الرباط – le12.ma

عاد الرسام الفرنسي يوجين دولاكروا (1798-1863) إلى المغرب، من خلال لوحاته ومقتنياته، بعد رحلة أولى فعلية، قادته إلى المغرب منذ نحو 190 عاما، خلدها بلوحات حملت لمسات من مخيلته وذاكرته الفنية، تنطق بالدهشة والإنبهار.

وينظم المعرض “المؤسسة الوطنية للمتاحف” بالتعاون مـع “المتحف الوطني ليوجين ديلاكروا” التابـع لإدارة “المؤسسـة العامـة لمتحف اللوفر” بباريس، ويعتبر الأول من نوعه بالمغرب.

وأفتتح المعرض اليوم “بمتحف محمد السادس للفن المعاصر” بالرباط ويستمر حتى التاسع من أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

وبالإضافة إلى أشهر لوحات ديلاكروا عن المغرب، يضم المعرض بعض المقتنيات التي اقتناها الرسام الفرنسي من المغرب أنذاك وتضم أسلحة كالسيوف، وملابس نسائية ورجالية كانت سائدة في تلك الفترة، وأواني خزفية ومقتنيات أخرى.

بدأت فصول الرحلة الفنية بين يناير كانون الثاني ويونيو حزيران عام 1832 عندما رافق ديلاكروا الكونت دي مورني على رأس بعثة دبلوماسية إلى المغرب لمقابلة السلطان مولاي عبدالرحمن أنذاك.

لم يكن المغرب معروفا لدى ديلاكروا لكنه كان يحلم بزيارته، وكتب في إحدى مذكراته في يناير 1832 في طنجة “أعتقد أنني كنت أحلم، كنت أرغب في رؤية الشرق مرات عديدة لدرجة أنني كنت أنظر إليهم بملء عيني، وبالكاد كنت أصدق ما كنت أراه”.

وبحسب منظمي المعرض “لم يكن دور (ديلاكروا) رسم بلد، بل مرافقة الكونت دي مورني”.

قام ديلاكروا برسم لوحاته بالألوان المائية في ورشته بباريس وعلى مراحل، محاولا تجسيد كل ما رآه في رحلته، حتى بعض حيوانات المغرب كلوحة “لبؤة”.

ولم تكن اللوحات مجرد تصوير بحت “لمشاهد من المغرب”، بل أضفى عليها لمسات من خياله.

قال عبدالعزيز الأدريسي مدير متحف محمد السادس على هامش المعرض “هذا المعرض هو ثمرة تعاون بين المؤسسة الوطنية للمتاحف ومتحف محمد السادس، ومتحف ديلاكرواومتحف اللوفر، وثمرة لمجهود انطلق منذ أكثر من سنتين لكن تأخر بسبب الظروف الصحية (كورونا)، واليوم حاولنا أن نخرج من تلك القوقعة وننظم هذا المعرض”.

وأضاف “هذا المعرض فرصة لتقديم أعمال تكاد تكون نادرة. هناك أكثر من 80 عملا حاضرة في المتحف. هذا يشكل بالنسبة لنا حدث”.

وأشار الإدريسي إلى أن المعرض يُظهر “كيف أن ديلاكروا استطاع أن يغير تلك النظرة الإستشراقية لدى الأوربيين أنذاك عن المغرب، وكيف استطاع الرسام الفرنسي تغييرها من خلال الدخول إلى بيوت المغاربة والوقوف على تفاصيل الثقافة المغربية، وكيف صورها حيث بقي يعيد رسم ما شاهده في رحلته منذ زيارته وحتى وفاته في 1863”.

وقال إن ديلاكروا “أثر في فنانين أتوا بعده في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، ممن يبحثون عن الضوء أو اللون والصدق في التعبير الذي طبع أعمال ديلاكروا”.

ومن جهتها قالت كلير بيسيد مديرة متحف يوجين ديلاكروا “ديلاكروا رسام خلق ثورة فنية في عصره من خلال الألوان والحركية داخل لوحاته، ورحلته إلى المغرب ساعدته كثيرا في تطوير هذه الخصوصية”.

وأضافت كلير “ديلاكروا كان من أوائل الفنانين الذين قدموا إلى المغرب، أو الضفة الجنوبية لحوض البحر المتوسط وألهم عدة فنانين آخرين من بعده ساروا على نهجه في البحث عن سر هذا الشرق الغامض”.

وقال منظمون للمعرض إن رحلة ديلاكروا ألهمت العديد من الفنانين الأوربيين بعده “حتى الذين لم يعترفوا بهذا التأثير، كالرسام هنري ماتيـس ، وكذلك قام أوديلون رودون بنسخ تفاصيل من لوحة عرس يهودي لديلاكروا”.

كما “سافر بنجامين كونستانت إلى المغرب على خطى ديلاكروا، كما افتتن الفنانون بشكل خاص بمشاهدالشوارع والمناظر الطبيعية لطنجة”.

المصدر : ميديل إيست

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *