يثير الدخول البرلماني الجديد الكثير من التساؤلات حول أزمة النخبة السياسية وطبيعة الأداء وفعاليته وتأثيره، ووتيرة حضور البرلمانيين.
لقد أبانت السنة التشريعية الأولى محدودية أداء عدد كبير من البرلمانيين ، بسبب قلة الدراية والخبرة بالعمل البرلماني والسياسي وضعف الممارسة البرلمانية، فانعكس ذلك سلبا على المردودية.
فعلى المستوى الرقابي،انصبت أسئلة وانشغالات البرلمانيين على المشاكل التي تهم الدوائر الانتخابية التي يمثلونها.
وقلما طرحت قضايا ذات بعد وطني، وهذا عيب في العمل البرلماني، الذي من المفروض أن ينصب على القضايا الأساسية للوطن.
ولذلك، فإن طبيعة الأسئلة التي طرحت على نطاق واسع تكاد تنحصر في ما هو محلي.
على المستوى الدبلوماسي، فإن غياب التكوين المناسب والإلمام بالملفات والقضايا الكبرى ، يشكل أحد معيقات الدبلوماسية البرلمانية.
وهو ما يحول دون الترافع الناجع والمثمر عن القضايا الكبرى والمصيرية للبلاد، على رأسها قضية الوحدة الترابية للمملكة.
إن سفريات الوفود البرلمانية لا ينبغي أن تشكل هدفا، بل لا بد أن ترتبط بالعمل الدبلوماسي البناء والهادف، والحرص على خدمة قضايا الوطن بروح من الوعي و الالتزام والمسؤولية.
على مستوى الحضور، تسجل غيابات كثيرة في صفوف البرلمانيين، وهذه ظاهرة ليست بالجديدة.
ففي الحالات القصوى، ثمة برلمانيين لا يحضرون سوى خلال افتتاح الدورات التشريعية الخريفية التي يفتتحها الملك.
وبالنتيجة، فإن العمل البرلماني الفعلي يكاد يقتصر على نواة صلبة من البرلمانيين هي التي تشتغل على مستوى اللجان و يقع عليها عبء مناقشة القوانين وإخضاعها للتعديلات، وتدارس مختلف المواضيع والقضايا التي تهم الشأن البرلماني.
وأخيرا، هناك معضلة كبيرة تتجلى في تورط عدد من البرلمانيين في خروقات قانونية وملفات جنحية أو جنائية وهم محط متابعة قضائية ومنهم من قضى عقوبات سجنية.
ورغم ذلك تراهم في الصفوف الأمامية في افتتاح دورات الخريف، ويواظبون على الحضور إلى القبة، رغم سوابقهم القضائية.
وإن دل ذلك على شيء، فإنما يدل على ثغرة كبيرة في القوانين، التي لا تشترط “نقاء” السجل العدلي للبرلمانيين، فتكون النتيجة أنه حتى أصحاب السوابق بإمكانهم أن يلجوا القبة.
إن هذه المعضلة تفرض مراجعة القوانين، بما يمنع من حمل صفة برلماني لمن له سوابق قضائية أو متورط في خروقات قانونية.