سارع قيس سعيد الذي بات يوصف بمحلق عسكر الجزائر وخادم فرنسا، الى إقالة وزير خارجية حكومة نجلاء بودن، ورفيق الجزائري رمطان لعمامرة في كيد المكائد للمغرب.

ويرى مراقبون، أن قيس سعيد الذي أغرق تونس التاريخ والحضارة والازدهار في مستنقع الديكتاتورية والظلم والتقهقر والفساد والتدهور الاقتصادي يرمي من وراء عدد من الاقالات غير المعللة، لوزراء في ( التربية الوطنية، الفلاحة، الخارجية)، الى إمتصاص غضب الشارع التونسي الذي يغلي.

وحسب مراقبين، فإن مناورات قيس سعيد، وإنبطاحه لنظام العسكر في الجزائر وقصر الاليزي في فرنسا، لا تثني الشعب التونسي المسحوق من مواصلة حراكه المقموع، حتى الإطاحة بنظام ديكتاوري، كان على التونسيون أشد بأسا من نظام بنعلي المخلوع وحكم الإخوان البائد.

نفاق الجرندي

وتعقيبا على قرار إعفائه من منصبه، غرّد وزير الشؤون الخارجيّة المُقال على تويتر قائلا “انتهت اليوم مهامي كوزير للشؤون الخارجية بعد سنوات 3، وفي ظرف دقيق بوصلتي الوحيدة فيه كانت مصلحة تونس العليا”.

ورغم طبيعة إقالته المفاجئة له، تابع الجرندي “كل التقدير للرئيس على ثقته ولرئيسة الحكومة ولإطارات الوزارة، سأظل حيثما كنت في خدمة هذا الوطن، كلنا عابرون وتبقى تونس شاهدة على من أحبها وأخلص لها”.

وقبل إقالته تدرج الجرندي في مناصب السلك الدبلوماسي بمختلف رتبه، قبل أن ينتهي به المطاف حاملا حقيبة الخارجية بأكثر من حكومة تعاقبت على تونس، منذ سقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.

وحتى بعد الإجراءات الاستثنائية التي بسطت سلطان الرئيس قيس سعيّد في البلاد منذ يوليو 2021، آثرت رئيسة الحكومة نجلاء بودن الاحتفاظ بالجرندي (71 عاما) على رأس هذه الوزارة السيادية حتى أمس.

وكثيرا ما دافع عثمان الجرندي عن قرارات الرئيس قيس سعيد الرعناء وغير السديدة، خصوصا تلك الإجراءات الاستثنائية، حتى أنه زعم –في حوار سابق مع الجزيرة نت– أن تونس تعيش في مناخ ديمقراطي منفتح على النقد.

امتصاص غضب

الدبلوماسي التونسي السابق عبد الله العبيدي، يرى أن الإقالة تأتي في سياق سلسلة من الإقالات لامتصاص غضب الشارع.

وشهدت تونس حركة إقالات انطلقت منذ الشهر الماضي في أعقاب الانتخابات التشريعية في ديسمبر الماضي، والتي شهدت عزوفا كبيرا من المواطنين.

ورغم أن البعض ربط قرار إقالة الجرندي بإجرائه محادثة مع نظيره السوري فيصل المقداد عقب الزلزال المدمر في سوريا وتركيا، فإن العبيدي يقول للجزيرة نت إن الإقالة كان مخططا لها من قبل.

الأزمة الاقتصادية

ويرى مراقبون أن سعيد استغنى عن الجرندي لعدم نجاحه في إقناع الغرب بمسار 25 يوليو 2021، تاريخ التدابير الاستثنائية التي ألغى بمقتضاها الدستور والبرلمان وأقال الحكومة وحكم البلاد بالمراسيم.

وأرجع نشطاء -عبر مواقع التواصل- إقالة الجرندي إلى ما يعتبرونه جمودا تاما في الحركة الدبلوماسية، وتعثر المفاوضات مع صندوق النقد، وتراجع تصنيف تونس إلى أسفل المراتب وفق وكالة “موديز”، مما سينعكس سلبا على صورتها دوليا.

وتشهد تونس أزمة اقتصادية متصاعدة. وبينما سعت الحكومة للحصول على قسط أول من قرض إجمالي بقيمة 1.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، لم يوافق الأخير على القرض للآن.

تقاسم الإخفاق

في هذا السياق، يرى الناشط السياسي حاتم المليكي، أنه ليس جديدا أن يقوم الرئيس قيس سعيد بإقالة وزراء بدون أن يقدّم سبب الإقالة.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال المليكي إنه كان على الرئيس أن يقدم تقييما لأداء الوزراء ولسياسته العامة في المرحلة المقبلة، لكنه “بقي حبيس إقالات وتعيينات في وظائف الدولة العليا، بدون أن يشرح للرأي العام دوافع قراراته المفاجئة”.

وأضاف المتحدث “إذا كان هناك فشل في الدبلوماسية الاقتصادية لتونس وتحسين صورتها بعد 5 قمم دولية كبرى حضرها الرئيس قيس سعيد، فإن السبب في ذلك لا يتحملها وزير الخارجية المقال بمفرده، وإنما الرئيس كذلك”.

إقالات سابقة

وتأتي إقالة وزير الخارجية استمرارا لسلسلة الإقالات التي أعلنها الرئيس قيس سعيد خلال الفترة الماضية، حيث أقال في السابع من يناير الماضي وزير التجارة وتنمية الصادرات فضيلة الرابحي، ومحافظ صفاقس فاخر الفخفاخ.

ورجّح مراقبون أن تكون إقالة وزيرة التجارة على خلفية ارتفاع الأسعار، وفقدان عدد مهم من المواد الأساسية، وتزايد عمليات المضاربة والاحتكار.

كما جرى في 30 يناير الماضي إقالة وزير الفلاحة إلياس حمزة، ووزير التربية فتحي السلاوتي، وتعيين عضو المكتب التنفيذي السابق محمد علي البوغديري خلفا للسلاوتي.

ورجح مراقبون أن يكون تعيين البوغديري رسالة من الرئيس قيس سعيد موجهة لاتحاد الشغل، بأنه لن يرضخ لضغوط النقابات التعليمية التي تقدم حزمة من المطالب المادية والمهنية.

 

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي+le12.ma

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *