*طوكيو: جمال إسطيفي

 

إذا ارتدت مقهى أو مكانا عموميا في اليابان، وكنت من غير المدخنين بإمكانك أن تمضي وقتك باطمئنان، ذلك أنك لن تستنشق دخان السجائر، وستحافظ على نظافة ملابسك الشخصية، فليس ثمة أي مجال لأن يزعجك دخان السجائر..

عندما تتجول بشوارع طوكيو وتجد نفسك في أماكنها العامة أو منتزهاتها، من المستحيل، أن تصادف  يابانيا يدخن في الأماكن العامة، أو أن تجد أعقاب السجائر مرمية..

 لكن في المقابل، يمكن أن تلفت انتباهك أماكن محدودة جدا، خاصة بالمدخنين، بإمكانهم أن يدخنوا فيها السجائر..

الوافدون على اليابان ممن جاؤوا لتغطية أولمبياد طوكيو، فهموا أن اليابان ليست هي المكان المثالي للمدخنين، ومنهم من فوجئ بالقيود الكبيرة المفروضة على التدخين، بل إن عبارة no smoking، هي واحدة من العبارات القليلة باللغة الإنجليزية التي  يمكن أن تجدها في العديد من الأماكن..

ومع ذلك، فإن بعض الوافدين الأجانب وضمنهم صحفيون ألمان و سويسريون و هولنديون و مغاربة وغيرهم لم يستطيعوا مقاومة التدخين، لذلك، فإنهم أصبحوا يدخنون أمام بوابات الفنادق، ولمكر الصدف فإنهم يفعلون ذلك تحديدا حيث توجد عبارة ممنوع التدخين..!!

إنهم نغمة نشاز في بلد يسود فيه احترام القانون، وتشعر فيه بالسكينة والهدوء..

حسب الإحصائيات، فإن اليابان كانت تعرف وتيرة مرتفعة لمعدلات التدخين، ففي سنة 1965 تجاوز معدل تدخين الذكور في اليابان 80 في المئة، لكن الرقم تقلص كثيرا، ليصل في سنة 2000 نسبة 50 في المئة، أما اليوم فإن الرقم لا يتجاوز 7 في المئة، علما أن نسبة 40 في المئة من المدخنين، هي للمسنين، ممن تعودوا على التدخين في مرحلة الستينات والسبعينات.

وإذا كانت وتيرة تدخين الإناث في المغرب مثلا ترتفع بشكل كبير، فإن نسبة المدخنات من اليابانيات قليلة جدا..

ما الذي حول اليابان من بلد بمعدل تدخين هو من بين الأعلى في العالم، إلى بلد بنسبة تدخين قليلة، وبفضاء عام نقي..

الجواب يقودك رأسا إلى صانع القرار..

لقد فهمت الدولة اليابانية أن الحفاظ على صحة مواطنيها ونظافتهم، يمر عبر محاربة التدخين، لذلك، بدأت سلسلة من القيود الصارمة على التدخين، فقد رفعت معدلات الضريبة على التدخين، كما فرضت ان تشغل رسائل التحذير نسبة 30 في المئة من إجمالي علبة السجائر..

لقد سبق المغرب اليابان في سن قانون يمنع التدخين في الاماكن العمومية، لكن في الوقت الذي بقي القانون بالمغرب في الرفوف، فإن اليابان انطلاقا من سنة 2002 بدأت في رفع وتيرة محاربة التدخين في الأماكن العمومية..

وهكذا تم سن تشريعات تمنع التدخين وتعاقب من يدخن في الأماكن العمومية، فالغرامة المالية لرمي أعقاب السجائر في الشارع العام تقارب 200 اورو، علاوة على حماية الأطفال من أن تكون السجائر في متناولهم، من خلال أعقاب السجائر، أو عملية شرائها، ذلك أنه ليس متاحا على الإطلاق لمن هم أقل من 20 سنة اقتناء السجائر، فالبطاقة الخاصة باقتناء المشتريات او taspo كما يطلقون عليها لا يمكن أن يحصل عليها من هم دون العشرين سنة..

هذا الوضع فرض على المطاعم والمقاهي منع التدخين، أو إنشاء أماكن خاصة بالتدخين بمعايير صارمة، كما أنه رفع من نسبة الوعي بالمخاطر الصحية المرتبطة بالتدخين..

وبموازاة ذلك بقي مسلسل محاصرة التدخين متواصلا، في المنازل وفي الإقامات السكنية، حتى ضاقت رقعته بشكل كبير في “كوكب اليابان”..

*ناقد رياضي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *