طلحة جبريل

كانت حقاً أمسية ممتعة في”دار المغرب” بالخرطوم.

تلقيت دعوة من السفير محمد ماء العينين عميد السلك الدبلوماسي في العاصمة السودانية لمأدبة عشاء على شرف السفير الإسباني البرتو أكلي بمناسبة انتهاء مهامه.

كنت أحد ثلة صغيرة شاركت السفير البرتو أكلي المائدة، وجدتها فرصة سانحة لحديث متشعب مع الديبلوماسي الإسباني، الذي يتقن العربية والإنجليزية.

كان حديثاً مفيداً حافلاً بالمعلومات، خاصة أن أكلي شغل قبل سنوات منصب نائب السفير في الرباط.

تحدثنا في البداية عن الراحل العزيز محمد العربي المساري، أستاذي في المهنة والحياة.

قلت للسفير إنني فهمت الكثير عن إسبانيا من المساري، سواء من خلال أحاديثنا عبر سنوات، أو من كتاباته.

كان رأيه أن المساري أحد قلة قليلة في المغرب يفهم الذهنية الإسبانية.

انتقل الحديث بعد ذلك إلى “دومينغو ديلبينو” واحد من أبرز الصحافيين الإسبان الذين عملوا في المغرب مراسلاً لصحيفة”البايس”، وربطته  علاقات واسعة مع الطبقة السياسية.

كنت قد تعرفت عليه عن طريق المساري.

رويت للسفير واقعة لما يمكن أن نطلق عليه “حكايات الصحافيين”.

أجرى ديلبينو حواراً عقب إجراء انتخابات عامة في الثمانينيات مع السياسي المحجوبي أحرضان ، الذي كال انتقادات لكل من إدريس البصري والمستشار أحمد رضا إكديرة، وزعم أن مشاكل المغرب سببها ” إكديرة والبصري”.

بل ذهب بعيداً ليقول إنه إذا تعرض المغرب إلى مخاطر “سيغادر بعض الناس إلى سويسرا حيث توجد ودائعهم ، في حين سنصعد نحن إلى الجبل لندافع عن الملكية وبلادنا”.

تقرر يومها منع توزيع “البايس”في المغرب.

أثار الخبر فضول الوسط الصحافي والسياسي، ولم يكن العالم وقتها قد عرف الإنترنت، لذلك كان متعذراً الحصول على تفاصيل حوار أحرضان.

كنت وما زلت أعتقد  أن من واجب الصحافي أن يطارد الأسرار والخفايا وينشرها نقلاً عن من يملكها، وإذا تيقن بالكامل من صحة معلوماته يمكنه نشرها حتى دون موافقة مصادره.

التقيت دومينغو ديلبينو ، وكان يتحدث الإنجليزية،طلبت منه أهم ما جاء في ذلك الحوار . لم يبخل علي.استأذنته في النشر.

نشرت تقريراُ عن الحوار وما أثاره من ضجة،وهكذا أطلع القراء على أهم محتوياته على الرغم من مصادرة “البايس”.

بعدها طلب مني الراحل عبدالمجيد فنجيرو وكان مديراً لوكالة المغرب العربي للأنباء، اللقاء به بأمر من إدريس البصري ، ابلغني ان المحجوبي أحرضان لم يذكر البصري بإسمه بل تحدث عن “الإدارة الداخلية” وليس حتى وزارة الداخلية.

نشرت ذلك التوضيح، ولم أكن مفتنعاً به.

أختم وأقول ما يزال في جعبتي الكثير من الحديث مع السفير البرتو أكلي.        

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *