قدم خالد أشيبان، الدكتور في الإقتصاد و الباحث في الاقتصاد السياسي، قراءة أخرى لفهم حيقة التضخم ولهيب الأسعار في المغرب، على ضوء عوامل خارجية وداخلية، وتقارير مؤسسات مالية وهيئات إستشارية، مع الوقوف عند التدخلات الحكومة.
وقال أشيبان، في هذا الصدد” لي بغا يفهم شوية هادشي ديال التضخم (إرتفاع الاسعار) وقرار بنك المغرب وتصريحات المندوب السامي للتخطيط .. هاهي واحد المساهمة مفصلة من 5 نقط وجدتها ليكم بالأرقام والمعطيات، نتمنى تفيد في الفهم الأكثر “.
تحليل للفهم، تنشره جريدة le12.ma، كماشر في الصفحة الرسمية للدكنور خالد أشيبان، بتصرف طفيف، مع الاشارة الى أن الاراء الورادة في لا تعبر بالضرورة على رأي الجريدة. والبداية من هنا:
1. أسباب التضخم (إرتفاع الأسعار) تنقسم إلى جزئين، داخلية وخارجية:
– الأسباب الخارجية :
* إرتفاع أسعار المحروقات والمواد الأولية بسبب الحـ.رب الروسية الأوكرانية.
* اضطراب سلاسل التوريد بعد كو/رونا وبداية الحـ.رب الأوكرانية الروسية.
هذه العوامل أثرت بشكل كبير على أسعار المواد المستوردة، وبالتالي إرتفاع فاتورة الواردات خلال سنة 2022.
لقد نمت واردات المملكة بنسبة 40 بالمئة بالمقارنة بسنة 2021 لتحقق 737 مليار درهم (72.8 مليار دولار)، كما نمت الصادرات بنسبة 30 بالمئة لتصل إلى 426 مليار درهم (42.1 مليار دولار).
وارتفعت فاتورة المواد الطاقية بالمغرب بنسبة 104 بالمئة، لتصل إلى 153 مليار درهم (15.1 مليار دولار).
كما زادت تكلفة واردات القمح 81 بالمئة لتبلغ 25 مليار درهم (2.47 مليار دولار) بسبب الجفاف.
وارتفع العجز التجاري في المغرب بنسبة 56.5 بالمئة في 2022.
– الأسباب الداخلية :
* الجفاف الذي عاشته بلادنا في السنوات الماضية، والذي أثر على المنتوج الفلاحي.
* إرتفاع الصادرات خلال سنة 2022، تزامنا مع الجفاف، حيث بلغ حجم صادرات الفواكه والخضر الطازجة 2.3 مليون طن بمعدل نموسنوي قدره 10٪.
وسجلت صادرات منتجات الصيد البحري خلال سنة 2022 نموا بنسبة 13٪.
(ارتفاع الصادرات على حساب ماذا؟! (على ضبط توازن العرض والطلب في السوق الداخلي).
* المضاربة وغياب المراقبة وتعدد الوسطاء.
سبق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن أصدر رأيا في الموضوع بعنوان: “من أجل مقاربة مبتكرة ومندمِجة لتسويق المنتجاتالفلاحية” سنة 2021.
وأصدر رأيا آخرا بعنوان “مـن أجـل الإسـراع باعتمـاد سياسـة لتأهيـل وتنميـة الأسـواق الأسـبوعية بالوسـط القـروي” سنة 2020.
لقد أكد خلالهما على استعجالية إعادة تنظيم سلاسل التسويق وتقنين دور الوسطاء من أجل التخفيف من إرتفاع أسعار المنتجات الغذائية.
(هل تغير أي شيء بعدها في السياسة الحكومية؟.)
2. لمواجهة هذا الوضع، قامت الحكومة المغربية باتخاذ الإجراءات التالية:
– وقف استيفاء رسم الاستيراد المطبق على:
* العدس والفول والحمص والفاصوليا العادية منذ فاتح أبريل 2020.
* القمح اللين ومشتقاته والقمح الصلب منذ نوفمبر 2021.
* بعض البذور الزيتية والزيوت الخام ابتداء منذ 03 يونيو 2022.
* الأبقار الأليفة خلال الفترة الممتدة بين 21 أكتوبر 2022 و31 ديسمبر 2023.
– تحمل ميزانية الدولة لرسوم الاستيراد المطبقة على الحليب والزبدة خلال الفترة الممتدة بين 17 نونبر 2022 و31 اكتوبر 2023.
– تحمل ميزانية الدولة للضريبة على القيمة المضافة عند استيراد الأبقار الأليفة خلال الفترة الممتدة بين 03 فبراير و31 ديسمبر 2023.
– تحمل ميزانية الدولة لرسوم الاستيراد وللضريبة على القيمة المضافة عند استيراد الأبقار الحلوب والأغنام الأليفة ابتداء من 10 فبراير2023.
– إخضاع صادرات الحمص إلى ترخيص منذ 27 ديسمبر 2021 لضمان تموين عادي للسوق المحلي من هذ المنتوج.
إلا أن معظم هذه الإجراءات لم تحد من إرتفاع الأسعار.
للأمانة العلمية، كانت الأسعار سترتفع بشكل أكبر مما هي عليه اليوم لو لم تتخذ الحكومة هذه الإجراءات.
3. في المقابل قام بنك المغرب، منذ دجنبر 2022, برفع سعر الفائدة في ثلاث مناسبات، لينتقل من 1.5 إلى 3 في المائة.
ويرجع ذلك إلى مجموعة من العوامل الداخلية وأخرى خارجية:
– العوامل الداخلية :
إرتفاع نسبة التضخم، حيث وصل ارتفاع أسعار المواد الأساسية إلى معدل 6.6 في المائة خلال سنة 2022.
إرتفاع أسعار المواد الغذائية بأكثر من 20 في المائة حسب اخر نشرة للمندوبية السامية للتخطيط.
– العوامل الخارجية :
رفع سعر الفائدة من طرف الاحتياطي الفيديرالي الأمريكي، وبالتالي ارتفاع مستمر لقيمة الدولار.
ويهدف قرار بنك المغرب إلى :
* الحفاظ على قيمة الدرهم ثابتة أمام الدولار.
* الحفاظ على فاتورة الواردات ثابتة.
* الحفاظ على قيمة الدين الخارجي ثابتة.
4. كل هذه المعطيات تؤكد ما صرح به المندوب السامي للتخطيط بأن التضخم في المغرب سيصبح هيكليا بسبب:
– التغير المناخي وتأثيره سلبا على العرض الفلاحي.
– إرتفاع عدد السكان.
– تغير في أنماط الاستهلاك.
– غياب رؤية حكومية واضحة للتعامل مع هذا الوضع على المدى القصير والمتوسط والبعيد.
5. السؤال المهم الآن هو : ماذا ستفعل الحكومة المغربية لمواجهة هذا الوضع المنهك للقدرة الشرائية للمغاربة ؟
من بين الخيارات المتوفرة :
– إيقاف كلي لعمليات تصدير المواد الفلاحية الأساسية لمدة ثلاثة أشهر.
– إيقاف رسم الاستيراد والضريبة على القيمة المضافة بشكل مؤقت على استيراد الخضر والفواكه التي تعرف نقصا كبيرا في السوقالداخلية وتسريع عمليات استيرادها.
– تشديد عمليات المراقبة على أسواق الجملة، وتتبع مسار المنتوجات بين الضيعات والأسواق.
– زيادة شاملة في أجور الموظفين والطبقة الشغيلة. (الاجور مجمدة منذ 2011)
– تسريع العمل بالسجل الاجتماعي الموحد وتقديم دعم مالي مباشر للأسر الفقيرة.
– التعجيل بتعديل حكومي.