يعتبر شهر رمضان الفضيل، شهر التوبة والغفران، تتغير خلاله عادات ومواعيد النوم بسبب الرغبة في ممارسة الطقوس والعادات التي يمارسها المسلم خلال هذا الشهر الفضيل.
هذه التغييرات لا تمر دون أن تتسبب اضطرابات على مستوى الحياة العادية، بل ويكون لها تأثير كبير على المزاج ومردوية العديد في العمل.
في هذا الحديث توضح رئيسة الجمعية المغربية لطب النوم والطبيبة المختصة في أمراض النوم، فوزية القادري، التأثير الذي تخلفه هذه السلوكات على صحة الصائمين، وتبرز قواعد النوم المنصوح بها خلال الشهر الفضيل.
1– ما هي انعكاسات قلة النوم التي نلاحظها بشكل كبير في شهر رمضان؟ وما هي المدة الكافية للتمتع بنوم صحي؟
رمضان هو شهر الصيام، ومن المفروض، مبدئيا، ألا تكون له انعكاسات على النوم، إذا ما استفدنا من ساعات النوم التي نحتاجها. ما يحدث هو أننا نشهد تغييرات في عادات العديد من الناس بسبب رغبتهم في السهر حتى ساعات متأخرة خلال هذا الشهر الفضيل. والواقع أن السهر بالتحديد (سواء من أجل قراءة القرآن أو الصلاة، أو لمشاهدة التلفزيون أو للالتقاء بأفراد العائلة) هو الذي يؤثر بشكل كبير على النوم. فهذا السلوك يتسبب في مشاكل صحية، لأن النوم هو لحظة فسيولوجية تمكننا من الراحة وإعادة بناء جميع وظائف الجسم، ولذلك من الضروري النوم لمدة متوسطة تتراوح ما بين 7 إلى 8 ساعات.
ويختلف عدد ساعات النوم حسب كل فرد، فإذا كان البعض يكتفي بخمس ساعات، فإن آخرين يحتاجون للنوم 9 ساعات. والأهم هو احترام ساعات النوم خلال شهر رمضان كما في باقي شهور السنة. أما الأشخاص الذين لا يحترمون مدة النوم التي تحتاجها أجسامهم، فقد يعانوا من عدة مشاكل صحية، خاصة الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة.
وتؤثر هذه التغييرات على مستوى النظام الغذائي و/ أو النوم على الصحة، حيث أظهرت دراسة أجريت في هذا الاتجاه في مدينة الدار البيضاء، أن هناك أمراضا نفسية يمكن أن تظهر خلال شهر رمضان، لها علاقة بشكل أساسي بقلة النوم.
2– ما هو الفرق بين تأثير النوم خلال النهار أو الليل على صحتنا؟
النوم تنظمه ساعتنا البيولوجية على مدار 24 ساعة لكي نتمكن من النوم ليلا ولنكون نشيطين أثناء النهار. وعلاوة على ذلك، فإن جميع هرمونات الجسم تساهم في ذلك، ولكن عندما لا نحترم هذا الإيقاع، فإن ذلك يؤثر على الأداء السليم لمختلف أعضاء الجسم، وبالتالي على صحة الإنسان.
3– هل تؤثر قلة النوم على المردودية في العمل في رمضان؟
إذا لم ننم جيدا خلال الليل، فإن ذلك يؤثر حتما على أدائنا خلال النهار، لا سيما من خلال الشعور بنقص الطاقة وقلة التركيز وكذا الشعور بالنعاس، وحتى التوتر الشديد. لذلك فإن قلة النوم لا تؤثر فحسب على الحياة المهنية، وإنما أيضا على الحياة الأسرية والاجتماعية. ويبدو هذا الأمر واضحا في الشوارع: إذ هناك أشخاص يتشاجرون بسهولة، كما يزداد عدد المناوشات خلال شهر رمضان بشكل كبير. كما تشير الإحصائيات خلال السنوات الأخيرة إلى أن متوسط عدد حوادث السير يتضاعف بسبب قلة الانتباه الناجم عن قلة النوم.
4– خلال شهر رمضان، يميل الشباب إلى “عكس” نظام نومهم من خلال النوم نهارا والبقاء مستيقظين ليلا. ما هو تأثير هذا السلوك على صحتهم؟
عندما ينام الشباب أثناء النهار للبقاء مستيقظين طوال الليل، فإن ذلك يؤثر بشكل سلبي على ساعتهم البيولوجية، التي تنظم الكثير من الوظائف، لا سيما الوظائف الإدراكية، ومعدل تكاثر الخلايا، وإفراز الهرمونات، والذاكرة، وغيرها.
فعند العبث بوتيرة هذه الساعة البيولوجية عن طريق تغيير إيقاع النوم، يكون لذلك انعكاس على الجسم والعقل والمشاعر والقدرات العقلية أيضا. ويؤدي اضطراب الساعة البيولوجية إلى عواقب وخيمة: فعندما يرغب هؤلاء الشباب في العودة إلى الإيقاع الطبيعي، سيواجهون صعوبات لأنهم سيجدون أنفسهم في مواجهة متلازمة تأخر مرحلة النوم.
ويلاحظ أن العديد من المراهقين يظلون متمسكين بهواتفهم الذكية وأجهزتهم اللوحية ومتصلين باستمرار بمنصات التواصل الاجتماعي: وهذا الأمر له تأثير كبير على نومهم ، الذي يصبح مضطربا للغاية. وقد أظهرت دراسة أجريت في الدار البيضاء على الشباب أن هذه الظاهرة لها انعكاسات خطيرة على تمدرسهم: فالكثير منهم لم يعودوا قادرين على مواكبة إيقاع الدروس بسبب قلة النوم.
5 – ما هي النصائح التي تقدمونها من أجل النوم بشكل جيد في شهر رمضان؟
بالنسبة للأشخاص الذين يرغبون في أداء الصلاة مساء والاستيقاظ لتناول “السحور” خلال هذا الشهر الكريم، فإن هذا الأمر ممكن تماما، إذا ناموا على سبيل المثال على الساعة الحادية عشرة ليلا واستيقظوا في الساعة الثالثة والنصف قبل أذان الفجر، مع العلم أنهم سينامون مجددا في الساعة الخامسة صباحا للاستيقاظ في الساعة الثامنة صباحا. هذا النظام يسمح لهم بالاستفادة من حوالي سبع ساعات ونصف من النوم، وهي مدة كافية تمكن الفرد من ممارسة نشاطه بشكل عادي أثناء النهار.
وبخصوص الأشخاص الذين يحاولون النوم في وقت متأخر بعد الزوال، فإن ذلك من غير المستحسن بتاتا لأنه سيؤدي إلى اضطراب دورة النوم العادية وقد تكون له انعكاسات سلبية خلال شهر رمضان وبعده.