تقرير إخباري: جواد مكرم
سبع سنوات من تدبير الشأن الحكومي من طرف الحكومة الملتحية، لم تنتج من يوم لآخر، سوى مراكمة قرارات لا شعبية، أخرجت المغربي في مظاهرات احتجاجية غير مسبوقة، كما حدث اليوم بالرباط، احتجاجا، على إجهاز الحكومة على مكتسبات المواطن البسيط وسحق الطبقة الوسطى..
لم يكن غريبا، أنه في الوقت الذي كانت فيه الحكومة تتذرع بمختلف التبريرات (الواهية) لإرهاق كاهل المواطنين بالزيادات المتتالية في أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، وما سمي بـ(إصلاح منظومة التقاعد)، ستؤكد المعطيات الموضوعية فشل ترجمة الإجراءات الحكومية إلى واقع ملموس يحس المواطن من خلالها بتحسن أوضاعه الاجتماعية والاقتصادية.
إحتجاج الشارع المغربي هذا الصباح قبالة البرلمان بالرباط، بينما كان رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، “يخطب” داخل مقر مجلس المستشارين في موضوع المسألة الاجتماعية ، يحمل أكثر من رسالة، عنوانها الأبرز”براكة”.. الشعار الذي رددته أصوات الاحتجاجات.. ضد حكومات “الشعارات”..
لقد كانت نبرة احتجاج المواطن المغربي، في الشارع المغربي، واقعية لا مجال فيها للكذب أو توظيف لغة الخشب، أمام عناد الأرقام والمعطيات ذات الصلة بالأوضاع الاجتماعية الصعبة والمعقدة التي تكتوي بنارها شرائح واسعة من المواطنين.
أمام هذا المشهد الذي هيمن على واجهة مقر البرلمان، سيقر سعد الدين العثماني رئيس الحكومة، بفشل البرامج الاجتماعية المعتمدة في تحقيق الفعالية والنجاعة المطلوبتين، وذلك بسبب غياب الالتقائية والانسجام والتكامل بين المتدخلين.
رئيس الحكومة، سيقول في افتتاح الملتقى البرلماني الرابع للعدالة الاجتماعية في موضوع “الحماية الاجتماعية ورهانات الحكامة والاستدامة” الذي نظمه مجلس المستشارين اليوم الأربعاء، إن حكومته واعية بوجود تحديات تحول دون الاستجابة لتطلعات كافة الفئات الاجتماعية المعنية، الأمر الذي يتطلب مضاعفة وتظافر جهود الجميع. وشدد على أن عمل الحكومة ينصب على جعل منظومة الحماية الاجتماعية أكثر فعالية ونجاعة، وعلى تعزيزها بهدف تعميم التغطية الاجتماعية تدريجيا لتشمل كل المخاطر الاجتماعية ومختلف الفئات.
ورغم اعتراف العثماني بأن الحكومة ورثت 139 برنامجا اجتماعيا، إلا أنه صرح بأنها تفتقد للنجاعة وتحتاج إلى مراجعة، لأنها برامج معزولة، في إشارة إلى غياب الالتقائية.
رئيس الحكومة، سيحدد السقف الزمني لانتظارات الحكومة بشأن منظومة جديدة للحماية الاجتماعية في غضون أقل من سنة ونصف، قصد الوصول إلى ما سماه “منظومة فاعلة ومفيدة ومندمجة”.
من جهته، أكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أحمد رضا الشامي، أن منظومة الحماية الاجتماعية بالمغرب تتسم بالهشاشة والضعف، مشيرا إلى أن 60 في المائة من الساكنة النشيطة خارج نظام التقاعد، و46 في المائة محرومة من التغطية الصحية، وشدد على ضرورة إصلاح المنظومة بشكل هيكلي لجعلها تحقق الأهداف المرجوة.
في غضون كل ذلك، واستحضارا لأهمية الحماية الاجتماعية في حياة المواطن، دعا رئيس مجلس المستشارين حكيم بن شماش، اليوم الأربعاء، إلى التأسيس لأرضية وطنية جديدة للحماية الاجتماعية، مؤكدا على أن النموذج الحالي لمنظومة الحماية الاجتماعية استنفد مداه وأنه يوجد على عتبة تحديات جديدة، تتمركز في صلب “تفكيرنا الجماعي في نموذجنا التنموي”.
بنشماش، سيقول في افتتاح النسخة الرابعة للمنتدى البرلماني الدولي للعدالة الاجتماعية الذي احتضنه مجلس المستشارين، إن التحدي المنهجي الذي يواجهنا جميعا، يتعلق ببناء أرضية وطنية جديدة للحماية الاجتماعية كجزء من نموذجنا التنموي الجديد، وهي أرضية تتجاوز، من حيث أهدافها، ومداها وتدابيرها، برنامجا حكوميا لولاية واحدة، أو رؤية قطاع وزاري، أو فاعل حزبي أو نقابي أو مهني.
و بينما كان شارع الاحتجاج، يصرخ في ذكرى 20 فبراير، فاضحا فشل الحكومة الملتحية في توزيع الثروة وإقامة قواعد إرساء العدالة الاجتماعية تنزيلا لدستور المملكة، سيؤكد رئيس مجلس المستشارين حكيم بن شماش، أن بلادنا اليوم في مفترق الطرق، فمن أجل إرساء تنمية عادلة وشاملة، يتعين أن تتوفر على نظام حقيقي مندمج ومنسجم ومستدام للحماية الاجتماعية.
هو إذن يوم غير عاد في تاريخ الحكومة العثمانية، توحد فيه الشارع والبرلمان، ممثلا بمجلس المستشارين، في محاكمة 7سنوات من الفشل الحكومي في إعادة صياغة عقد إجتماعي جديد بين الدولة والمجتمع قادر على تشكيل قاعدة صلبة لبلورة مشروع تنموي، يجيب على إنتظارات الشعب، في الكرامة والتوزيع العادل للثروة، ويواكب تطلعات أعلى سلطة في البلاد، في العبور الآمن بالمملكة، نحو ولوج نادي الدول الصاعدة..