يبدو أن المثل المغربي الشعبي القائل “تتبدل القبضة والمنجل هو المنجل”، ينطبق الى حد كبير على رأس الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات (أنابيك).

مع كل إدارة جديدة بات الفشل وسوء الحكامة في إبداع الحلول لمعضلة التشغيل عنوانا لبقرة (أنابيك) الذي يقصدها كل راغب في الارتواء بحليب الشغل.

لقد تحولت الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، مع فشلها الذريع في القيام بمهامهم بحكامة جيدة إلى وكالة لتصدير “مغربيات” جني الفرولة في بلاد الإسبان، بأبخص الأثمان.

يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، الوصي على مدير  (أنابيك) العاشق الولهان بأحدث هواتف الأيفون، سبق أن تعهد بتنفيذ توصيات تقرير أسود للمجلس الأعلى للحسابات، حول هذه المؤسسة التي ترصد لها ميزانية ضخمة من أموال دافعي الضرائب.

لكن يبدو، أن  صيحة الوزير في واد وما يجري داخل الوكالة في واد، فلا توصيات مجلس العدوي، جرى تنفيذها ولا افتحاصات، قسم الافتحاص في الوكالة تم القيام بالمتعين إزاءها .

قبل عام كان تقرير للمجلس الأعلى للحسابات قد رصد “فشل” الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات (أنابيك) في القيام بدورها في تنشيط سوق الشغل ومواكبة الباحثين عنه، وإعداد برامج التكييف المهني والتكوين.

وذكر التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات الذي يُحسب على سنتي 2019 و2020 أن دور الوكالة في تنشيط سوق الشغل يبقى محدوداً.

واكد ان العدد التراكمي للمسجلين لديها من الباحثين عن الشغل بلغ، حوالي 1,6 مليون في نهاية 2019، ويمثل المسجلون كل سنة نسبة 14 في المائة في المتوسط، نظراً للتراكم السنوي لعدد مهم من المسجلين غير المدمجين.

ووفق الأرقام الرسمية المتضمنة في التقرير،  يقدر عدد الشباب الذين يلجون سنوياً إلى سوق الشغل بحوالي 600 ألف شخص، من بينهم حوالي 300 ألف من خريجي أسلاك التعليم العالي والتكوين المهني.

واعتبر المجلس أن الوكالة لا تزال غير متموقعة كمرفق عمومي للتشغيل يقدم خدماته لأي باحث عن الشغل، بما في ذلك فئة غير الحاملين للشهادات أو المؤهلين في وضعية بطالة، وتوفير برامج لإنعاش التشغيل تستجيب لحاجيات كل فئة، علماً أن هذه الأهداف تندرج ضمن استراتيجية التشغيل لسنة 2015.

ولاحظ قضاة المجلس أن الوكالة تواجه صعوبات في تدبير برامج تحسين قابلية التشغيل من خلال التكوين، وذلك لعدم كونها جهازاً متخصصاً في التكوين ولا تتوفر على القدرات والأدوات اللازمة من أجل ضمان فعالية هذه البرامج، ودعوا في هذا الصدد إلى إعادة النظر في الأمر.

وفيما يخص مواكبة حاملي المشاريع من أجل خلق المقاولات، وجد المجلس الأعلى للحسابات أن المقتضيات المتعلقة بمهام الوكالة في هذا الصدد غير واضحة، بحيث لم تتمكن الأخيرة من تحديد واضح لتموقعها في البيئة المؤسساتية المعنية بمواكبة خلق المقاولات ودعم التشغيل الذاتي أساسا.

وأشار التقرير إلى الصعوبات التي عرفها برنامج “مقاولتي” وسعي الوكالة سنة 2015 لتطوير خدمة متخصصة لمواكبة حاملي المشاريع إلا أن نطاقها ظل محدوداً ولا يشمل جميع مراحل دورة حياة المشروع المقاولاتي، حيث بقي التتبع في مرحلة ما بعد الإنشاء هو الحلقة الأضعف بالنسبة للخدمات التي تقدمها الوكالة.

وعلى مستوى إنعاش التشغيل المأجور، أورد التقرير أن أداء الوكالة بقي مرهوناً بفعالية البرامج الرامية إلى الدعم المباشر للإدماج من خلال عقود الإدماج وبرنامج “تحفيز” لكنها تواجه مجموعة من المعيقات، من بينها استيعاب الشروط المحددة لتطبيق العقوبات التي تثير تفسيرات مختلفة وتنزيلها على أرض الواقع.

وكشفت الوثيقة ذاتها أن عددا من المشغلين لجؤوا بشكل مستمر لعقود الإدماج والتحفيز من أجل تلبية حاجياتهم من اليد العاملة والاستفادة من التحفيزات المتاحة وخفض كلفة الأجور وإضفاء المرونة على عملية التشغيل لتفادي تطبيق مدونة الشغل، خاصة وأن مدة هذه العقود تناهز 24 شهراً، وبالتالي نتج عن هذه التحفيزات انعكاسات غير متوقعة، حيث أصبحت تستهدف بالأساس المشغلين عوض الباحثين عن الشغل.

توصيات دون إهتمامات

تبعاً للملاحظات سالفة الذكر، أوصى المجلس الأعلى للحسابات بتعزيز تموقع الوكالة كمرفق عمومي للتشغيل من خلال برامج لإنعاش التشغيل تتلاءم مع كل فئة من الباحثين عن الشغل، بالإضافة إلى إعادة النظر في الدور الذي يجب أن تلعبه في تدبير مختلف التكوينات التأهيلية.

كما أوصى بالتقيد بالالتزامات المقررة بالنسبة للتكوين التعاقدي للتشغيل كتكوين من أجل التشغيل يضمن إدماج الباحثين عن الشغل المكونين في هذا الإطار، ووضع وتفعيل عرض للخدمات يوضح المسار والآليات في مجال مواكبة ودعم حاملي المشاريع ويستجيب لخصوصيات كل فئة منهم، مع الحرص على دعم قدرات مستشاري التشغيل في هذا الخصوص.

فشله تؤكده لأرقام

فشل الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، لم يكن في حاجة الى تقرير للمجلس الأعلى للحسابات المرفوع إلى الملك محمد السادس، من أجل تأكيده، حين تؤكده  مؤسسات رسمية، من خلال حديثها عن إرتفاع معدل البطالة، وضياع شباب مغربي رمى حلمه في البحث عن الشغل على مؤسسة فشلت في ايداع عمل مجد لوظيفتها.

هي هكذا إذن أنابيك.. تبذلت القبضة مع مجيء هذا المدير وذهاب ذاك ويبقى المنجل هو المنجل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *