من تطعيم عند الولادة، والوقاية، والكشف، والعلاج، فضلا عن التكفل بمرضى داء السل ومجانية جميع الخدمات.
ولابد من التذكير هنا بأن مكافحة انتشار داء السل هي مسؤولية الجميع، بما في ذلك المواطنون ومختلف القطاعات الوزارية المعنية .
أجرت الحوار: جهان مرشيد