رئاسة التحرير

من يوم لآخر، يؤكد “عزيز أخنوش” رئيس الحكومة المعين، ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، أنه رجل أفعال، بكل ما تحمله الكلمة من دلالات، وأن إطلاق الشعارات، بالنسبة إليه، مرحلة لاحقة، تواكبها خطة متكاملة، لتنفيذ وتطبيق وأجرأة، ما يصدر عنه من أقوال، على أرض الواقع، عوض البقاء في مرحلة “الشفوي” كما يفعل الكثيرون.
 مناسبة هذا الكلام، هو الحدث الذي خلقه عزيز أخنوش، رئيس الحكومة المعين، حين أعلن اليوم “عن شروعه في مسطرة الانسحاب التام من جميع مناصب التسيير داخل الهولدينغ العائلي”.

لقد قرر الرجل، الانسحاب بشكل كلي، من جميع الأنشطة بما فيها تلك المتعلقة حصريا باقتناء مساهمات في الرأسمال وتسيير القيم المنقولة، رغم غياب أي مانع قانوني.  

أخنوش، وعدد من قادة حزب الأحرار القادمين من تجارب ناجحة في عوالم المال والأعمال كمولاي حفيظ العلمي، ليس بغريب عنهم تسجيل مثل هذه الاهداف في مرمى الممارسة السياسية اليوم.

ولعل الكل،  يتذكر كيف كان لعزيز أخنوش، سبق التخلي عن تعويضاته المستحقة  بصفته “وزيرا للفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات”.

كما أن الكل يتذكر كيف وقع “مولاي حفيظ العلمي”، وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، التخلي بدوره عن تعويضاته الوزارية، وما يرتبط بها من نفقات موازية، تخص التنقل وغيره، مما يتيحه لهما القانون، بحكم المسؤلية التي يتحملانها.

إنه درس في نكران الذات والتضحية من أجل الوطن وخدمة الصالح العام، وعنوان بارز لأخلاق سياسية تظهر في مناسبات عدة، لتؤكد أن الأمر يتعلق بعقيدة وإيمان وليس بمزايدة وبحث عن بوز أو إهتمام..

وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، ونحن نتحدث عن أخلاق السياسة، عند أخنوش ومولاي حفيظ، فلا يمكن القفز على حدث يستحق الذكر، صنعه مولاي حفيظ العلمي لدى حضوره يوم 8 شتنبر، بمكتب التصويت.

لقد وقف الوزير/ الملياردير في “الطابور”، ينتظر دوره للتصويت، مثله مثل سائر الناخبين، وعندما خاطبه رئيس المكتب بعبارة “تفضل السيد الوزير” رد عليه : “أنا الآن لست وزيرا ، أنا هنا مجرد مواطن”.

اليوم، يسجل التاريخ كذلك، أننا نقف في مشهد غير مسبوق أمام رئيس الحكومة / المواطن، عندما قرر عزيز أخنوش، التخلي عن جميع أنشطة التسيير في القطاع الخاص، رغم أن القانون يسمح بذلك.

قد يقول قائل خاصة من فلول الاسلام السياسي المندحر يوم  عيد 8 شتنبر، لماذا لم يعلن أخنوش ذات القرار خلال تحمله مسؤولية وزارة الفلاحة والصيد البحري؟.

والجواب، سبق أن جاء على لسان رئيس الحكومة المعين، حين أكد قبل الانتخابات، لدى حلوله ضيفا، على “مؤسسة الفقيه التطواني”، أنه قدم استقالته منذ توليه مسؤولية  وزارة الفلاحة، من رئاسة جميع الشركات التي يملكها رفقة شركائه، وأنها شركات توجد على رأسها إدارات مستقلة يسري عليها القانون كباقي الشركات، وأن الأولوية عندها هي المساهمة في تحريك عجلة الاقتصاد وخلق مناصب شغل لأبناء المغاربة، وأداء الضرائب للدولة كمقاولات مواطنة.

وإذا كان الأمر كذلك وحالة هاته عند أخنوش وإخوانه، فإن متتبع الفعل السياسي في المغرب، لابد أن يرصد بالمقابل، هرولة “بعض سدنة الأخلاق” ومُدعي الفضيلة، ومنهم بعض “الملهوطين” الذين عاقبتهم “صناديق الاقتراع” إلى الجمع بين المهام والتعويضات، واللهث خلف “البريمات” والمكافآت، و الغنائم الإنتخابوية،  من قبيل “شراء الكاط كاطات” لجيش عرمرم من الموظفين و المنتخبين في عز الأزمات التي تمر منها البلاد.

وإذا قمنا بإجراء “بيان مالي”، لما تحصل عليه وزراء ورؤساء ومسؤولي الحكومتين السابقتين فقط، من رواتب وتعويضات ومعاشات، على مدى عشر سنوات، فضلا عن تربعهم على رأس مختلف المؤسسات والمجالس المنتخبة، لوجدنا أنفسنا أمام ميزانية أربع دول إفريقية، تم إستنزافها في شكل “رواتب” وتعويضات”، استخلصت من أموال دافعي الضرائب.

والواقع أن أخنوش ومن خلال قراراته “الثورية” هاته، تفوّق حتى على رؤساء دول عظمى، من بينهم على سبيل المثال، رئيس الوزراء الإيطالي السابق سيلفيو برلسكوني، وكذا الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب”، اللذين برغم توليهما، مناصب المسؤولية رفضا التخلي عن تسيير وإدارة مشاريعهما، مفضلين الاستمرار في الجمع بين “البزنس” و”المسؤولية السياسية”.

وبإعلان “عزيز أخنوش” رئيس الحكومة المعين، إنسحابه من جميع مناصب تسيير “الهولدينغ العائلي” وما يتبعه من شركات خاصة، يكون قد رمى بحجرة كبرى في فم فلول الاسلامي السياسي، وبعض اليسار المخصي، وهو يحرق آخر أوراق المزايدة على رجل دولة إختار أن يكون رئيس الحكومة / المواطن.

ورقة مزاعم زواج المال والسلطة..تلك الكذبة التي لم يعد يصدقها أحد.

السيد أخنوش.. رئيس الحكومة / المواطن، إنك تكتب التاريخ في مملكة محمد السادس، وكفى!.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *