le12.ma

أخذت “قضية” آمنة ماء العينين، القيادية في حزب العدالة والتنمية، منحى آخر، إذ تعدى الأمر تعدى كون المسألة مجرد “محاكمة أخلاقية” أو انتقاد للصور الأخيرة التي نُشرت لماء العينين وهي بدون غطاء رأس وبلباس يكشف ذراعيها وساقيها.. من قبَل قيادات من البيجيدي ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى خلق ضجّة وانقسام داخل “البيجيدي”، المترنّح، بفعل ضربات وجّه له أوجعَها أعضاؤه، وتحديدا “القياديين” منهم.

وأثارت التدوينة الأخيرة التي خرجت بها ماء العينين، بعد لقائها مع رئيس الحكومة السابق، عبد الإله بن كيران، والتي اعتبرها البعض اعترافا بصحة الصور التي سبق لها أن ادٌعت أنها “مفبرَكة”، سخطا وغليانا غير مسبوقين داخل الحزب.. فقد توالت مواقف “الإخوان” في حزب العدالة والتنمية الرافضة والغاضبة من “ازدواجية سلوكات” زميلتهم أمينة ماء العينين..

وفي هذا السياق، نقل عدد من أعضاء الحزب سخطهم وغضبهم من الموضوع إلى جدران الحسابات الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما كان حبيس جدران الحزب وبعدما “تجنّدوا” للدفاع عنها إثر نفيها لصحة صورها، قبل أن تعود وتؤكد، بكيفية غير مباشرة، أنها حقيقية.

وقالت كريمة بوتخيل، رئيسة مقاطعة تابريكت في سلا، المنتمية إلى حزب العدالة والتنمية، أن ما قمت به ماء العينين (وضع الحجاب في المغرب ونزعه في الخارج) “ضربٌ في عمق معاني الحرّيات الخاصة”.

وأكدت بوتخيل، في تدوينة نشرتها في فيسبوك “أردت أن أوضح أمرا استوجب التوضيح، عندما تضامنتُ مع أختي أمينة ماء العينين حول ما راج من ادّعاءات وقصص وصور، فمن باب أن ما قيل فيه افتراء وكذب وفبركة، أما والنقاش الذي أتابعه اليوم من بعض الإخوة -إن صح ما يقال- أنه يدخل في نطاق “الحريات الخاصة”، فمعذرة، فعقلي، ربما لقصره، لا يستوعب هذا المستوى من القناعة والتفكير.. لذلك أريد أن أعبّر عن رأيي وقناعتي، بغضّ النظر عن أبطاله وتفاصيله”.

وأضافت بوتخيل: “لا أظنٍ أن أحدا يمكنه أن يقنعني بأن الالتزام بلباس له رمزيته، وإن اختلفنا عن معاييره وأشكاله، والتلاعب بلبسه هنا ونفضه نفضا هناك من أي شخص كان، والأدهى أن يكون حاملا لمشروع إصلاحيّ يفترض فيه الوضوح في السر والعلانية والقوة في المبادئ والسلوك، يدخل في خانة الحرٌيات الخاصة، بل هو ضرب في عمق معاني هذه الحرّيات الخاصة”.

ووجّهت رئيسة مقاطعة سلا تابريكت اتهاما لزميلتها في الحزب بالخداع قائة: “هناك فرق بين أن تمارس حريتك بوضوح وجرأة وبين أن تخدع الجميع بأن تتقاسم معهم المشترَك علانية وتنفضه بعيدا عن أعينهم سرا”، مضيفة “لا أستطيع أن أقبل بهذا التجزيء للمبادئ وإن استدعى الأمر أن يتطابق رأيي مع ما يروجه الشيطان، وليس الهيني فقط أو غيره، فليس هؤلاء من يجعلونني أفصل قناعاتي على مقاسهم وأحرص على أن أناقض مبادئي لأظهر اصطدامي معهم، فهم لا يهمّونني ولا تهمني أفكارهم ولا قصصهم، ما يهمني هو التصالح مع ذاتي والإنسجام مع قناعاتي، التي أعتبر شكلي تمظهرا من تمظهراتها.. الإحساس بالأمان النفسي لا يقبل الازدواجية في السلوك والأفكار”.

وتابعت المتحدثة ذاتها “ولا أخفيكم سرا، يقشعر بدني لمجرد التفكير في أن هناك من يستطيع أن يدافع، وبقوة، عن مبادئ إنسانية جامعة ويعتبر الخداع والتمويه حرية خاصة أو أمرا عاديا وهامشيا”.
وختمت بوتخيل تدوينتها بأن “الكل يصنعه الجزء، فإن فسد الجزء خرب الكل”.

وبدورها، عابت إيمان اليعقوبي، زميلة امينة ماء العينين في الحزب، على البرلمانية ماء العينين سلوكها وازدواجيتها، مشيرة إلى أن “هذا التصرف (وضع الحجاب في مكان والتخلص منه في مكان آخر) وإن لاق بشخصية عادية فهو غير مقبول من شخصية عامّة”.

وكتبت إيمان اليعقوبي، في تدوينة في حسابها الفيسبوكي، وجّهتها لماء العينين : “الأخت أمينة، لم يجادل أحد في حقك نزع الحجاب لكن الكيف والطريقة مهمة. فالمطلوب لم يكن النزع لكن الوضوح التام مع المواطن”. وتابعت: “أختي أمينة، لم يرشحك الحزب للبرلمان لحجابك ولم يصوت عليك المواطن لهذا الأمر.. لكنْ من حق من رشّحك وصوت عليك أن تكوني صادقة معه. فالنقاش ليس حول نزع الحجاب، بل حول التراجع عما يمثله هذا الحجاب من قيَم للمجتمع من قبَل عضو في حزب رأسماله هو التشبّث بالقيم، التي إن اختار مراجعتها فهو يصرّح بالأمر صراحة”.

وتابعت اليعقوبي في تدوينتها “غريب هذا التناقض الذي يخفي غيابا صارخا للنضج وروح المسؤولية. فكيف تدّعين في البداية أن الصور مفبرَكة، ثم تخرجين الآن بتدوينة تحاولين من خلالها تبرير ما قمت من قبل بنفيه، من خلال استعمال تصريح لبنكيران، الذي لم نكن معه حين صرّح به لك، ولا نعلم بالتفاصيل المرافقة له؟!”..

وأضافت اليعقوبي “الأخت أمينة، لم يكن الحجاب يوما هو رأسمال الحزب ولا الزكاة ولا الحج. رأسمال الحزب هو الوضوح مع المواطن. فالخطأ ليس نزع غطاء الرأس لكن هو عدم التصريح بالأمر من قبل، ثم التهرب من المواجهة في ما بعد من خلال الاختفاء وراء قيادة لها حجمها واعتبارها المعنوي أمام الناس”.

ووجّهت المتحدثة ذاتها في ختام تدوينتها سؤالا لماء العينين: “السؤال ختاما، ليس هو هل دعم بنكيران حقك في نزع الحجاب، لكنْ هل نزعته فعلا؟ وإن كان الأمر كذلك فلماذا النفي وعدم التصريح بالأمر وعدم تحمل المسؤولية في اختيار فرديّ؟ ولماذا جُرّ حزب بكامله وراءك في أمر ذي طابع شخصي؟ ولماذا الاختباء وراء القيادة؟ لأنه في النهاية لم يبن الحزب مشروعيته على الحجاب، لكنْ بناه على الصّدق والوضوح”.

أمّا بعض مناصري ماء العينين فاعتبروا أن “الهجوم” الذي تعرّضت له البرلماني المذكورة من بعض زملائها في الحزب يدخل في خانة “تصفية الحسابات”، وأنهم “استغلوا القضية قنطرة لذلك”.

وكتبت ماء العينين بتدوينة جديدة، ردّت فيها على “الهجوم” الذي تعرّضت له بعد آخر خرجة، معتبرة أنها “لحظة لتصفية كل الحسابات”، إذ قالت في تدوينتها “حربُ واسعة ومنظمة استُغلت فيها كل الأسلحة الثقيلة”، مضيفة “يوجد من يريد أن يساهم بقسطه، بدون روية، وكأنها لحظة مواتية لتصفية كل الحسابات، ما ظهر منها وما بطن”.

وأضافت ماء العينين “لا أطلب إلا الاستمرار لمن بدؤوا بذلك.. وفي الوقت نفسه، أتقدم بالشكر والامتنان لكل الذين سمَوا بأنفسهم رغم الاختلاف السياسي.. سموا ليشاهدوا المنظر من الأعلى، إلى أن اتّضحت لهم الصّورة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *