*أحمد الدافري

 

الخسائر السياسية والديبلوماسية والمالية التي يراكمها كابرانات البلد الشرقي الجار جعلتهم يصابون بالسعار، وأصبحوا يوجهون اللوم لبعضهم البعض، وفي كل مرة تقوم فئة منهم بتصفية عنصر من فئة أخرى في إطار صراع على السلطة.. 

الأربعاء الماضي استفاق الجزائريون على خبر وفاة الجنرال (اللواء) فريد بجغيط رئيس دائرة الإشارة وأنظمة المعلومات والحرب الإلكترونية. هذه الدائرة هي الإدارة  المكلفة بتحقيق انتصارات على مستوى الاستخبارات العسكرية بتسخير كل الوسائل الإلكترونية والتكنولوجية.. وقد تم تعيين الجنرال فريد بجغيط مسؤولا عنها في غشت 2020.  

لكن واحدا من حكام الجزائر الحاليين، وهو الجنرال محمد مدين المعروف باسم توفيق، الذي كان قد زج به في السجن الجنرال قايد صالح المقتول،  مباشرة بعد أن أخرجه شنقريحة من السجن في بداية يناير من هذه السنة، دخل في صراع مع الجنرال فريد بجغيط هذا.

الجنرال محمد توفيق، هو الرجل القوي الذي تحكم في المخابرات الجزائرية لمدة 25 سنة من 1990 إلى 2015، وهو المسؤول عن كل المآسي وعمليات القتل والترهيب التي عرفتها الجزائر في العشرية السوداء، التي كانت المخابرات المدنية والعسكرية مسؤولة عنها، والتي أدت إلى قتل عشرات الآلاف من الجزائريين في إطار حرب أهلية طاحنة. 

وقد تم الإفراج عن توفيق من السجن وتبرئته من التهم التي وجهت إليه في عهد الجنرال القايد صالح المقتول في نفس الأسبوع الذي تمت فيه تبرئة زميله في القتل والإرهاب الجنرال خالد نزار الذي اشترك معه في تنفيذ مخططات المخابرات في العشرية السوداء.

 خالد نزار هذا، هو وزير دفاع سابق، كان يعيش في إسبانيا هاربا من القايد صالح، وتم الحكم عليه غيابيا بعشرين سنة سجنا نافذا. لكن بعد تصفية القايد صالح الذي كان قد أتى بالتبون للحكم محاولا إخماد الحراك الجزائري بإدخال جنرالات إلى السجن كان يرى الجزائريون أنهم مسؤولون عن مآسي الشعب، عاد الثنائي توفيق – نزار إلى التحكم في نظام الحكم بعقلية تلك المرحلة البائدة التي كانت الطريقة الوحيدة فيها للخروج بالجزائر من الأزمة هي إيهام الشعب الجزائري بأن هناك عدوا خارجيا يتربص باستقرار البلد، وادعاء أن هذا العدو هو المغرب المتواطئ مع الصهاينة، وأن الحل للقضاء على هذا العدو هو محاربته عن طريق شرذمة البوليساريو وتقسيمه وخلق دويلة في جنوب أراضيه لخنقه والحد من امتداده الإفريقي.  

الجنرال توفيق الذي يسمى “صانع رؤساءالجزائر”  هو الأب الروحي للمهرج الرياضي حفيظ الدراجي.  فبتحالفه مع الجنرال خالد نزار وصنيعتهما شنقريحة الذي حصل على كل ترقياته العسكرية بفضلهما، كوّن منذ خروجه من السجن حلفا عسكريا، يقوم بتصفية كل من يرى أنه غير متوافق مع رؤيته للأمور ..

 عدد كبير من الجنرالات قام الثلاثي شنقريحة – توفيق –  نزار بتصفيتهم. آخرهم هو الجنرال فريد بجغيط الذي تم الإعلان أمس عن وفاته، وكانوا قد اعتبروه طرفا في مسؤولية إخفاقاتهم السياسية والدبلوماسية في مجلس الأمن والأمم المتحدة، ودخلوا معه في صراع..

 التبون المسكين، عندما جاء به القايد صالح ولقنه ما ينبغي عليه أن يفعل، ليس له حول ولا قوة. فهو متهم سابق رفقة ابنه في الاتجار في المخدرات الصلبة. ولا يفعل سوى ما يمليه عليه الثلاثي توفيق نزار شنقريحة. وحتى رئيس الحرس الجمهوري علي بنعلي الذي كان القايد صالح رقاه في أعلى مرتبة في الجيش هو شخص عجوز وجد نفسه محاصرا بعصابة شنقريحة وغير قادر حتى على حماية نفسه فبالأحرى حماية التبون.   القايد صالح كان يعتقد أن شنقريحة وفيا له. فعينه خلفا له في قيادة الأركان الحربية على أساس أن يتقاعد هو دون أن يرفع يده عن قيادة الأركان، وذلك في إطار مخطط لإيهام الشعب الجزائري بأنه رجل يحب الخير لهم وأنه قد قاد البلد نحو انتخابات نزيهة أتت بالتبون، وأن مهمته قد انتهت، وأن الحراك يجب أن يتوقف بعد بلوغ المقصود.. لكن شنقريحة غدره.. انقض على الحكم وفرض على التبون أن يأتمر بأوامره ودفع به إلى مغادرة البلد إلى ألمانيا بدعوى إصابته بكورونا في إطار مسرحية هزلية، ريثما يقوم بإعادة ترتيب الأمور وفق توجيهات الثنائي توفيق ونزار، وقد كانت عودة التبون إلى الجزائر من ألمانيا مرهونة بتنفيذه للأوامر، في انتظار الفرصة المواتية للتخلص منه. 

أمس تم قتل الجنرال فريد بجغيط. وللتغطية على قتله كان من الضروري خلق حدث كبير في اليوم نفسه.. هذا الحدث هو الإعلان عن أن المغرب قتل ثلاثة جزائريين في شاحناتهم.  

الجزائريون الثلاثة رحمهم الله تم قتلهم يوم الاثنين تحضيرا لما سيتم الإعلان عنه بعد يومين.. وعملية قتل الجزائريين الثلاثة هي عملية استخباراتية جزائرية صرفة،  من السهل أن تتم مباشرة بواسطة شرذمة البوليساريو، والدفع بالشاحنتين إلى المنطقة العازلة.  

والمهم في كل هذا هو أن النظام الجزائري الغبي يضحك على شعبه ويلهيه بأحداث مفبركة كي يبقى مستمرا في العبث والفساد. أما الحرب مع المغرب، فهو لا يمكن أن يفكر في الدخول مباشرة فيها، لأنه يعرف جيدا مآله إن أطلق رصاصة واحدة في اتجاه الجيش المغربي. 

الله يدير للي فيها الخير لبلادنا ولجميع البلدان العاقلة.  وهذا ما كان.

*خبير في التواصل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *