ج.م

طالب المشاركون في المنتدى البرلماني الرابع للعدالة الاجتماعية، الذي نظمه مجلس المستشارين أمس الأربعاء في موضوع الحماية الاجتماعية بالمغرب، بضرورة العمل من أجل إحداث مرصد وطني للحماية الاجتماعية؛ مشددين في الوقت نفسه على مراجعة المنظومة الحالية للحماية الاجتماعية، وتقييم مدى نجاعتها وفعاليتها وقدرتها على إحداث الأثر المتوخى على الشرائح الاجتماعية التي تعاني الفقر والهشاشة، وذلك بهدف تثمين مكتسباتها وإصلاح مكوناتها التي لم تعد ناجعة، وتوسيع نطاق تغطيتها والرفع من جودة حكامتها.

وأوصى المشاركون بتسريع وتيرة إخراج السجل الاجتماعي إلى الوجود لضمان فعالية الحماية الاجتماعية.

ودعا المنتدى، في اختتام أشغاله، إلى إعداد إستراتيجية وطنية يتم إكسابها الصفة التشريعية من خلال إصدارها في شكل قانون إطار، تنبثق عن حوار اجتماعي وطني، وتكون بمثابة ميثاق أجيال، وهادفة إلى تعميم الحماية الاجتماعية والتحسين المستمر لمستويات الحماية، ارتكازاً على توازن واضح ودينامي بين حاجيات البلاد في مجال الحماية الاجتماعية وبين ما تتوفر عليه من موارد.

وشدد المنتدى على أهمية توسيع نطاق التغطية الاجتماعية لتشمل جميع الشرائح الاجتماعية عبر تعميم التصريحات، والوقاية من المخاطر الاقتصادية والاجتماعية الآنية والمستقبلية لمجتمع مغربي يمر بمرحلة انتقالية، إضافة إلى تحسين الخدمات الاجتماعية الموجهة للأسر الفقيرة والهشة، داعيا إلى جعل منظومة الحماية الاجتماعية في صلب النموذج التنموي المأمول من أجل إرساء توازن مجتمعي بين جميع الفئات والأجيال.

ومن توصيات المنتدى، هناك الدعوة الى توفير نظام مندمج ومتناسق للحماية الاجتماعية يروم تحقيق الحماية للشرائح الاجتماعية الهشة وفق مبادئ العدل والفعالية والإنصاف والشفافية، من أجل تحقيق التنمية العادلة والشاملة والمستدامة، مع العمل على ملاءمة السياسات العمومية المتعلقة بالحماية الاجتماعية مع المعايير الدولية، وخاصة من خلال استكمال المصادقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 102 (1952) بشأن المعايير الدنيا للضمان الاجتماعي.

ودعا المشاركون إلى العمل بشكل خاص على التقليص من هشاشة الحماية الاجتماعية المُوجَّهة لأجراء القطاع الخاص أمام انعدام الاستقرار في سوق الشغل، وذلك من خلال توسيع نطاق التغطية الاجتماعية لتشمل جميع الأجراء ، وإحداث آلية تضمن لهم التغطية، بواسطة آلية لرسملة الحقوق في شكل نقاط يمكن تعبئتها عند فقدان الشغل.

وأكد المشاركون في المنتدى على ضرورة إدماج تغطية المخاطر المتعلقة بحوادث الشغل والأمراض المهنية ضمن الضمان الاجتماعي، تماشيا مع الممارسات والمعايير الدولية، وذلك ضمن منظومة وطنية موحدة وإجبارية وغير ربحية؛ كما طالبوا بتوسيع التغطية لتشمل جميع الشرائح الاجتماعية التي تعاني من العجز والهشاشة نتيجة لخصوصياتها الديمغرافية (دورة الحياة) ووضعها الاجتماعي والاقتصادي، وفي هذا الإطار يستحسن التفكير في اعتماد آلية للحماية الاجتماعية لفائدة الأطفال، باعتبارها استثمارا أساسيا في أجيال المستقبل، وذلك من خلال تقديم الدعم المباشر المشروط لفائدة أطفال الأسر المعوزة إلى حدود 15 سنة.

ودشدد المشاركون  على إرساء نظام أكثر إنصافا من خلال آليات استهداف أكثر نجاعة ودينامية تمكن من تحديد وتتبع المحتاجين للحماية، دون أن تنتج فئة مستفيدة أكثر من اللازم، مع تفعيل المقتضيات القانونية المتعلقة بالدعم الاجتماعي والتشجيع والمساندة لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة، مع ضمان دخل أساسي، حسب مستوى الموارد، لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة، طبقا لتوصية منظمة العمل الدولية رقم 202.

وفي سياق معالجة اختلالات منظومة الحماية الاجتماعية الحالية، خاصة في الشق المتعلق بتشتت البرامج الاجتماعية، شدد المشاركون في المنتدى على ضرورة  تحقيق الاندماج والتكامل بين البرامج المتعددة والانسجام العام لمنظومة الدعم الاجتماعي، بما يضمن الاستجابة بفعالية وبشكل منتظم لحاجيات الفئات في وضعية هشاشة؛ مطالبين بتوفير حكامة جيدة تضمن للنظام الفعالية والكفاءة والشفافية والمسؤولية، عبر تقوية آليات التنسيق والتتبع والتقييم.

على المستوى التشريعي، دعا المنتدى البرلماني الرابع للعدالة الاجتماعية إلى الإصلاح الجذري للتشريعات والمساطر المتعلقة بالمعاينة والتكفل والتتبع، والتعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية، من خلال العمل على الإقرار بكونها تُعتبر مخاطرَ اجتماعية وضمان حمايتها في إطار نظام وطني للضمان الاجتماعي موحد وإجباري وغير ربحي؛ كما طالب بضمان استدامة نظام الحماية الاجتماعية بالنظر لحجم احتياجات وتطلعات المواطنين، والمخاطر الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة، والتغيرات السريعة التي يعرفها عالم الشغل، وكذا الإكراهات المالية والمؤسساتية والجغرافية وغيرها. ودعا ، في الإطار ذاته، إلى  استثمار كافة الهوامش التي يتيحها الإطار المؤسساتي والقانوني والتنظيمي الحالي للحماية الاجتماعية، وفي مقدمة الأولويات، استرداد ديون الضمان الاجتماعي التي تقع على عاتق المشغلين

إلى ذلك، أكد المنتدى الرابع للعدالة الاجتماعية على ضرورة وضع نظام وطني مندمج للمعلومات في مجال الحماية الاجتماعية، يرتكز على اعتماد رقم تعريف اجتماعي وطني، بما يتيح التقائية نظم المعلومات الخاصة بالحماية الاجتماعية، وإضفاء الطابع اللامادي على المعطيات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *