بينما حددت مصير تسجيل الطفل المولود من رحم طفلة تيفلت، قالت أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إن طفلة تعرضت للظلم، داعية إلى تعديلات قانونية مستعجلة لتعزيز حقوق الأطفال.

وأبرزت بوعياش، خلال لقاء تفاعلي حول العنـ.ف الجنـ.سي ضد الأطفال، اليوم الثلاثاء، أن رد فعلها الأول حول قضية طفلة تيفلت كان “مشوبًا بالغضب.

وأضافت، كان مشوبا أيضًا خوف من ترسيخ الطبيعة الإجـ.رامية غير المقبولة لأشكال العنف في أذهان الناس، وهذا ليس هو الحال اليوم”.

وتابعت ” سجلنا جميعا، عدم قبول المجتمع لما جرى واهمية المواقف المعبرة عنها لمختلف الفاعلين ولم اتفاجأ من قدرة المجتمع المدني للتعبئة ضد ما جرى ومتابعته الدقيقة لحيثيات الملف القضائي”.

وأكدت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن “الطفلة الضحية، وكيفما كانت الظروف، فقد تعرضت لظلم وعدم انتصاف لطفولتها فالاعتداء الجنسي، جريمة شنيعة والحكم الابتدائي لم يحم سلامتها الجسدية والنفسية والاجتماعية”.

النسب

واعتبرت المتحدثة أن ” الطفل المولود، من العنف الجنسي، غير شرعي. لن يأخذ اسم الأب. يسجل في سجل الأحوال المدنية كطفل من أب مجهول، رغم أن اختبار الحمض النووي أثبت أبوة المعتدي”.

يذكر أن والد الطفلة، سبق أن صرح بأنه يرفض تزويج طلفته لواحد من الأشخاص الثلاثة المعتدون جنسيا على إبنته.

 وأوضحت أن “المجتمع الذي يقاوم التطبيع مع العنف والخوف من تقليص الطابع الإجرامي لجميع أشكال العنف، والقلق من أن لا تستجيب المعايير والقواعد القانونية، كوسيلة الحضارية لفرض توازن وانصاف داخل مجتمع يحمي نسائه وفتياته وفتيانه من الانتهاكات الجسيمة”.

ولفتت المتحدثة إلى أن يوم 21 يونيو المقبل، سيعرف الاحتفال بالذكرى الثلاثين لمصادقة المملكة على اتفاقية حقوق الطفل.

 ودعت الحكومة إلى  أن “يكون الاحتفال مقرونا بتعديلات مستعجلة لفعلية حقوق الأطفال في الحماية من العنف بكل أشكاله وفق مقتضيات المادة 19 من اتفاقية حقوق الطفل، وبشكل خاص من العنف الجنسي كما تنص عليه المادة 34 من الاتفاقية. وبالأساس أن يكون المشرع في الموعد المطلوب منه لحسم التردد السياسي الذي يطبع قراراته في قضايا مجتمعية ضاغطة”.

كما حددت بوعياش اقتراح المجلس الذي تترأسه، بإصلاح النموذج الذي يحكم السياسة العقابية وإلى إعادة تصنيف الاغتصاب والاعتداء، وفقًا للمعايير الدولية، على أنهما عنف جنسي، أي جريمة تهدف إلى المس والإضرار بالسلامة الجسدية للضحية والتي يجب أن يعاقب عليها بشدة، وذلك “مهما كانت الظروف، وليس مجرد انتهاك لمنظومة الأسرة كما هو الحال اليوم”.

المحاكمة

عرض الخميس، الماضي، لأول مرة على نظر محكمة الاستئناف في الرباط، ما بات يعرف بملف “طفلة تيفلت”، وسط تظاهر العديد من الهيئات الحقوقية المطالبة بالتطبيق العادل والمنصف للقانون لصون حقوق الطفلة سناء ضحية الاغتـ.صاب الجماعي.

وقضت هيئة المحكمة، بتأجيل مواصلة البث في الملف الى غاية 13 أبريل الجاري، وذلك نزولا عند ملتمس دفاع المتهمين الثلاثة.

وإلتمس ممثل النيابة العامة من هيئة المحكمة، وفق مصدر جريدة le12.ma، إستدعاء سيدة، كانت تشهد وقائع الاعتداءات الجنسية الممارسة بحق الضحية.

ويرى دفاع الضحية، أن مثول هذه السيدة أمام هيئة المحكمة، سيفيد في القضية وتنوير العدالة، والدفع في إتجاه ملاءة الجريمة مع العقاب، كما هو منصوص عليه في القانون الجنائي المغربي.

وخلقت قضية الفتاة ذات ال12 سنة، والتي وضعت طفلا ناتجا عن جريمة الاغتصاب قبل أسابيع جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وتنديدات متواترة من منظمات حقوقية وسياسية.

تضامن

وفي هذا الصدد، سلطت منظمة النساء الاتحاديات الضوء على ” حجم المأساة المزدوجة التي عاشتها وتعيشها الضحية وأسرتها، التي لم تعانِ فقط من جريمة الاغتصاب تحت التهديد، بل أيضا من جراء الحكم الذي لم ينصف الضحية ولم يجبر الحد الأدنى من الضرر الذي لحقها”.

واعتبرت المنظمة أن هذا الحكم يتعارض بشكل واضح مع دستور المملكة المغربية ولا سيما الفصلين 117 و110 المتعلقين بالأمن القضائي والتطبيق العادل للقانون، ويتعارض مع الاعلان الأممي حول المبادئ الأساسية لتوفير العدالة لضحايا الجريمة وإساءة استعمال السلطة، وكذا مع فصول القانون الجنائي التي تفرض عقوبات تتراوح بين عشر وعشرين سنة فيما يخص جرائم اغتصاب القاصرين.

والتمست منظمة النساء الاتحاديات من الجهات القضائية المختصة بما فيها المفتشية العامة للشؤون القضائية فتح تحقيق عاجل للكشف عن ملابسات هذا الحكم وحيثياته، وتنوير الرأي العام بخصوصه، مع ترتيب الجزاءات المناسبة في حال ثبوت أي انحياز مخل بمقاصد العدل والإنصاف.

كما أعلنت منظمة النساء الاتحاديات “تضامنها المطلق واللامشروط مع ضحية هذه الأفعال الجرمية التي تمثل انتهاكا صارخا لحقوق الطفل، واعتداء سافرا على الأخلاق والقيم المشتركة”، وأعلنت “استعدادها لتقديم كافة أشكال الدعم والمساندة للضحية وعائلتها في المرحلة الاستئنافية”.

وشددت الاتحاديات على أنهن يعولن على الاستئناف، ل”تصحيح أخطاء هذا الحكم الابتدائي غير المقبول، باعتباره يشكل مظهرا من مظاهر الإفلات من العقاب، التي تشجع الجرائم والاعتداءات الجنسية على القاصرين والنساء”، مطالبة بتشديد العقوبات في الجرائم الجنسية، وفي مختلف الاعتداءات والانتهاكات التي يكون ضحاياها الأطفال والنساء.

وقفة

وتتوالت ردود الأفعال حول الأحكام الصادرة في قضية طفلة تيفلت، حيث دعا تحالف ربيع الكرامة إلى وقفة احتجاجية ضدها.

ونظم التحالف الذي يضم عدة جمعيات، وقفة رمزية أمام محكمة الاستئناف بالرباط، أمس الأربعاء المقبل، من أجل “التنديد بالأحكام المخففة التي تصدر في جرائم الاغتصاب والاعتداءات الجنسية على النساء والفتيات ووضع حد للاستهتار بحقوقهن وكرامتهن، وحث الدولة على تحمل مسؤوليتها في حمايتهن“.

وأعادت قضية اغتصاب فتاة قاصر بتيفلت من طرف ثلاثة أشخاص، حكم عليهم بسنتين سجنا فقط، جدل الأحكام “المخففة” في قضايا الاغتصاب إلى الواجهة.

صعقة

وتفاعل وزير العدل عبد اللطيف وهبي، مع قضية اغتصاب طفلة بتيفلت والحكم على مغتصبيها الثلاثة بسنتين سجنا فقط.

وأوضح الوزير في تصريح صحافي أنه “صعق لمضمون الحكم الصادر في حق المتهمين”، مؤكدا أنه تعيين مساعدتين اجتماعيتين من مصالح وزارته لمواكبة الطفلة الضحية.

وشدد وهبي على عزم الحكومة تشريعيا على “تشديد أقصى العقوبات في مشروع القانون الجنائي الجديد، حماية للطفولة من جرائم الاغتصاب ومن تعاطيها للمخدرات وغيرها من الاعتداءات التي قد يتعرض لها أطفالنا”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *