أكتب لكم اليوم عن سنة تلملم أطرافها استعدادا للرحيل.

طافت برأسي نتف من أفكار وكلمات من جمل وصور ذهنية وأصوات تأتي من بعيد.

اليوم عندما تغرب الشمس وتسافر إلى حيث مستقرها، وعندما تأتي النجوم نكون على بعد ساعات من سنة جديدة.

 آنذاك تبدأ أشياء وتنتهي أشياء.

تمنيت كثيراً أن ترحل هذه السنة التي جمعت الصفر مع رقم 2 تكرر ثلاث مرات . بل ظني أن أفضل ما تفعله أن ترحل.

عشت خلالها أرقاً متصلا وعكة تلو أخرى ، لكن ذلك لم يؤثر على إيقاع “سنجاب القطارات” بيد أن الحزن ظل يدهمني كثيراً ..إذ عشت وحدانيه متعبة مرهقة.

صبرت كما صبر أيوب ، حين كان يتحتم أن تسقط دمعة من المآقي.

في بعض الأحيان كان لسان حالي يقول:

ودع هريرة إن الركب مرتحل..فهل تطيق وداعاً أيها الرجل.

وعلى الرغم من أنني أجد متنفساً في المرح، لكن لم يحدث قط أن نسيت عقلي.

ثمة أشياء ساكنة في الأعماق كنت أعرف كيف أكبحها.

علي أن أقول أيضاً..في كل الأوقات خلال هذه السنة الراحلة كنت أجد متعة في القراءة ، وكذلك في كتابة هي بمثابة حديث مع الآخر، إذ أن رأسي يضج بالأفكار، لا أزعم لكنني متيقنا من ذلك .

نعم ، أحياناً نكتب لنعيش لكن تكتشف بأنك لا تجد سوى قبضة ريح، بل أكثر من ذلك كمن يتشبث بأعنة الرياح. 

مؤكد كانت هناك نقاط ضوء في بعض أيام السنة التي أوشكت أن تغرب آخر شموسها.

إذ عشنا جميعا أفراح غامرة مع إنجازات المنتخب المغربي.

نقطة مضيئة أخرى ، تلك الأيام الرائعة في مدينة رين الفرنسية ، حيث تدثرت بعواطف فلذات كبدي. تجولت كثيراً وسمعت كثيرين . 

كانت صباحات ندية ومساءات وليال تبوح بأسرارها .

ثم نقطة مضيئة أخرى ، تكمن في إصدار خمس كتب دفعة واحدة ، وما يجعل الأمر جميلاً رائعاً أن يصبح الأبناء هم “الناشر”. أقول واثقاً ومتيقناً إنه بعد صدور هذه الكتب أدركت أن القراءة الورقية لن تندثر.

 كان في واحد من هذه الإصدارات طيف بعيد من مرارات، ولم يكن هناك ما يبرر دفنها في الدواخل.

عدا ذلك كانت القتامة. قتامة واجهتها بضبط النفس وتقديس الجهد في سبيل تكوين شباب صحافيين، لذلك كنت أقفز من قطار إلى آخر، ومن مدينة إلى أخرى.

أختم وأقول : ما كتبته هو بوح داخلي في حزن يوم من أحزان هذا العام .

ثم أقول مجددا ما أوسع الحزن وما أضيق الكلمات.

طلحة جبريل: كاتب وصحافي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *