مراد بورجى

 

المتتبع لمسلسل الانتخابات الرئاسية في “الجارة الشقيقة” الجزائر سيكتشف، لا محالة، كما اكتشفت شخصيا خلال تغطيتي لبعضها، أنه أمام ما يمكن أن نسميه الحلقة الخامسة من مسلسل الواقع الهزلي الذي يعيشه الشعب الجزائري.. وأبطاله ليسوا إلاّ لوبي يتزعمه جنرالات الجزائر، الحاكمون الحقيقيون للبلاد.

أما وراء هذا اللوبي من الجنرالات فتقف، بالتأكيد، أروبا وأمريكا، اللتان يمكن إدارجهما في خانة المتسترين على هذه الجريمة الشنعاء التي تُرتكب في حق الجزائر والجزائريين. إذ لا يخفى على أحد، والحالة هذه، أن المستفيد الأول والأخير من خيرات وثروات الجزائر ليس هم الجزائريون وإنما الغرب، ولا أحد سواه.

وهذا الغرب هو الذي نرى اليوم كيف يوفر رعايته الكاملة لإعادة ترشيح “جثة” بلا روح، في مسرحية عنوانها العريض: الإهانة لشعب يستحق الكرامة.

وطبعا، نتحدث هنا عن عبد العزيز بوتفليقة، الذي لم يتواصل مع شعبه منذ أكثر من سبع سنوات ولا يعرف العالم كله هل ما زال الرجل حيا أم أنه غادر الحياة، فيما جثته ما زالت معتقلة في ثكنات العسكر!؟

نعم إن سكوت الغرب عما يجري في الجزائر، من تمريغ كرامة الجزائريين كي يقبلوا بترشيح جثة لتحكمهم للعهدة الخامسة على التوالي، هو دليل آخر يفضح نفاق هذا الغرب واستبداده وازدواجية معاييره في نهب ثروات الشعوب المستضعَفة.

وما يبعث الشفقة على هؤلاء الجنرالات هو أنهم لم يأخذوا العبرة من دول كثيرة في العالم جنّد لها جنرالاتها فخاضوا حروبا أهلية شعواء انتهت بالموت أو بمحاكمات في محكمة اللاعدل الدولية، التي أعدها الغرب نفسُه لمحاكمة الدول النامية، المنهوبة ثرواتها. ونموذج الربيع العربي ما زال حيا، إذ أعلن رؤساء دول عظمى تدّعي الديمقراطية وحماية الشعوب من ديكتاتورية حاكميها أنها حجزت الثروات المنهوبة لكل من بنعلي تونس وقذافي ليبيا ومبارك مصر، وقبلهم ثروة صدام العراق، وكل مقربيهم.

لكنّ ما لم تعلنه هذه الدول هو أنها استفادت هي من هذه الثروات المنهوبة ولم ترجعها إلى أصحابها الأصليين.

أتذكر أني التقيت، في وقت سابق، بالتزامن مع أجواء الربيع العربي مع ما كان يسمى وقتذاك الرئيس الليبي للمرحلة الانتقالية، عبد الجليل، بعد الإطاحة بالقدافي. وكان هذا اللقاء فرصة لأسأله: “هل استرجعتم أموال نظام القذافي المجمّدة في الدول الغربية”؟

جواب عبد الجليل كان واضحا ومؤكدا لهذه الحقيقة المرة: “لم نسترجع أي سنتيم من هذه الأموال”.

بقي فقط أن أقول: هذا هو الغرب. إنه يقتل ولا يجد أي حرج في أن يمشي خلف جنازة القتيل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *