في ذلك الصباح الجميل كان المطر ينهمر ثم يتوقف، فينهمر ضياء الشمس، بدا لي هذا الطقس ملائماً لجولة على الأقدام في وسط “رين” (غرب فرنسا).

كنت بصحبة أعزاء. بدأت الجولة من “ساحة البرلمان “. لعلها المدينة الوحيدة في فرنسا التي يوجد بها برلمان يتولى التشريع للأقليم الذي يعرف باسم “بريتاني” وأحيانا ينطق “بريطانيا“.

تاريخ رين هو تاريخ هذا الإقليم ، ومعظم سكانه حياتهم وماضيهم وحاضرهم هو البحر.

يوجد البرلمان في مبنى باذخ مماثل للقلاع التاريخية، وهذا هو حال معظم البنايات في  المدينة.

في الساحة قبالته مقهى أنيق في مكان مكشوف، وهناك مظلات يجلس تحتها الزبناء عندما تتهاطل قطرات المطر. زبناء المقهى المفتوح من مختلف الشرائح.

نساء ورجال فتيات وشبان وأطفال.على وجوههم هدوء البال وانفتاح الشهية للحياة

انتقلت بعد ذلك إلى الشوارع حيث توجد المتاجر. جميعها رصفت بأحجار ملساء صلدة، تشبه الطوب تجعل المشي يُسْرًا وسهلا وممتعاً.

لاحظت أن في معظم المتاجر بما في ذلك فروع أسماء تجارية مشهورة، يعمل شخص واحد. يتجول معك في المتجر ليشرح لك كل شيء ، وفي الوقت نفسه يشرف على صندوق الأداء.

ستلاحظ  كذلك في الشوارع أن التاريخ يمشي على أرجل. بعض المباني واجهاتها خشبية، بعضها مرت عليها أزيد من قرن.

وجدت باباً يعود تاريخه إلى القرن التاسع عشر.

من بين الأزقة المشهورة في رين ، زقاق يطلق عليه اسم “زقاق العطش”، ولأن المدينة من المدن الجامعية، يقبل عدد كبير من الطلاب على هذا الشارع، المتراصة فيه مطاعم وحانات صغيرة ، تقدم مأكولات من جميع أرجاء العالم.

يبدأ الطلاب رحلة مأكولات ومشروبات من بداية الزقاق، ثم ينتقلون من حانة إلى أخرى، بعضهم يغادرون الزقاق وهم يترنحون. بينهم طالبات من الواضح أنهن يقبلن على الحياة بمرح وحب استطلاع .

ينتظم في وسط المدينة سوق كل سبت، يباع فيه كل شيء من الخضروات واللحوم والفواكه وكل ما له علاقة بالمطبخ، كما توجد به مكتبات صغيرة تبيع الصحف والمجلات والكتب.أي سوق للمعدة والعقل.

الناس هنا يتبادلون الحديث على الرغم من أنه لا تربطهم أي معرفة. جربت بدوري الحديث مرتاحاً مع الانجليزية مجتهداً ومستمعاً مع الفرنسية، إذ أحسن وسيلة للاحتفاء بالناس أن تستمع لهم.

توجد في بعض الساحات حدائق صغيرة فيها زهور وشجيرات، عندما يهب النسيم تفوح هذه الحدائق وتتمايل الشجيرات كما تتمايل أشجار البان عندما تعبث بها الرياح.

رين عالم جذاب ومدينة مضيئة تجعلك تعيش التاريخ الذي كان.

*رين / طلحة جبريل/كاتب صحفي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *