جمال اسطيفي

قال عبد السلام أحيزون، رئيس الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى، في الحفل السنوي الذي دأبت الجامعة على تنظيمه لتوزيع المنح على الأندية، إن قطار “أم الألعاب” لم يتوقف وإنه سيواصل محاربة المنشطات، مشيرا إلى أن هناك برنامجا تعاقديا يفرض على الجامعة أن تقوم ببعض الأمور، ويفرض أيضا على الحكومة أن تفي بالتزاماتها في عدة ميادين مالية و لوجستيكية”.

وتابع: “في ظل هذا البرنامج قمنا بتوفير 21 حلبة، كان ذلك وعدا وأصبح اليوم حقيقة، ولكي تظل على حالها هناك مصاريف مهمة، وهناك أيضا خمسة مراكز جهوية للتكوين، تضم الإيواء والأكل والتداريب، بجانب الأكاديمية الدولية محمد السادس بإفران”. وقال أيضا: “نعتمد الحكامة الجيدة و محاربة الغش ومحاربة المنشطات، وهو ورش قوي نال الاتحاد الدولي والاتحاد الإفريقي”.

وزاد قائلا: “في هذا الموسم ساهمنا في نجاح 189 تظاهرة رياضية، بمشاركة 242 جمعية، من خلال مشاركة 79 ألف عداء، ما مكن من تحطيم 15 رقما قياسيا وطنيا، بجانب تمكن 99 عداء وعداءة من تحقيق المينيما”.

وأضاف: “هذه النتائج توضح أن قطار ألعاب القوى لا يتوقف، وسنظل آذانا مصغية إذا كانت هناك مقترحات لتحسين هذا المبلغ وعدد الأندية، إذا كان هناك ما يبرر ذلك”.

جيد أن تحرص جامعة ألعاب القوى على تنظيم مثل هذه اللقاءات، لكنها للأسف لقاءات يطغى عليها الجانب الفلكلوري، ورهان تسويق صورة رئيس الجامعة، أكثر من رهان تسويق صورة ألعاب القوى المغربية، بل إننا على امتداد فقرات اللقاء الذي عرف تواجد رؤساء وممثلي الأندية التي حصلت على المنح، لم نلحظ وجود أي بطل من الذين تألقوا في هذا الموسم، أو أبانوا عن مؤشرات جيدة يمكن أن تجعل منهم أبطالا للغد.

لقد هيمن على المشهد رئيس الجامعة وبعض أعضاء المكتب المديري ومعهم رؤساء الأندية.

هناك من سيقول إن حفلا سابقا نظمته وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية شهد تكريم العدائين الذين تألقوا في المنافسات الإقليمية والجهوية، لكن ذلك مردود عليه، لأنه حفل لا علاقة لجامعة ألعاب القوى به، وهناك أطراف أخرى هي التي تنظمه، بما أنها هي التي توزع المنح على مستحقيها، أما الحفل الحالي فهو ببعد محلي، يهم تصنيف الأندية ومنحها ونتائجها في المشاركات المحلية.

كان الأمر سيكون جيدا لو أننا تابعنا حضور أسماء عدّائين وعداءات شباب ممن تألقوا محليا، أو ممن حطموا الأرقام القياسية المحلية من خلال وضع معايير معينة تربط بين تقديم الدعم المستحق للأندية، وبين الاحتفاء بالأبطال والبطلات باعتبار أنهم هم الصانعون الحقيقيون للنتائج، وهم من يجب أن يظهروا في الصورة.

هذه الثقافة، مع الأسف الشديد، غائبة عن المشهد، ففي ظل الرغبة الشديدة والحرص التام على تسويق صورة رئيس الجامعة، بدلا من الرياضة التي يشرف عليها، فإن توزيع المنح على الأندية يتحول إلى حدث، مع أن هذه العملية يجب أن تمر بسلاسة، عبر ضخ المنح المالية في الحسابات البنكية للأندية، والإعلان عن ذلك مرفوقا بمعايير تصنيف الأندية في بلاغ صحافي أو في الموقع الرسمي للجامعة.

قال أحيزون أيضا إن قطار ألعاب القوى لم يتوقف وإنه سيواصل محاربة المنشطات، كما تحدث أيضا عن توفير 21 حلبة، وعن مراكز التكوين وأكاديمية ألعاب القوى، وعن تحطيم 15 رقما قياسيا وطنيا، وتحقيق 99 عداء وعداءة “المنيما”، أي الحد الأدنى المطلوب للمشاركة في المسابقات الخارجية.

إنه الكلام نفسه الذي يتردد منذ سنوات، حديث عن مراكز التكوين وأشغال البناء، والمنيما، بمعنى، أننا إزاء عملية نفخ لتجميل صورة قد تكون قبيحة أو بها بعض الاختلالات.

إن ألعاب القوى المغربية ونتائجها تقاس بما تحققه عالميا، وبالأخص في بطولات العالم داخل القاعة وخارجها في مختلف الفئات، وفي الألعاب الأولمبية، التي تعد أهم حدث رياضي.

عندما نتتبع حصيلة ألعاب القوى المغربية منذ دجنبر 2006، الذي شهد تولي أحيزون رئاسة الجامعة إلى اليوم، سنجد أننا إزاء مساحة زمنية تفوق 12 سنة، وهي مدة أكثر من كافية لوضع “أم الألعاب” على السكة الصحيحة وتجديد دمائها كليا، فالطفل الذي كان عمره 8 سنوات يوم تولى أحيزون رئاسة الجامعة أصبح اليوم شابا عمره 20 سنة.

على مستوى الألعاب الأولمبية كنا إزاء حصيلة مخيبة جدا، ففي بكين أنقذ الموقف جواد غريب (فضية) وحسناء بنحسي (برونزية). وفي لندن 2012، كانت الحصيلة ميدالية برونزية لا غير، حققها عبد العاطي إيكيدير في 1500 متر، وفضائح منشطات… أما في ريو دي جانيرو 2016 فإن “أم الألعاب” عادت وهي تجر أذيال الخيبة بصفر ميدالية.

في بطولات العالم كانت الصورة مظلمة أيضا، فقد اكتفى المغرب بميدالية فضية عن طريق حسناء بنحسي في دورة أوساكا 2007، ثم خرج صفر اليدين في دورات برلين 2009 ودايغو 2011 وموسكو 2013، ولم يعد إلى دائرة التتويج إلا في دورة بكين 2015، حيث حصل عبد العاطي إيكيدير على ميدالية برونزية، قبل أن يتوج سفيان البقالي بميدالية فضية في دورة لندن 2017 في سباق 3000 متر موانع.

أما إذا قمنا بجرد مفصل لبطولات العالم للعدو الريفي، ولبقية الفئات الأخرى فإننا سنصطدم بواقع مر، وأننا إزاء بحث حثيث عن الشجرة التي تخفي غابة المشاكل.

الإدارة التقنية الوطنية فقدت معناها، فما طالها من تغييرات حوّلها إلى رقعة شطرنج، وحول معها “أم الألعاب” إلى حقل للتجارب، حتى صرنا دون إستراتيجية أو خطة عمل.

المعيار بالسنبة لألعاب القوى المغربية هو ما تحققه عالميا، فالبطولات القارية والإقليمية والجهوية لم تكن في أي وقت من الأوقات معيارا.

صحيح أنه كانت هناك مشاكل وغياب للخلَف ومنشطات، لكن 12 سنة مدة كافية لوضع القطار على السكة الصحيحة.

مع الأسف، لم يتحقق الكثير، ودائما ننتظر أن يجود علينا القدَر ببطل يحقق بعض الإنجازات.

عندما يكون هناك عمل وإستراتيجية فإن “أم الألعاب” ستفرخ الأبطال بشكل دائم، تماما كما يحصل في العديد من الدول، وهو ما نفتقده مع الأسف الشديد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *