أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، الخميس بمراكش، أن قضية الشباب أضحت، أكثر من أي وقت مضى، جوهر كل مشروع تنموي متسق وشامل.
وقالت فتاح العلوي، في افتتاح أشغال ندوة دولية حول موضوع “الأسواق الدولية للرساميل: ترقب غير المتوقع، المعضلة المتشعبة للأسواق المالية، تنظمها الهيئة المغربية لسوق الرساميل بالموازاة مع انعقاد الاجتماع السنوي الـ47 للمنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية، إن “قضية الشباب تمثل جوهر كل مشروع تنموي متسق وشامل، خاصة في ظل الظروف الراهنة التي تتسم باصطدام بين الاقتصاد التقليدي القديم والاقتصاد الجديد بدل من تكاملهما“.
وفي هذا السياق، سلطت الوزيرة الضوء على الرؤية الطموحة للمغرب في أفق سنة 2035، والتي جاء بها النموذج التنموي الجديد باعتبارها خارطة طريق لتعزيز الربط بين المجالين الاقتصادي والاجتماعي، مع مراعاة الامتثال لمتطلبات النمو الأخضر “التي أضحت ضرورة ملحة”، مشددة على أهمية “إضفاء الطابع المستقبلي على الحاضر”، مع تمكين الشباب من الفرص الكفيلة بإدماجهم في سوق الشغل وتحرير طاقتهم الإبداعية عبر ريادة الأعمال.
وفي هذا الصدد، استشهدت الوزيرة بالخطاب السامي الذي ألقاه الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية، معتبرة أنه بمثابة “دعوة ملزمة لنا جميعا لإيجاد السبل والوسائل الكفيلة بوضع القطاع البنكي والمالي، والسوق ككل، في مواجهة التحديات الكبرى التي تعترضنا“.
وبالموازاة مع ذلك، أكدت فتاح العلوي على الأهمية الكبرى التي توليها المملكة لتنظيم الأسواق، مذك رة بالمبادرات والإصلاحات التي قام بها المغرب من أجل الاستجابة لهذه الرهانات والتحديات، ولجعل سوق الرساميل محركا حقيقيا لعجلة النمو الاقتصادي.
ويتعلق الأمر، أولا، بتعزيز الاستقرار المالي الذي يتمتع به النظام المالي حاليا، من خلال مجموعة من الإصلاحات التشريعية والتنظيمية الكفيلة بإرساء آلية للتنسيق من أجل رصد المخاطر المنهجية بين السلطات العمومية والهيئات التنظيمية، ومن بينها الهيئة المغربية لسوق الرساميل، فضلا عن تعزيز صلاحيات الهيئات التنظيمية وتحسين الشفافية المالية.
كما يتطلب الأمر تطوير أداء البنية التحتية للسوق الوطنية الكفيلة بتعزيز أنظمة التشغيل والحكامة وأوجه التعاضد بين مختلف البنى التحتية القائمة، وبورصة القيم، والوديع المركزي.
وسلطت فتاح العلوي الضوء على تعزيز سوق الرساميل وتنويع الأدوات المالية، من خلال بلورة حلول بديلة للتمويل وإعادة التمويل القائمة على التمويل الجماعي والسندات المغطاة، فضلا عن تعزيز دور قطاع الرأسمال الاستثماري في تمويل رأسمال المقاولات، عبر إصلاح الإطار القانوني الذي ينظم هذا القطاع.
وفي النقطة الرابعة من الإصلاحات، أشارت فتاح إلى ضرورة مواءمة سوق الرساميل خاصة، والقطاع المالي المغربي عامة، مع متطلبات الاستدامة بالنظر إلى مختلف المبادرات التي أقدم عليها المغرب، ومن بينها اعتماد خارطة طريق لتمويل المناخ خلال مؤتمر “كوب 22” بهدف مواكبة التحول إلى الاقتصاد الأخضر ومكافحة التغيرات المناخية.
على صعيد آخر، دعت الوزيرة المجتمع الدولي لأسواق الرساميل إلى إظهار الحكمة وإبداء حس الذكاء الجماعي، لأن “العالم أضحى مجالا للتقاسم، ولم يعد خاضعا للهيمنة“.
وخلصت إلى أن “المشروع المغربي من أجل مجتمع متضامن ومستدام يندرج ضمن الرؤية المتبصرة للملك محمد السادس، الذي يدعو إلى إرساء شراكة على قدم المساواة مع شركائنا“.
وتعتبر هذه الندوة، الأولى من نوعها التي تنعقد حضوريا منذ تفشي جائحة (كوفيد-19) بعد تلك المنعقدة في سيدني خلال 2019. وقد شهد هذا الحدث حضور أزيد من 90 هيئة لأسواق الرساميل من حوالي مئة بلد، ممثلين بأزيد من 300 مشارك.
ويتضمن جدول أعمال هذه الندوة تنظيم سلسلة من المناقشات حول خمسة قضايا رئيسية تتناول الرهانات الأساسية التي تواجهها الأسواق المالية العالمية، حيث تتمحور الجلسة الأولى حول موضوع ” البحث عن حل للمفارقة: تحديد الأزمات الهيكلية والدورية، وكيف يمكن لأسواق الرساميل أن تتوقع المستقبل بشكل أفضل”، في حين خصصت الجلسة الثانية للإجابة عن مجموعة من التساؤلات انطلاقا من محور “الأصفار الثلاثة: صفر إقصاء، صفر كاربون، صفر فقر؛ أي دور يمكن أن تضطلع به أسواق الرساميل من أجل بلوغ هذا الهدف الثلاثي“.
وتتناول الجلسة الثالثة والرابعة، على التوالي، موضوع “الإعادات الثلاث: إعادة الضبط، إعادة الانطلاق، إعادة التشكيل. كيف يمكن لأسواق الرساميل في البلدان الصاعدة أن تساهم في الانتعاش الاقتصادي لما بعد جائحة كوفيد؟”، وموضوع “التكنولوجيا المالية والمخاطر الجديدة: غسيل العملات المشفرة، والتمويل غير الممركز، والعملة والأمن السيبراني ووقعهم على الأسواق المالية”. أما الجلسة الخامسة والأخيرة، فتنعقد حول موضوع “القطيعة الإفريقية الجديدة“.
وتعتبر المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية، المؤسسة المرجعية في مجال هيئات تنظيم أسواق الرساميل عبر العالم، وتتعاون مع كل من مجموعة العشرين، ومجلس الاستقرار المالي، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي الذين يعتمدون معاييرها كمرجعية للقطاع المالي.
من جانبها، تضطلع الهيئة المغربية لسوق الرساميل بمهمة عضو في المجلس الإداري المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية، وتترأس منذ سنة 2020 لجنتها الإقليمية لمنطقة إفريقيا والشرق الأوسط، التي تضم 42 ممثلا لأسواق الرساميل بالمنطقة.