الرباط: le12.ma 

قالت فاطمة الحساني، المستشارة البرلمانية عن فريق التجمع الوطني للأحرار، أمس الثلاثاء، أن مظاهر محدودية السياسة الجنائية الحالية تتجلى أساسا في عدم الحد من الجريمة أو على الأقل التقليص من انتشارها.

أشادت الحساني في تعقيبها على جواب وزير العدل وزير العدل حول السياسة الجنائية، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، باسم فريق التجمع الوطني للأحرار تصور الحكومة لتطوير وتحديث السياسة الجنائية، معتبرة أن تشخيص الوزير للتحديات التي أصبحت تواجهها هذه السياسة قد تميز بالوضوح والجرأة، مضيفة: “مما يجعلنا نطمئن على معالجة كل الأعطاب التي تحد من فعالية السياسة الجنائية ونجاعتها”.

وأوضحت المستشارة التجمعية، “نتفق معكم في كون السياسة الجنائية في شقها الموضوعي تعاني من تقادم الأسس التي استند عليها بناؤها والتي طغت عليها المقاربة الأمنية التي كانت سائدة خلال الستينيات من القرن الماضي”، مضيفة “هذه المقاربة التي جعلت الدولة تمارس رقابتها على كل شيء مما أدى إلى اتساع دائرة التجريم والعقاب إلى أفعال جد بسيطة ترتبط بممارسة الحريات الفردية ولا تلحق أي ضرر بالمجتمع، وكانت النتيجة تضخم النصوص الزجرية وتشتتها”.

وأضافت الحساني، أن أغلب النصوص التشريعية أصبحت تتضمن مقتضيات زجرية وعقابية، وهو ما أدى إلى ارتفاع عدد القضايا الزجرية المعروضة على المحاكم بكيفية تناهز تقريبا نصف القضايا الرائجة سنويا، والحال أن أغلب هذه القضايا تتعلق بقضايا من الممكن معالجتها خارج نطاق العدالة الجنائية لا سيما بمباشرة مساطر بديلة.

وتابعت، “إن مظاهر محدودية السياسة الجنائية الحالية تتجلى أساسا في عدم الحد من الجريمة أو على الأقل التقليص من انتشارها، لا سيما أمام تزايد معدلات الجرائم وانتشارها رغم المجهودات الجبارة التي تقوم بها الأجهزة الأمنية من أجل محاربة الظاهرة الاجرامية”، مشيرة إلى أن ارتفاع معدلات العود إلى الإجرام فيما يتعلق بالسرقة والعنف والنصب والمخدرات يسائل الجميع عن نجاعة العقاب وفعالية السياسة الجنائية في مواجهة تحديات الأمن وحماية المواطنين من شبح الإجرام.

وفي نفس السياق، قالت الحساني أن هيمنة منطق الاعتقال الاحتياطي، يضاف إلى مظاهر محدودية السياسة الجنائية الحالية، بحيث إن النسبة اليوم تتجاوز 47 في المائة، وهي نسبة جد مقلقة لا سيما، أن الاعتقال الاحتياطي تدبير استثنائي لا يمكن اللجوء إليه إلا في حالات محدودة، مشيرة إلى أنه من المؤكد أن معالجة إشكالية الاعتقال الاحتياطي لن تكون سهلة المنال ما لم يتم تقييد سلطة الملائمة لدى النيابة العامة بكيفية دقيقة وواضحة لا سيما أمام إسناد مهمة تنفيذ السياسة الجنائية إلى سلطة مستقلة ليست هي السلطة التي تضع هذه السياسة.

وثمّنت باسم فريق “الأحرار” سحب الوزارة لمشروع القانون الجنائي كونه كان يقتصر على بعض التعديلات الجزئية والمعزولة ليس من شأنها معالجة الأعطاب التي تعاني منها السياسة الجنائية في جوهرها، مضيفة: “وبالتالي يجب القطع مع سياسة الحلول الترقيعية في التعامل مع مدونة القانون الجنائي معتبرين أن الانتقادات التي تم توجيهها إلى قرار السحب المذكور لا تعدو أن تكون نابعة من دوافع سياسوية هدفها الوحيد مهاجمة القرارات العمومية مهما كانت أهميتها ومهما كانت جديتها”.

للرد على ذلك، تضيف الحساني قائلة: “نؤكد أنه لا ينبغي اختزال إصلاح القانون الجنائي في نقطة واحدة أو بعض النقط، وإنما ينبغي أن يكون هذا الإصلاح عميقا ومتكاملا لكون بلادنا اليوم في حاجة ماسة الى تطوير السياسة الجنائية وتحديثها من خلال قانون جنائي متطور يضمن التوازن اللازم بين الحريات والحقوق ومتطلبات حماية الأمن العام للمجتمع انسجاما مع التطور الحقوقي المكفول بدستور 2011 ووفاء بالالتزامات الدولية لبلادنا في مجال حقوق الانسان”.

وأضافت “إننا نأمل في تطوير السياسة الجنائية وتحديثها بنفس حقوقي متطور من خلال الإسراع بإعداد مشروع جديد للقانون الجنائي ومشروع قانون المسطرة الجنائية وعرضهما على مسطرة المصادقة البرلمانية في أقرب الآجال، وإن كان الإسراع ضرورة ملحة فإنه لا بد من مقاربة تشاركية واسعة تستند على المرجعية الدستورية والتوجيهات الملكية وتوصيات هيئة المناصفة والمصالحة وتوصيات الهيئة العليا لإصلاح منظومة العدالة، وكذا التزامات بلادنا المستمدة من الاتفاقيات والمواثيق الدولية”.

وخلصت الحساني إلى أن كل ذلك من أجل وضع سياسة جنائية تراعي التوازن المطلوب بين سياسة التجريم والعقاب وبين حماية الحقوق والحريات الفردية بما يكفل نجاعة التصدي لتحديات الجريمة ويستجيب لمتطلبات ممارسة الحقوق والحريات في أمن و طمأنينة. 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *