ناصر السويني*

عملت الحكومة على تنزيل مشاريع النصوص التنظيمية الخاصة بالحوار الاجتماعي. ورغم “هزال” نتائج هذا الحوار، فإن الموظفين ينتظرون هذه الزيادة خلال السنة المالية الجارية، ما يتناقض ومقتضيات الدستور المالي الجديد، خصوصا أن المادة الـ59 من القانون التنظيمي للمالية تنص على أنه لا تؤخذ بعين الاعتبار إلا الأحكام النظامية الخاصة بالموظفين والأعوان المطبقة في تاريخ دخول قانون المالية للسنة حيز التنفيذ، والتي سبق تقييم الاعتمادات المخصصة لها والإذن بها في قانون المالية المذكور.

وبالتالي فإن المراسيم التي تخص الموظفين والأعوان من المفروض أن تصدر بالجريدة الرسمية وتدخل حيز التنفيذ قبل فاتح يناير من السنة الجارية، وهو الشرط الأول. أما الشرط الثاني فهو ان يتم تقييم الكلفة المالية لهذه النصوص (لأن الدستور المالي يتحدث عن تقييم الكلفة المالية للنصوص، وبالتالي يشترط وجود نص تنظيمي من خلال حديثه عن الأحكام النظامية، فهو يشترط وجود اتفاق سياسي وأجراته من خلال صدور الأحكام النظامية ودخولها حيز التنفيذ، وليس فقط مشروع النص والاتفاق السياسي) في القانون المالي للسنة المقبلة.

وويفترض أن يؤخذ بهذا التقييم في مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، قبل وضع مشروع القانون المالي لدى مجلس النواب، على أبعد تقدير يوم 20 أكتوبر من السنة المالية التي تسبق دخول قانون المالية المقبل، تطبيقا لمقتضيات الفصل الـ48 من القانون التنظيمي للمالية.

يعني هذا أن المراسيم من المفترَض أن تكون منشورة بالجريدة الرسمية ودخلت حيز التطبيق قبل تاريخ 20 أكتوبر من السنة المنصرمة؛ ما يتضح معه أن مشاريع المراسيم المتعلقة بالحوار الاجتماعي، حتى إن دخلت مقتضيات هذا الحوار في الزمن السياسي والزمن التنظيمي، فإن الشرط الأساسي لأجرئتها داخل السنة المالية الحالية هو أخذها بعين الاعتبار من قبَل الزمن المالي لقانون المالية لسنة 2019، الذي يبتدئ فعليا قبل 20 أكتوبر من السنة المدنية 2018، وبالتالي تعدّ مشاريع النصوص المتعلقة بالحوار الاجتماعي خارج الزمن المالي لقانون المالية لسنة 2019.

وكان مفروضا على الحكومة والنقابات توضيح ذلك للموظفين، إلا إذا كانت الحكومة تعتزم تجميد مقتضيات الدستور المالي، من خلال غلبة الشيء المقرر (المراسيم التنظيمية المتعلقة بالحوار الاجتماعي) على الشيء المشرع (مقتضيات القانون التنظيمي للمالية، والذي يصنف كدستور مالي).

***
*أستاذ باحث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *