يدين المنتخب المغربي لكرة القدم في إنجازه التاريخي في مونديال قطر؛ وبلوغ ربع النهائي للمرة الأولى في تاريخه، إلى اللعب الجماعي والقتالي للاعبيه، لكن لاعبا واحدا لفت أنظار الجماهير وكبار الأندية الأوروبية هو “الجندي المجهول” سفيان أمرابط.
منذ بداية العرس العالمي في قطر، لا يترك أمرابط، الرئة التي يتنفس بها “أسود الأطلس”، مكانا في الملعب إلا ووجد فيه، يساند الدفاع كثيرا، ويقطع وينتزع الكرات من لاعبي المنتخبات المنافسة، “ينظف” المنطقة أمام رباعي خط الدفاع، يشكل حلقة وصل بين الدفاع والهجوم، ويؤكد حضوره في الهجوم بتموين زملائه بكرات متقنة للتهديف.
يلبي أمرابط تماما ما يطلبه منه المدرب وليد الركراكي، وما يزيد من أهمية تألقه، الحرية التي يمنحها له، والقتالية الرهيبة التي يخوض بها المباريات منذ البداية وحتى الثانية الأخيرة.
تألقه المستمر، زاد من اهتمام كبار الاندية في القارة العجوز بخدماته أبرزها ليفربول الإنجليزي حسب تقارير صحفية.
يلخص زميله سفيان بوفال دوره في صفوف المنتخب قائلا: “اللاعب الذي يتمركز إلى جانبي لديه حرية التحرك إلى الأمام، أما أنا فلا يتعين علي أن اترك مركزي، وإلا سيكون هناك مخاطرة“.
لعب سفيان المباراة “الملحمية” الأخيرة، ضد إسبانيا، “بحقنة مسكنة لآلام في الظهر أبقته مستيقظا حتى الساعة الثالثة صباحا ليلة المباراة”. علق قائلا: “لا يمكنني التخلي عن اللاعبين وبلدي“.
قتالية سفيان ليست بغريبة على عائلة أمرابط، فشقيقه نور الدين أبانها خلال دفاعه عن ألوان أسود الأطلس، ولعل أبرزها مشهد إصابته برأسه في المباراة الاولى ضد إيران في مونديال روسيا، وتصميمه وإصراره على اللعب رغم معارضة الجهاز الطبي.
وقتها دخل مكانه شقيقه سفيان، وخاض دقائق قليلة فقط كانت بمثابة انطلاقة لفرض نفسه أساسيا في تشكيلة الأسود بعد نهاية العرس العالمي الروسي، حيث أصبح لا غنى عنه تشكيلة “أسود الأطلس” وخاض حتى الان 43 مباراة دولية.
يحظى الشقيقان أمرابط بإعجاب كبير من الجماهير المغربية، حتى أن الأخيرة طالبت والده بإنجاب “صبي آخر ليكون ركيزة من ركائز المنتخب المغربي في المستقبل“.
نضج أمرابط، الذي احتفل بعيد ميلاده الـ26 في 21 غشت الماضي، كثيرا في الأعوام الأخيرة، وتحديدا منذ انتقاله إلى هيلاس فيرونا الإيطالي على سبيل الاعارة من كلوب بروج البلجيكي منتصف موسم 2019-2020، فكان بوابته إلى فيورنتينا في نهايته.
استفاد كثيرا من تجربته الاحترافية في الدوري الهولندي والتي بدأها مع فريق أوتريخت (2014-2017) ومنه إلى فيينورد المتوج معه بلقب الكأس المحلية (2017-2018).
وصفه مدربه السابق في كلوب بروج الكرواتي إيفان ليكو بـ”+قاطع الطريق+ بالنسبة إلي في الملعب، بالمعنى الصحيح للكلمة”. ورد أمرابط : “أنا أفهم لماذا قال ذلك. في بعض الأحيان يجب أن تكون قاسيا في الملعب، وأحاول أن أكون ذلك اللاعب، فأنا شخص لا أخاف من أي كان“.
ببنيته الجسدية الهائلة ورأسه الحليقة، أبهر لاعب فيورنتينا منذ بداية كأس العالم. أحد مدربيه السابقين في فيورنتينا تشيزاري برانديلي قال: “سفيان أمرابط يتمتع بصفات استثنائية، إنها محرك جسدي“.
يقول عنه مدربه في المنتخب المغربي وليد الركراكي: “سفيان بصدد قطع مرحلة مهمة في مسيرته الاحترافية. إنه أول لاعب مدافع في صفوفنا، وأول صانع للهجمات. نحن سعداء ونأمل في أن يبقى في هذا المستوى، ليساعدنا على النجاح في المباريات التي نخوضها“.
ويوضح أمرابط: “قوتنا هي أن نكون فريقا حقيقيا، الجميع يركض، الجميع يقاتل”. ويضيف: “من الناحية التكتيكية، نلعب في منتصف ملعبنا، وأكثر كثافة من الهجوم، لكن لدينا لاعبون يمكنهم التسجيل“.
لم تستقبل شباك المغرب سوى هدف واحد، وبالنيران الصديقة، سجله المدافع نايف أكرد بالخطأ في مرمى منتخب بلاده، رغم أنه واجه منتخبات قوية مثل كرواتيا وبلجيكا وإسبانيا.
يلخص أمرابط: “واجهنا منتخبات قوية جدا، إذا لعبنا بأسلوب مفتوح جدا، فالأمر صعب. لكن بالطريقة التي نلعب بها سيكون من الصعب عليهم التسجيل في مرمانا“.
بالتأكيد سيواصل أمرابط القيام بعمل حيوي في المواجهة ضد البرتغال، من أجل مواصلة المغامرة ومقارعة الكبار: “سبق أن لعبنا ضد البرتغال التي تملك لاعبين مميزين، وسنبذل قصارى جهودنا لكي نواصل مسارنا في البطولة. معظم لاعبي البرتغال يلعبون في أندية كبيرة، لكننا أيضا نملك لاعبين مميزين ويمارسون في صفوف أندية كبيرة“.