أكد عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري، في حوار أجرته معه مؤخرا مجلة “جون أفريك” -ننشر ترجمة له في حلقات- أن علاقته بالملك محمد السادس “جيدة” وأنه يتصل بمستشار الملك، فؤاد عالي الهمة فقط حينما تواجهه صعوبات تتعلق بقطاعه الوزاري فيلتمس  من الملك توجيهات بشأنها.

كما أكد أخنوش أنه لا يتقاضى أي أجر مقابل منصبه الوزاري، رغم أن شركات عائلته تدرّ أموالا كبيرة على خزينة الدولة. وشدّد الوزير والأمين العام لحزب التجمّع الوطني للأحرار على ضرورة الحذر من الذين يمارسون السياسة ليصبحوا رجال أعمال، وليس ممّن هم رجال أعمال أصلا واختاروا خوض غمار السياسة.

وقال أخنوش، في الحوار ذاته، إن والده كان قياديا في أحد أحزاب الحركة الوطنية حينذاك، مشددا على أن زوجته هي التي قامت بالاستثمار والمشاريع قبل استوزاره.

تفاصيل حقائق غير مسبوقة  تكشف عنها الحلقة الثالثة من هذا الحوار، الذي تنشر صحيفة “le12.ma” ترجمة له عن مجلة “جون أفريك” بتصرف.. والبداية من هنا.

ترجمة: مصطفى قسيوي 

-ج. أ: خلال استعدادكم لهذه الاستحقاقات، هل تخططون للاعتماد على ناخبي الأصالة والمعاصرة، ثاني قوة سياسية في البلاد؟

*أخنوش: لدينا علاقات متميزة مع البام، رغم أننا قد عشنا بعض الاضطرابات في مرحلة ما. لدينا ناخبون للمستقبل، وسنذهب للبحث عن ناخبين آخرين حيثما كانوا، بمن في ذلك من هم داخل حزب العدالة والتنمية، الذين يقدّرون عملنا ويحترمونه. لكن الكتلة الناخبة الحقيقية هي الفئة الممتنعة عن التصويت، إذ أنه من بين 21 مليون مغربي في سن التصويت، هناكفقط 7 ملايين من يذهبون إلى صناديق الاقتراع، في حين يمتنع 14 مليون مغربي.. فهؤلاء هم من يجب إقناعهم؛ونحن داخل التجمع الوطني للأحرار نعمل على ذلك.

-ج. أ: كيف تخططون للقيام بذلك؟

*أخنوش: أنا الآن في ثالث جولة لي عبر مناطق المملكة. وأتذكر أنه في أول اجتماع عقدته في مدينة الداخلة، بصفتي رئيسا للحزب، قبل عامين، لم يكن هناك أكثر من 100 مشارك. بالأمس، وفي المدينة المدينة ذاته، حضر ما يقرب من 5 آلاف شخص في الاجتماع.. التجمع لديه اليوم 120 ألف منخرط، وهدفنا هو بلوغ 200 ألف منخرط في المدى القصير.. وهذاأساس كبير للمستقبل. خلال جولاتنا الإقليمية، يمكننا أن نرى الأمل ورغبة المغاربة في تكوين قادة وأطر وقادرة على القيادة وتحقيق التغيير.

-ج. أ: هل ستقدم ترشحك؟

*أخنوش: ربّما، لكن لم أتخذ قراري حتى الآن.

-ج. أ: فاجأ وصولك إلى رئاسة حزب التجمّع، في أكتوبر 2016، الجميع. من طلب منك القيام بذلك، هل الملك شخصيا؟

*أخنوش: لنكن واضحين: المرة الوحيدة التي طلب فيها مني جلالة الملك رسميا شغل منصب سياسي كانت في 2011، لكي أبقى على رأس وزارة الفلاحة والصيد البحري. وعبد الإله بنكيران، الذي كان رئيس الحكومة آنذاك، لا يستطيع أن ينكر أن تلك كانت رغبتَه الشخصية أيضا. لكن لا يجب أن ننسى أنني قبلت البقاء في الوزارة فقط لأنها كانت إرادة جلالة الملك،الذي يُشرّفني العمل إلى جانب جلالته ولإتمام مشروعين مهمّين للغاية،، وهما “مخطط المغرب الأخضر” و”أليوتيس”.

لقد وجدت نفسي مجبرا على تعليق عضويتي في التجمع في فترة ما، آنذاك لم يكن الحزب عضوا في الحكومة. لكن عودتي إلى الحزب، في 2016، كانت بسبب النتائج التي حصدها الحزب في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وكذلك بسبب القرار الشجاع لصلاح الدين مزوار، الذي كان رئيسا للحزب، وتحمّله نتائج الانتخابات وقدّم استقالته. بعد ذلك طلب مني قادةالحزب تحمّل المسؤولية لإحداث التغيير المطلوب، فقبلت المهمة.

-ج. أ: يرى المتتبعون أن القصر يحاول أن يقوم مع التجمّع  بما فشل فيه مع البام، أي مواجهة العدالة والتنمية.. هل لديك القراءة نفسُها؟

*أخنوش: لا، لا تروِي قصصا.. معظم الأحزاب السياسية تسعى إلى التقرب من القصر الملكي، لأنه لا يوجد أي دعم ومساندة أفضل من دعم القصر. الى جانب هذا، فالبيجيدي هو من استغلّ اسم جلالته أكثر في خطاباته.. ونحن في التجمّع نريد أن تكون لنا مكانة خاصة في القصر، لكنْ ليس وحدنا. جميع الأحزاب لها مكانتها لدى جلالة الملك. ولهذا السبب تبدوتوبيخات القصر للأحزاب، في حال فشلها في أداء مهامها، وكذلك الشأن بالنسبة إلى تشجيعهم ومساندتهم في حال الرضا عن نجاح مشاريعها وبرامجها.

-ج. أ: أنت واحد من أقرب الوزراء إلى الملك.. كيف هي علاقاتك مع صاحب الجلالة؟

*أخنوش: الرأي العام هو المؤهل للحكم على هذه العلاقة. أنا شخصياً يُشرّفني أن أعمل إلى جانب جلالته من أجل تحقيق طموحات جلالته في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. وعلاقتي بملكنا جيدة.


-ج. أ: ومع مستشاره، فؤاد علي الهمة؟

*أخنوش: لدينا علاقات جيدة جدا في إطار مهام كل واحد منا. فإذا واجهتنا مشاكل تحتاج إلى التوجيهات النيرة لصاحب الجلالة،  فإننا نتوجه إلى مستشاره فؤاد عالي الهمة قصد طلب الاستشارة الرشيدة لجلالة الملك.

-ج. أ: أنت وزير وقائد حزبي، لكنك تمتلك ثروة كبيرة في المغرب. وهي التي تجرّ عليكم انتقادات خصومكم.. بماذا ترد على تهمة من قبيل زواج السياسة بالمال؟

*أخنوش: الذين يقولون مثل هذا الكلام ويتحدثون عما يسمونه التواطؤ كانوا يعرفون أنني رجل أعمال عندما طلبوا مني الانضمام إلى الحكومة في 2007 وقالوا إنهم فخورون بوجودي في الفريق الحكومي.. لا أعرف ما الذي تغير الآن!.. فبعد أول تعيين لي كوزير قدّمت استقالتي من منصبي كمدير في جميع الشركات ذات الطبيعة التجارية. وأتذكر أن عباسالفاسي، رئيس الوزراء آنذاك، اتصل بي لتهنئتي على هذا القرار. وأنا الآن فخور بكوني رجل أعمال وفخور بأنني تمكنت من الحفاظ على تحديث وتطوير شركات للعائلة عمرها ستون سنة. لقد قدتُ مجموعة من 10 آلاف موظف، استثمرتُ وخلقت الثروة.. هذا هو نجاحي كرجل أعمال رائد. أما في مهمتي الوزارية فأنا على يقين من نجاحي وتوفقي في تسيير قطاعالفلاحة وتطوير قدرات القطاع الخاص. ولا يجب أن ننسى أنه كانت لدي، أيضا، مهام سياسة في السابق. فقد كنت عضو مجلس جماعي محلي في قرية صغيرة، ثم عضوا في مجلس مقاطعة، فنائبَ رئيس جماعة مستقلا، وليس عضوا في الحركة الشعبية، كما يقال أحيانا.

-ج. أ: ظهر اسمك كثالث أغنى رجل في المملكة وفي الرتبة الخامسة عشرة في إفريقيا.. ألم يكن لهذا تأثير على انخراطك ومركزك السياسي؟

*أخنوش: يجب تفسير ترتيب “فوربس”، الذي أشرت إليه، فهو لا يعني السيولة المالية، بل أصول مجموعة عائلية تشكلت قبل ستين عاما، والتي شهدت تطورا طبيعيا. ويشمل مجموعة من الشركات، بعض منها مدرجة في سوق الأوراق المالية، مع الاستثمارات وتدفقها النقدي، وحتى ديونها. ومنذ دخولي الحكومة لم أعد مسؤولاً في هذ هذه الشركات ولا مديرها،حتى لا يقول البعض إنني أستغلّ منصبي السياسي لتحقيق مزيد من الأرباح لشركات العائلة..

-ج. أ: زوجتك، أيضا، سيدة أعمال. هل تستغلّ وضعك الحكومي في نشاطها التجاري؟

*أخنوش: لا أرى كيف ترون الأمور! فقرار الاستثمار ومبادرة إطلاق بناء “موروكو مثلا، اتخذته قبل أن أصبح وزيرا.

-ج. أ: هل صحيح، كما قيل، أن نمو مجموعة عائلتك كان خلال التسعينيات بفضل التقرب من إدريس بصري، وزير الداخلية في عهد الحسن الثاني؟

*أخنوش: إنها مجرد إشاعات خاطئة تماما. فوالدي كان من قدماء الحركة الوطنية وكان يقود حزبا سياسيا وكانت له علاقات مع جميع القادة السياسيين الآخرين في باقي الأحزاب. وقد تطورت تجارتنا وأعمالنا دون أي صلة بأي سياسيّ في ذلك الوقت.

-ج. أ: هل صحيح أنك لا تتلقى أي راتب عن منصبك الوزاري؟

*أخنوش: تماما، أنا لم أتقاضَ أي راتب شهري كوزير.

-ج. أ: وماذا عن مصاريف التنقلات؟

*أخنوش: أنا غالبا ما أقوم برحلات خاصة، كما أعتمد على بعض المتعاونين معي. فأنا أحاول، قدْر المستطاع، تفادي الصعوبات والإجراءات الإدارية التي تعوق السرعة والكفاءة المطلوبة من فريق عملي، وأنا لا أكلف ميزانية الدولة الكثير، رغم أن لدينا مجموعة عائلية تعدّ مساهما رئيسيا في تزويد خزينة الدولة من عائدات الضرائب.

-ج. أ: لدى الرأي العام تصوّر عن التجمع الوطني للأحرار كحزب لرجال الأعمال والأعيان.. كيف تعملون من أجل تغيير هذه الصّورة؟

*أخنوش: صحيح أن تاريخ حزبنا يعترف بانخراط رجال أعمال آمنوا بأفكاره وبمشروعه السياسي. لكن مشروعنا السياسي مفتوح أمام جميع طبقات المجتمع، لأن هذا هو الدور الحقيقي لأي حزب سياسي. التجمع يقوم الآن بإجراء تحول إستراتيجي، من خلال إعادة تنظيمه. لدينا اليوم منظمة نسائية، وأيضًا منظمة شبابية فيها حوالي 30 ألف عضو، أغلبهم من الطلبة، ومن هم بعيدون عن الطبقة الغنية. كقاعدة عامة، المغاربة يحبّون الناس الناجحين، على عكس ما يروّج الشعبويون. وبدل انتقاد رجال الأعمال الذين ينخرطون في السياسة، أليس من الأفضل الحذر من أولئك الذين يدخلون السياسة ليصبحوا رجال أعمال؟!…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *