جواد مكرم

 قضت هيئة المحكمة الإبتدائية لدى إستئنافية الدار البيضاء، قبل قليل من يومه الجمعة 9 يوليوز، بالسجن خمس سنوات نافذة بحق الصحفي سليمان الريسوني، الذي يحاكم رهن الإعتقال وفي إضراب مفتوح عن الطعام، كما حكمت المحكمة، بتعويض مادي لفائدة الضحية حدد في 100 ألف درهما.

ونطقت هيئة المحكمة، بحكمها،  وفق مصدر جريدة le12.ma عربية، في جلسة غاب عنها حضوريا المتهم سليمان الريسوني، معلنة حق المتهم في إستئناف الحكم داخل الأجل القانوني.

وجاء محاكمة  الريسوني، بعدما  كان قاضي التحقيق لدى إستنئافية الدار البيضاء قد أنهى التحقيق التفصيلي مع المتهم، والذي إنطلق في الـ11 من شهر يونيو الماضي.

وكانت النيابة العامة المختصة قد أمرت في 25 من شهر ماي الماضي، بعرض الظنيين  سليمان الريسوني، على نظر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء في حالة إعتقال، من أجل تهم “هتك العرض بالعنف والاحتجاز”، طبقا للمواد 485 و436 من القانون الجنائي.

  وكان مواطن مغربي، قد تقدم بشكاية ضد الريسوني الذي يشغل رئيس تحرير جريدة أخبار اليوم، يتهمه من خلالها بتهم منصوص عليها وعلى عقوبتها في القانون الجنائي المغربي.

وأمرت النيابة العامة، إثر ذلك بفتح بحث قضائي تحت إشرافها.

وسبق أن تمكنت مساء الجمعة الثاني من شهر ماي الماضي، فرقة من أفراد الشرطة القضائية من توقيف الريسوني، قبالة مقر سكنه بالدار البيضاء،  ليتم إقتياده الى مقر الشرطة من أجل البحث معه حول المنسوب إليه، قبل أن يجري تفتيش مسكنه لفائدة البحث.

 نقابة الصحافة

ودخلت النقابة الوطنية للصحافة المغربية، على خط قضية سليمان الريسوني رئيس تحرير جريدة (أخبار اليوم)، الذي أمر قاصي التحقيق لدى استئنافية الدار البيضاء بإيداعه سجن عكاشة الاشتباه في ارتكابه جناية هتك عرض باستعمال العنف والاحتجاز،إثر شكاية تقدم  بها مواطن قدم نفسه كضحية.

 وقالت النقابة انها تتابع باهتمام وقلق بالغين القرار القضائي القاضي بإيداع الزميل سليمان الريسوني رئيس تحرير جريدة (أخبار اليوم) رهن الاعتقال، وحرصت النقابة على التريث في إعلان موقفها من هذا الاعتقال إلى حين استجماع ما يكفي من المعطيات التي تسمح بتكوين قناعة شاملة ووافية.

واكدت النقابة الوطنية للصحافة المغربية، في بلاغ توصلت الجريدة الالكترونية le12.ma بنسخة منه، انها” تلتزم بالحفاظ على حقوق جميع الأطراف في هذه القضية، وتحترم سلطة القضاء وتثق في قراراته، تؤكد أن الأفعال المنسوبة للزميل كانت، ولا تزال، في حاجة إلى مزيد من التحقيق والتحري الدقيقين، من منطلق أن الجهة المشتكية تنسب وقائع تعود إلى فترة ماضية”.

وأوضحت:” أن الزميل المعني يتوفر على جميع ضمانات الامتثال لمسطرة الخضوع للإجراءات القضائية المعمول بها في مثل هذه الحالات”.

 ولذلك، يورد البلاغ “فإن النقابة الوطنية للصحافة المغربية تطالب باتخاذ الاجراءات القانونية المناسبة لتصحيح هذا الوضع”.

وبينما اعلنت  تجددها التأكيد على احترام قرينة البراءة ما دامت القضية معروضة أمام القضاء، المخول وحده إصدار أحكام في موضوع النازلة، تنددت النقابة الوطنية للصحافة المغربية بما وصفتها “بحملة التشهير التي يتعرض لها أطراف هذه القضية، بما يتنافى مع مبادئ وأخلاقيات المهنة”.

وطالبت “باحترام شروط المحاكمة العادلة، من احترام للمساطر القانونية وحقوق الدفاع و حفظ حقوق جميع الأطراف بهدف الكشف عن الحقيقة بمنأى عن جميع التأثيرات ” .

الوكيل العام

 وعلى خلفية دخول الريسوني في إضراب مفتوح عن الطعام، وتأخر جلسات محاكمته، أعلن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، في السادس من شعر يونيو المنصرم، أنه على خلاف ما يتم الترويج له عبر عدد من منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية من ادعاءات بخصوص التأخر في محاكمة المتهم سليمان الريسوني، فإن المعني بالأمر “يبقى هو المتسبب في تأخير إجراءات محاكمته والبت في قضيته، والتي يتم تأخيرها في كل مرة بناء على طلبه وبمبررات مختلفة، تارة بمبرر إعداد الدفاع، وتارة أخرى بدعوى وضعه الصحي”.

وأوضح بلاغ للوكيل العام للملك أنه وفي إطار تتبع الوضع الصحي للمعني بالأمر، كلفت النيابة العامة أحد قضاتها للانتقال إلى السجن بتاريخ 14 يونيو 2021، والذي تواصل معه بشكل عاد، واطلع على ملفه الطبي وتسلم من طبيب السجن تقريرا طبيا يستشف منه أن حالته الصحية عادية، وتسمح له بمواصلة إجراءات محاكمته دون أي إخلال بحقه في الدفاع.

وأضاف المصدر ذاته أنه وبتاريخ اليوم الثلاثاء، امتنع المعني بالأمر عن الحضور لجلسة محاكمته التي أشعر مسبقا بتاريخها، رغم أن المحكمة خولت له ولدفاعه جميع الضمانات لتقديم كافة الدفوعات تكريسا لشروط المحاكمة العادلة.

وخلص البلاغ سابقا إلى أنه وأمام إصرار المعني بالأمر على رفض الحضور، قررت المحكمة إمهاله للمثول أمامها ومواصلة إجراءات محاكمته تحت طائلة إعمال ما يرتبه القانون مع تأجيل القضية لجلسة 22 يونيو 2021.

 مندوبية السجون

وفي 6 يوليوز الجاري، أكدت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج أن الإضراب المزعوم عن الطعام للسجين سليمان الريسوني مناورة تكتيكية يروم من ورائها دفع القضاء إلى إطلاق سراحه.

وأوضحت المندوبية ،في تقرير حول ”الإضراب المزعوم عن الطعام للسجين سليمان الريسوني في علاقته بقضيته أمام القضاء“، أن مجموعة من الأخبار في مواقع إخبارية إلكترونية معينة وكما من التدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي حول وضعية المعتقل الاحتياطي سليمان الريسوني بالسجن المحلي عين السبع 1 بتهمة الاغتصاب والاحتجاز، تناسلت في الآونة الأخيرة، وذلك في ارتباط بإضرابه المزعوم عن الطعام الذي أعلن عنه بتاريخ 08 أبريل 2021.

وأضافت أنه وبالنظر إلى ما قد يترتب من تضليل عن المعطيات المغلوطة التي يروج لها بشكل يومي ومطرد هذا الإنزال الإعلامي، أكدت أن هدف السجين من هذه المناورة التكتيكية هو دفع القضاء إلى إطلاق سراحه، مستعرضة مجموعة من المعطيات والمجريات الدالة حول “إضرابه عن الطعام” وعلاقة الطريقة التي يدبره بها بمسار قضيته أمام المحكمة.

وأشارت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج في البداية إلى أن الطاقم الطبي العامل بالمؤسسة تتبع بشكل يومي الوضع الصحي للسجين، وذلك من خلال قياس مؤشراته الحيوية ابتداء من اليوم الذي أعلن فيه الدخول في إضراب عن الطعام.

وأضافت أنه، ومنذ ذلك التاريخ وإلى حدود اليوم، من أصل ستة وثلاثين مرة طلب فيها الطاقم الطبي من السجين قياس مؤشراته الحيوية، امتنع ثلاثة وعشرين مرة عن قياس نسبة السكر في الدم واثنتي عشرة مرة عن قياس الوزن والضغط الدموي. وقد تكرر رفضه هذا خلال العشر أيام الآواخر سبع مرات.

وسجلت المندوبية، وانطلاقا من قياساته الحيوية المسجلة منذ اليوم الأول من إعلانه الدخول في إضراب عن الطعام، أن نسبة السكر في الدم قلما كانت تقل عن النسبة العادية، وكذلك الأمر بالنسبة للضغط الدموي. أما بالنسبة للوزن، فإنه لم ينخفض عما تم تسجيله خلال اليوم الأول من إعلانه عن الإضراب عن الطعام إلا بقدر محدود، إذ انخفض من 67 كيلوغراما إلى 48,2 كيلوغراما بتاريخ 29 يونيو 2021.

وخلال المرات القليلة التي سجل لدى السجين انخفاض نسبة السكر في الدم، وهي بالتحديد أربع مرات، حسب التقرير، تم نقله إلى المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء من أجل حقنه بمصل يرفع نسبة السكر في دمه ومستوى باقي مؤشراته الحيوية. إضافة إلى ذلك، وفي إطار تتبع وضعه الصحي، استفاد السجين من اثنتي عشرة تحليلة لقياس وظائفه الحيوية الأساسية، ولم تسفر هذه التحاليل عن أي نقص او اضطراب في هذه الوظائف.

وأشار التقرير إلى أنه “وأمام هذه المعطيات كلها، من المفروض أن يتساءل المرء كيف لشخص يدعي الإضراب عن الطعام لمدة 87 يوما ولم يفقد من الوزن المسجل منذ يوم إعلانه إلا 19 كيلوغراما، وكيف حصل أن استمر في تسجيل نسب سكر في الدم ونسب ضغط دموي عادية في الغالب طيلة هذه المدة وأن ظلت وظائفه الحيوية في منأى عن أية اختلالات إلى حد الآن“.

وأكدت المندوبية أن هناك معطيات هامة يتعين أن يطلع عليها الرأي العام للإجابة عن هذه التساؤلات المفهومة والمبررة. فمنذ تاريخ إعلانه الدخول في إضراب عن الطعام وإلى حدود اليوم ظل السجين يستهلك العسل بانتظام، إذ بلغت الكمية التي استهلكها طيلة هذه المدة 16,750 كيلوغراما، 12 كيلوغراما اقتناها من مقتصدية المؤسسة و2,5 كيلوغراما تلقاها من أفراد أسرته و2,250 كيلوغراما من إدارة المؤسسة.

إضافة إلى ذلك، تناول السجين بتاريخ 22 ماي 2021 حساء ساخنا بالخضر واللحم. وفي اليوم الموالي (23 ماي 2021)، تناول نفس الأكلة واستلم من إدارة المؤسسة قفة مليئة بالفواكه والتمور والياغورت. علاوة على ذلك، تلقى من هذه الإدارة مادة التمور خمس مرات، مرة واحدة بكمية كيلوغرام واحد وأربع مرات بكمية ربع كيلوغرام، أي ما مجموعه كيلوغرامان ونصف. كما تناول السجين مقويات (سوبرادين وبيروكا) وصفها له طبيب المؤسسة لمساعدته على الحفاظ على مقاييسه الحيوية، وذلك خلال ثلاث مرات، الأولى بتاريخ 14 أبريل 2021 والثانية بتاريخ 25 ماي 2021 والثالثة بتاريخ 10 يونيو 2021.

ويتضح انطلاقا من هذه المعطيات ، يشير التقرير، أن المعني بالأمر لم يكن مضربا عن الطعام بالمعنى الكامل للكلمة، وإنما كان ولايزال يتعامل مع إضرابه المزعوم بشكل يمكنه من الحفاظ على مؤشراته ووظائفه الحيوية، من جهة، ومن جعل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي يثير مسألة وضعه الصحي لاستدرار تعاطف الرأي العام معه والضغط بذلك على القضاء، من جهة ثانية. ويندرج في هذا التكتيك ما أقدمت عليه مؤخرا زوجة السجين بنشرها بورتريها له يظهر فيه واهنا وتعميمه على باقي العناصر والجهات التي تدير الإنزال الإعلامي المذكور.

وارتباطا بذلك، كان السجين، حسب التقرير، يمتنع بشكل مقصود عن تناول مادة العسل حين اقتراب مواعيد الجلسات من أجل تخفيض مؤشراته الحيوية والدفع بذلك بعدم قدرته على حضور الجلسات. وفي حين تثبت تسجيلات كاميرات المراقبة أنه يتحرك داخل مصحة المؤسسة بشكل عادي، فإنه يتعمد طلب كرسي متحرك للتنقل من أجل تلقي الزيارات، خاصة زيارات محاميه، هذا مع العلم أنه تخابر مع محاميه خلال المدة التي أعلن فيها إضرابه عن الطعام 37 مرة، وفي كل مرة كانت تستغرق المخابرة حوالي ساعتين وأحيانا ما يقارب أربع ساعات. بل إنه بتاريخ 05 يوليوز 2021 الذي صادف اليوم الثامن والثمانين من إضرابه المزعوم عن الطعام تخابر السجين مع ثلاثة من محاميه بشكل عادي ولمدة تزيد عن ساعة. فكيف يقوى على التخابر مع محاميه طيلة هذه المدة ويضعف كلما حان موعد مثوله أمام المحكمة؟َ!

وفي علاقة بما سبق، يتعين الإشارة إلى أنه بالإضافة إلى زيارات محاميه والزيارة اليومية لمدير المؤسسة وزيارات المدير الجهوي التابع للمندوبية العامة وكذا زيارة ممثل النيابة العامة، تلقى السجين زيارات عديدة من ذويه، منها 8 من طرف زوجته و5 من طرف أقارب آخرين. علاوة على ذلك، زاره وفد عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان مرة واحدة واللجنة الجهوية لحقوق الإنسان لجهة الدار البيضاء-سطات مرتين والمرصد المغربي للسجون ثلاث مرات والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ورئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية ورئيس المجلس الوطني الفدرالي لهذه النقابة مرة واحدة. وإذا كانت الجهات التي زارت السجين، خاصة منها الإدارية والقضائية والحقوقية والنقابية، قد حثثه بجميع الوسائل على فك “إضرابه عن الطعام” تفاديا لما يمكن أن يترتب عنه من انعكاسات وخيمة على صحته، فإنه ظل متشبثا بموقفه، متعللا بكون قضيته هي قضية رأي وليست قضية حق عام، ومراهنا على الدعم الإعلامي الذي يتلقاه من الجهات المذكورة من أجل الضغط على القضاء.

وخلص تقرير المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج إلى أنه، ومن خلال المعطيات والاعتبارات المذكورة آنفا، يتضح أن “إعلان السجين سليمان الريسوني الدخول في إضراب عن الطعام والاستمرار فيه على النحو الذي سبق وصفه غير مرتبط بظروف اعتقاله بالمؤسسة، إذ عملت إدارة المؤسسة وطاقمها الطبي كما سبقت الإشارة إلى ذلك على ثنيه عن التشبث بهذا الموقف، وإنما هدفه الأول والأخير منه هو الضغط على القضاء من أجل إطلاق سراحه والتنصل بذلك من مسؤوليته الجنائية في قضية الحق العام المتابع فيها بالاغتصاب والاحتجاز”.

وأكد على أن مصلحة الرعاية الصحية بالمؤسسة المعنية تتوفر على جميع الوثائق الخاصة بنتائج التحاليل الطبية التي تم إجراؤها لفائدة السجين بالمختبرات الطبية الخاصة أو بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء.

رسالة الريسوني

 وقبل إعلان الحكم بحقه كتب سليمان الريسوني رسالة من سجنه،  نشرتها زوجته في موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، قال فيها:” إن أنا هتك عرض أحد، أو حاولت، أو حتى فكرت يوما في إقتراف مثل هذا الفعل، فاللهم سلط على إبني من يهتك عرضه”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *