ورد في الجريدة الرسمية رقم 7261، التي صدرت في فاتح يناير 202r، في باب الإعلانات والبلاغات، إعلان مستخرج من ملف التصريح بتأسيس “حزب تامونت للحريات”.
وجاء في المستخرج، أن وزارة الداخلية الرأي العام، أبلغت من يهمم الأمر، أنه بتاريخ 21 نونبر 2023، تم بمصالحها المختصة التصريح بتأسيس حزب جديد يحمل اسم “حزب تامونت للحريات”.
ومما توصلت به وزارة الداخلية، هناك 373، التزام فردي مكتوب بعقد المؤتمر التأسيس للحزب.
وقالت وزارة الداخلية في وثيقة المستخرج التي اطلعت عليها جريدة le12.ma، أن هذا المستخرج لايشكل سندا قانونيا خلال المرحلة الاولى لتأسيس الحزب، وذلك في انتظار التأكد من مطابقتها لأحكام القانون التنظيمي رقم 11-29، المتعلق بالأحزاب السياسة.
وفي الثاني عشر من شهر سبتمبر من عام 2018، منعت وزارة الداخلية، للمرّة الثانية، نشاطا سياسيا لحاملي مشروع حزب، “تامونت” للحريات، الذي انبثقت فكرة إنشائه من الحركة الأمازيغية، ما جعل لعبة شدّ الحبل بين الطرفين تشتدّ.
فقد منع قائد منطقة “كليز” في مراكش، وقتها، أصحاب الحزب المذكور من عقد لقاء تواصلي للجنته التحضيرية مستندا إلى هذا التنظيم لا يراعي المقتضيات القانونية المتضمنة في القانون التنظيمي المتعلق بإنشاء الأحزاب السياسية.
وكان قرار المنع واضحا بكون التصريح الذي وُضع لعقد اللقاء “تشوبه عيوب شكلية وجوهرية”، وبالنظر إلى الاعتبارات قانونية توقّف عندها دستور المملكة بما يكفي من الوضوح.
ويصرّ مناصرو هذا التنظيم على معاكسة كل المقتضيات القانونية المتعلقة بإنشاء الأحزاب، سعيا منهم لتأسيس حزب قد تصطدم فكرة مشروعه مع أحكام القانون التنظيمي للأحزاب السياسية والدستور قبل كل شيء.
وتعني مفردة “تامونت “في اللغة الأمازيغية، “الوحدة”.
النجوم الثلاثة
في سياق متصل، أعلن قبل أشهر تيار “الوفاء للبديل الأمازيغي” الذي يضم مجموعة من نشطاء الحركة الأمازيغية بالمغرب،، عن مشروع أولي لإنشاء حزب سياسي يحمل اسم “حركة النجوم الثلاثة” في إحالة على “الثالوث السياسي التاريخي للأمازيغ” (أفگان وأگال وأوال) (الإنسان والأرض واللغة).
وزعم التيار في المشروع الأولي للأرضية السياسية لـ”حركة النجوم الثلاثة” أن الأحزاب “اختراقت الحركة الأمازيغية واستعمالها كوقود سياسي وإيديولوجي في الصراع الانتخابي”، معتبرا أن منظور المرجعية الأمازيغية “ظل غائبا بسبب انعدام وجوده السياسي”.
وقال التيار إن مشروعه السياسي الجديد “بمرجعية أمازيغية ويروم إلى بناء مغرب أفضل يتسع لجميع أبنائه مبني على مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والحداثة وأسس الدولة المدنية”.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يفكر فيها أمازيغ المغرب في تأسيس تجربة سياسية بمرجعية أمازيغية، فقد سبق لنشطاء آخرين أن أطلقوا تجربة “الحزب الديمقراطي الأمازيغي” الذي تقرر حله عام 2008، كما لم تكتمل تجربة أخرى اسمها “حزب تامونت” الأمازيغي بسبب خلافات حادة بين أعضائه أدت إلى انقسامات داخلية.
“منضبط للقانون”
وتعليقا على الموضوع، قال الناشط الأمازيغي وأحد أعضاء تيار “الوفاء للبديل الأمازيغي”، عبد الله بوشطارت، إن المحاولات السابقة لإنشاء حزب بمرجعية أمازيغية “لم تفشل وإنما تم منعها من طرف السلطة عن طريق القضاء”، مضيفا أن “الحركة الأمازيغية لا تواجه الإشكالات القانونية وإنما هي ضحية المنع السياسي”.
وتابع بوشطارت موضحا في تصريح لـ”أصوات مغاربية”، أن التيار “أعاد تحيين التجربة وإطلاق مبادرة جديدة تستهدف جميع التيارات والأوراق المطروحة والانفتاح على الطاقات والشباب والديناميات الجمعوية والشباب”، مؤكدا أن “الحزب الجديد سيكون خلال تأسيسه منضبطا لقانون الأحزاب ووفق الشروط والضوابط التي تنظم هذه العملية”.
وشدد بوشطارت على أن “أي اتهام للحزب الجديد بالعنصرية أو الإيديولوجية فهو مصادرة للحقوق لأنه سيكون مشروعا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ودبلوماسيا وفق القانون والدستور والثوابت المغربية”، مضيفا أن “حركة النجوم الثلاثة تريد فتح مجال الحريات وتختلف تماما مع الأفكار والتصورات السائدة حيث ستحاول نهج مقاربة تواصلية مع جميع المهتمين بقضية التنظيم السياسي وفق روح الحركة الأمازيغية”.
“مشروع أوسع”
في المقابل، أكد عضو المكتب التنفيذي لـ”الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة” (أزطا)، عبد الله بادو، أن “ورقة هذا المشروع السياسي تخص بعض مناضلي الحركة الأمازيغية ولا تشمل مكوناتها المختلفة” التي كانت حاضرة في اللقاء حيث تم تقديمها.
وتابع بادو في تصريح لـ”أصوات مغاربية” أن “اللقاء كان يشكل افتتاحا لمشروع أوسع من هذه المبادرة السياسية التي تلزم بعض النشطاء لأنه يتجه نحو توحيد رؤية مشتركة لمختلف المبادرات وأشكال النضال الأمازيغي المدني والفني والثقافي لتشكيل قوة ضاغطة على الدولة من كل تلاوين الحركة الأمازيغية للترافع عنها وفضح التراجعات التي عرفتها”.
ويرى بادو أن “مشروع حزب سياسي بمرجعية أمازيغية لا يحقق البعد التعددي والنوعي الذي تحاول الشبكة إرساءه عبر وضع خارطة طريق للعمل الأمازيغي المشترك من مختلف المجالات”، لافتا إلى أنه “يمكن العمل على ذلك من داخل كل الحركات والهيئات المتعددة بما فيها الأحزاب السياسية”.
“محاولة باطلة”
من جهته، وتعليقا على إمكانية تأسيس حزب بمرجعية أمازيغية بالمغرب، يقول أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، عبد الرحيم العلام، إن “الإحالة على الأمازيغية لا تدخل ضمن المرجعية وإنما العرق مما سيشكل وضعا مخالفا لإنشاء حزب سياسي وفق القانون التنظيمي للأحزاب والدستور المغربي”.
ويوضح العلام في تصريح لـ”أصوات مغاربية” أن “القول بإنشاء حزب سياسي بمرجعية أمازيغية يجعل محاولة التأسيس باطلة لأن القانون يمنع أن يتم ذلك على أساس ديني أو عرقي أو لغوي أو جهوي”، مؤكدا أن “المرجعية تكون فكرية وليست عرقية كالأمازيغية”.
وتنص المادة الرابعة من قانون الأحزاب السياسية بالمغرب أنه “يعتبر باطلا كل تأسيس لحزب سياسي يرتكز على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جهوي، أو بصفة عامة على أي أساس من التمييز أو المخالفة لحقوق الإنسان”.
وفي المقابل، يقول العلام إنه “يمكن تأسيس حزب دون الحديث عن مرجعية أمازيغية التي تدخل في الأساس العرقي مثل ما جرى سابقا في حزب الحركة الشعبية لمؤسسه الزعيم السياسي الأمازيغي المحجوبي أحرضان حيث كان يهتم بالقضايا الأمازيغية”.