مصطفى قسيوي -le12.ma

أكد عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري، في حوار أجرته معه مؤخرا مجلة “جون أفريك” -ننشر ترجمة له في حلقات- أن علاقته بالملك محمد السادس “جيدة” وأنه يتصل بمستشار الملك، فؤاد عالي الهمة فقط حينما يود  التماس توجيهات الملك توجيهات حول قطاعه الوزاري .

كما أكد أخنوش أنه لا يتقاضى أي أجر مقابل منصبه الوزاري، رغم أن شركات عائلته تدرّ أموالا كبيرة على خزينة الدولة. وشدّد الوزير والأمين العام لحزب التجمّع الوطني للأحرار على ضرورة الحذر من الذين يمارسون السياسة ليصبحوا رجال أعمال، وليس ممّن هم رجال أعمال أصلا واختاروا خوض غمار السياسة.

وقال أخنوش، في الحوار ذاته، إن والده كان قياديا في أحد أحزاب الحركة الوطنية حينذاك، مشددا على أن زوجته هي التي قامت بالاستثمار والمشاريع قبل استوزاره…

 الحوار

-جون أفريك: صادق برلمان ستراسبورغ في 16 يناير الماضي، على الاتفاقات المبرمة بين الاتحاد الأوربي والمغرب بشأن الفلاحة والصيد البحري، التي تشمل الأقاليم الجنوبية للمغرب التي نازعت بشأنها جبهة البوليساريو.. إنه انتصار بالنسبة إليك. ما الجانب الذي توليتَ في هذه المشاورات؟

*عزيز أخنوش: في الواقع هي معركة كبيرة خاضها المغرب وانتصر فيها. وقد عملت فرق من وزارة الفلاحة والصيد البحري، جنبا إلى جنب مع فرق وزارة الخارجية والداخلية، للرد على طلبات من السلطات الأوربية لضمان استفادة السكان المحليين. وقد أجرينا مشاورات تشمل غرف الفلاحة وموانئ الصيد وكذلك المجالس الجماعية، بحيث يمكن للجميع إبداء رأيهم بشأن هذه الاتفاقات مع الاتحاد الأوربي. وقد انخرط منتخبو الأقاليم الجنوبية في البرلمان، بدورهم، في هذه “المعركة” لإقناع البرلمانيين الأوربيين، والذين يتفهمون جيدا إشكالات قضية أقاليمنا الجنوبية.

-ج. أ: أعلنت جبهة البوليساريو رغبتها في اللجوء، مرة أخرى، إلى محكمة العدل الأوربية. هل استطاعت الوصول إلى تحديد جولة جديدة؟

*أخنوش: البوليساريو تناور فقط وتحاول استعراض قوتها الزائفة، من خلال التشويش لعرقلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية المتبناة لصالح ساكنة الأقاليم الجنوبية. لكن المغرب ماض في طريقه رغم ذلك. فاستثماراتنا موجودة على أرض الواقع، وهي متجلية لشركائنا الأوربيين وغيرهم.. فمع روسيا، على سبيل المثال، فإن اتفاق الصيد البحري الذي يشمل حتى الكويرة لا زال ساريا وسيمتد إلى 2020. كما أن الاستعدادات لتجديده متواصلة وتسير في الطريق الصحيح. وقد تحدثت بخصوصها مع نظيري الروسي، الذي شارك معنا مؤخرا في معرض “أليوتيس” في أكادير وكذلك الشأن بالنسبة إلى 16 وزيرا أجنبيا.

-ج. أ: ما هي إنجازاتكم على رأس الوزارة التي تقلدتم مسؤولية إدارتها منذ 12 سنة؟

*أخنوش: لقد شهد قطاع الصيد البحري تغييرات كثيرة. وأسهم وضع “مخطط أليوتيس” في حماية ثرواتنا السمكية وكذلك في رفع إنتاجيتها. وقد أقنعنا الصيادين باحترام فترات الراحة البيولوجية، لضمان الصيد المستدام، وإخضاعها لاختيار الحاويات القياسية ولمستودعات الأسماك.. لقد كان عملنا على المدى الطويل. واليوم، فإن النتائج واضحة للعيان؛ فقد تضاعف سعر قارب صيد صغير واحد عشر مرات، بعدما كان ثمنه يتراوح ما بين 50 ألف درهم و60 ألفا فقط. وقد تم رفع مدخول القطاع، لكنْ يجب أن نظل متيقظين، خاصة في ما يتعلق بمسألة حماية الموارد.

-ج. أ: يهدف مخطط “المغرب الأخضر” إلى زيادة الإنتاج الإجمالي الفلاحي ما بين 2008 و2020.. هل تَحقّق هذا الهدف؟

*أخنوش: لسنا بعيدين عن بلوغ هذا الهدف. فالناتج المحلي الإجمالي في القطاع الفلاحي ارتفع إلى 67%خلال العقد الماضي، ليصل إلى 125 مليار درهم. فقد تقدم في المتوسط السنوي بنسبة 5.25%، بعدما عرف الاقتصاد الوطني نموا بنسبة 3.2%. وساهم القطاع في رفع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بـ15%. ولم يمنع التحديث من خلق 250 ألف منصب شغل. كما تم تحسين الأمن الغذائي للمغرب، فنحن الآن حققنا الاكتفاء الذاتي في قطاع الفواكه والخضر والحليب واللحوم ونغطي حوالي 50% من احتياجاتنا من الحبوب والسكر.. وهناك مؤشرات أخرى لتوضيح النمو الذي شهده هذا القطاع، إذ أن صادراتنا انتقلت من 15 مليار درهم إلى 33 مليارا، والاستثمارات التي تم الانكباب عليها وصلت إلى 104 ملايير درهم، 60% منها تأتي من القطاع الخاص.

-ج. أ: لكنْ يبقى تطلعكم إلى خلق طبقة وسطى فلاحية مجرّدَ أمنية…

*أخنوش: مسألة خلق طبقة وسطى في العالم القروي تدخل في صلب إستراتيجية نشعر أحيانا بأننا أضعنا في تنزيلها بعض الوقت، بسبب حسابات سياسية ضيقة.. فبعض الأحزاب ضيّعت علينا سنتين، متجاهلة دورها في الوساطة والالتفات إلى ااحتقان الاجتماعي الذي يشهده المغرب.

-ج. أ: هل يمكن تفادي حراك مثل حراك الريف، الذي وقع مؤخرا؟

*أخنوش: لقد كانت لحراك الريف أسباب متعددة، لكن السبب الرئيسي كان نتاج مشكل أجندة سياسية، إذ كان هناك، بدون شك، تأخر في رد الفعل من طرف الحكومة الأخيرة .فقد زامنت هذه الأحداث مع فترة جمود ما بعد الانتخابات، ما عقّد الأمور، ما دام أن الشعبوية لا تجدي في الواقع.. وكان واجبا على الأحزاب السياسية أن تؤدي دورها في خدمة وتأطير المواطنين حتى يمكن تفادي خروجهم إلى الشارع.. إنه لأمر مخز أن يحقق المغرب تقدّما كبيرا وتجد رغم ذلك اختلالات وإخفاقات كبيرة في قطاعات التعليم والصحة والشغل وغيرها…

-ج. أ: هل حزب التجمع الوطني للأحرار مؤهل لتحمّل مسؤولية تسيير هذه القطاعات الحساسة؟

*أخنوش: ولمَ لا؟ فإذا كان لدينا رجال ونساء قادرون على ذلك فأكيد أننا سنتحمل هذه المسؤوليات. ورغم ذلك ة، فهذا لا يعني أنه ينبغي النظر إلى هذه القطاعات الرئيسية من منظور حزبيّ. على سبيل المثال، اليوم نحن راضون عن عمل وزير التربية، سعيد أمزازي، رغم أنه ليس من حزبنا، إذ أنه عضو في حزب الحركة الشعبية. نحن ندعم إجراءاته الإصلاحية، وهو في طريقه الصحيح لإصلاح منظومة التعليم. ومنذ الصيف الماضي شعرنا بأن هناك نهجا مختلفا في إجراء الإصلاح الحاسم للتعليم.

-ج. أ: منذ عدة شهور، طغت على الساحة السياسية اختلافاتك الشخصية مع البيجيدي.. ماذا عن مبدأ التضامن الحكومي في هذا السياق؟

*أخنوش: الاختلاف بيننا وبين حزب العدالة والتنمية أمر عادي، لأننا لا نتبنى الإيديولوجيا نفسَها، ب ما يجمعنا هو برنامج حكوميّ علينا تطبيقه. والتضامن الحكومي قائم، ووزراؤنا هم في الحكومة لمواكبة عمل رئيس الحكومة وترسيخه، في ظل الاحترام المتبادل بين وزرائنا.

-ج. أ: لكن سعد الدين العثماني صرّح مؤخرا بأن هناك طرفا داخل الحكومة يعزو إلى نفسه كل ما الإنجازات الإيجابية ويعلّق إخفاقاته على الآخرين.. وهذه التصريحات تستهدف حزبكم بوضوح…

*أخنوش: التجمع الوطني للأحرار طرف في الأغلبية الحكومية، لكنه أيضا حزب لديه مناضلوه ومواقفه. في الحكومة هناك نقاشات ومحادثات وهناك، أيضا، بعض المواضيع القطاعية يشتغل عليها الوزير المختص مع رئيس الحكومة؛ لكن حزبنا أحيانًا يعبر عن استيائه العميق من النتائج السلبية لبعض التدابير الحكومية. فعندما لا نوافق على إجراءات ما، فمن واجبنا التعبير عمّا نفكر فيه، في إطار العمل البنّاء، وأن نطالب باتخاذ إجراءات تصحيحية إذا كانت الحكومة خاطئة.

-ج. أ: تبقى الحقيقة أن رئيس الحكومة كان يتحدث في سياق تذمر التجار، بسبب فرض الضريبة على القيمة المضافة، وهو مشروع قانون يعزى إلى حزبكم الوقوف وراءه، وإلى وزارة الصناعة التجارة، التي يتولى حزبكم مسؤولية تسييرها…

*أخنوش: الإجراء الضريبي الذي أثار استنكار وعدم رضا التجار تم إدراجه قانون المالية.. والمشروع وُضع بعد التشاور مع المشغّلين وبعد ذلك، قُدّم إلى المناقشة والتشاور قبل التوقيع عليه من قبَل رئيس الحكومة ، ثم عُرض على البرلمان. وبشأن مشروع الميزانية الأخير، على سبيل المثال، عقدت الحكومة ما لا يقل عن أربع حلقات دراسية. المسؤولية إذن جماعية. لقد كان التجمّع الوطني للأحرار على علم بالمشروع ويتحمل جزءاً من المسؤولية في قضية التجار، في الوقت الذي تتهرب أحزاب أخرى من الاعتراف بمسؤوليتها في هذه القضية.. لكننا في التجمع الوطني للأحرار يمكننا أن ننتقد أي عمل حكومي، بل ننتقد حتى عمل وزراء في حزبنا.

*الحوار مترجم عن مجلة “جون افريك” بتصرف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *