أكدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، اليوم الاثنين بالرباط، أن المناظرات الجهوية حول التنمية المستدامة ستمكن المواطنين من المساهمة في إعداد السياسات العمومية والمشاركة الفعالة في بناء مستقبل مشترك.
وأوضحت ليلى بنعلي، خلال الجلسة الافتتاحية للمناظرة الجهوية حول التنمية المستدامة بجهة الرباط-سلا-القنيطرة، أن هذه المناظرة التي تنعقد بالموازاة مع مناظرة جهة الدار البيضاء سطات، تشكل المحطة الـ12 لعقد المشاورات الجهوية الموسعة، التي ستختتم بها اللقاءات الجهوية.
وأكدت بنعلي أن هذه المبادرة لها دور محوري، إذ ستساهم في تعبئة كل الفعاليات بالجهة حول هدف إرساء أسس تنمية جهوية أكثر استدامة، مبرزة أن المغرب انخرط في تنزيل الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة منذ مدة.
وأضافت أن المغرب اتخذ عدة إجراءات لتجويد إطار عيش المواطنين والحفاظ على البيئة وتعزيز اقتصاد مسؤول وأكثر استدامة، مبرزة أنه على الرغم من الجهود المبذولة، “نحن ملزمون أن نسير أبعد في هذا المجال وبسرعة أكبر وبعزيمة أقوى من أجل تحقيق الأهداف المتوخاة“.
وأعربت الوزيرة عن تقديرها للجهود التي بذلت على المستوى الجهوي والتي مكنت من تعبئة كل الطاقات من أجل إشراك الجميع في مناقشة رهانات التنمية المستدامة على المستوى الجهوي، مضيفة أن مخرجات هذه المناقشة “ستأخذ بعين الاعتبار في النسخة المحينة للإستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة التي نحن بصدد إعدادها“.
وقالت إن تنظيم هذه المناظرات الجهوية للتنمية المستدامة يعبر عن الوعي بالدور الذي يجب أن يلعبه كل مواطن ومواطنة في تحديد أهم الرهانات وأولويات الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، و من أجل “تمكين الجميع من المشاركة واقتراح أراء جديدة والمساهمة في إعداد السياسات العمومية ببلادنا“.
وأكدت بنعلي أن الهدف يكمن في تعزيز التنمية الجهوية وجعلها أكثر استدامة، مشيرة إلى أن تنظيم هذه المناظرة سيمكن الجميع من إبداء الرأي حول رهانات التنمية الجهوية.
وأشارت بنعلي إلى أنه تم إطلاق منصة تفاعلية لاستقاء أراء وتطلعات المواطنات والمواطنين داخل وخارج الوطن وكذا جمعيات المجتمع المدني، من أجل توسيع النقاش حول قضايا التنمية المستدامة وتحيين الاستراتيجية الوطنية الخاصة بها، مبرزة أن مشاركة المواطنين في إنجاح هذا الورش المهيكِل ستمكن من اتخاذ القرارات الصائبة كما ستضمن استجابة مخططات العمل، التي سيتم اعتمادها، لتطلعات الجميع.
كما اعتبرت أن نجاح أشغال هذه المناظرة الجهوية سيمكن من تحديد التدابير التي يتعين اتخاذها لتعزيز التنمية الجهوية الكفيلة بتكريس العدالة الاجتماعية وتشجيع التنمية البشرية وتقليص الفوارق الاجتماعية والترابية، وكذا النهوض بأوضاع المرأة والطفل والأسرة وضمان الحق في التنمية للأجيال الحالية والقادمة.
ومن جهته، قال رئيس مجلس جهة الرباط-سلا-القنيطرة، رشيد العبدي، إن هذه المبادرة ترمي إلى فتح نقاش جهوي حول التنمية المستدامة، يكون أساس تحيين الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، مبرزا أن هذه الأخيرة يجب أن تكون شاملة أكثر وملائمة للتحديات الحالية والمستقبلية.
وأشار رشيد العبدي إلى أنه منذ تبني الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة سنة 2017، بادرت الجهات إلى جانب القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية إلى الانخراط الفعلي والجاد من أجل تلبية الحاجيات الراهنة ودعم قدرة الأجيال القادمة على التطور والازدهار انطلاقا من الاختصاصات التي سطرها الدستور والقوانين الجاري بها العمل.
وأبرز أن الجهات تضطلع بدور أساسي في تحقيق التنمية، إذ أناط بها القانون مهام النهوض بالتنمية المستدامة، وذلك بتنسيقها وتنظيمها وتتبعها، ولاسيما في ما يتعلق بتحسين جاذبية المجال الترابي للجهة وتقوية تنافسيته الاقتصادية، مع الحرص على الاستعمال الأمثل للموارد الطبيعية وتثمينها والحفاظ عليها، وكذا اعتماد التدابير والإجراءات المشجعة للمقاولات ومحيطها، والعمل على تسهيل توطين الأنشطة المنتجة للثروة وللشغل، دون إغفال العمل على تحسين القدرات التدبيرية للموارد البشرية وتكوينها.
وأضاف أن التصميم الجهوي لإعداد التراب يشكل إطار التنزيل الترابي الأمثل لاستراتيجيات الدولة وسياساتها العامة بشكل يضمن التنسيق بالنظر إلى متطلبات وحاجيات التنمية بما يضمن رفاه المواطنين وتحقيق التنمية الترابية المستدامة، مبرزا أن هذا التصميم يهدف على وجه الخصوص إلى تحقيق التوافق بين الدولة والجهة حول تدابير تهيئة المجال وتأهيله وفق رؤية استراتيجية واستشرافية بما يسمح بتحديد توجهات واختيارات التنمية الجهوية المستدامة.
ومن أجل بلوغ هذه الأهداف، أشار إلى أن تصميم إعداد التراب الخاص بجهة الرباط-سلا-القنيطرة، الذي تم إعداده وفق مقاربة تشاركية مع مختلف الفاعلين الجهويين، راهن على مجموعة من الخيارات الاستراتيجية التي تندرج ضمن أهداف التنمية المستدامة، من قبيل تقوية الإنتاج الفلاحي وتنمية العالم القروية، وبناء قاعدة صناعية صلبة ووضع أسس سياحة جهوية مندمجة ومتكاملة، وتقوية وتدعيم بنيات النقل والمواصلات، فضلا عن حماية الموارد الطبيعة وتقوية منظومة التعليم والتكوين باعتبارها الرهان الحاسم للتنمية الجهوية الشاملة.
وأضاف أنه تمت هيكلة البرنامج الجهوي للتنمية بناء على محاور أساسية منها ضمان حق الولوج العادل، في جميع العمالات والأقاليم، إلى الخدمات الأساسية وتحسين الإدماج الاجتماعي والمهني للشباب والمرأة وتعزيز قدرة الجهة للتكيف مع تغير المناخ والمحافظة على البيئة.
وتابع “نعمل على عرض كل المشاريع بأهداف موضوعية ومؤشرات تشمل كل المجالات حتى يتسنى تقييمها باستمرار بالمقارنة مع الأهداف المسطرة وتحديد الإجراءات التقويمية التي تتطلبها كل مرحلة وكل مجال ترابي“.
وقد عرفت الجلسة الافتتاحية لهذه المناظرة الجهوية تقديم عرض مصور حول الرؤية الوطنية وأولويات التنمية المستدامة، من إنجاز وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة.
كما تتميز أشغال هذه المناظرة التي تستمر طيلة اليوم الاثنين بعقد ورشات عمل موضوعاتية حول “موارد طبيعية مثمنة ومحمية”، و “اقتصاد تنافسي ومجالات ترابية مستدامة”، و “الخدمات العمومية والتراث الثقافي“.
يشار إلى أن المناظرات الجهوية حول التنمية المستدامة، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تهدف إلى مقاربة موضوعات التنمية المستدامة التي توجد في صلب اهتمامات كل جهة والسهر على ضمان التقائيتها مع توجهات الاستراتيجية الوطنية الجديدة.