عن سكاي نيوز -بتصرّف

يحتفي محبو اللغة العربية في العالم، بحلول الثامن عشر من دجنبر، باللسان الفصيح، فيستعرضون في الغالب ما شهده من تطورات على مر القرون، لاسيما أن عملية التواصل شهدت الكثير من التحولات في السنوات القليلة الماضية.

وبحسب الموسوعة الوطنية السويدية، تعد العربية واحدة من اللغات السامية التي تعود إلى قرون ويتحدث بها اليوم 467 مليون نسمة في العالم. لكن اللغة العربية، التي كانت سارية على الألسن قبل مجيء الإسلام، أي في العصر الجاهلي، تختلف اختلافا ملحوظا عن العربية التي جرى استخدامها لاحقا، في مرحلة صدر الإسلام والعصر العباسي أو في إمارات الأندلس.

ولأن الشعر يلقب بـ”ديوان العرب”، نظرا إلى نقله جزءا مهما من حياة العرب وثقافتهم، يقدم هذا اللون الأدبي صورة وافية عن لغة التواصل التي استُخدمت قديما وحديثا.
في الشعر الجاهلي، مثلا، نجد عددا كبيرا من الكلمات التي صارت تندرج ضمن الألفاظ “الحوشية”، حتى أن أغلب العرب قد لا يفهون معناها إذا سمعوا بها على نحو مفاجئ أو طالعوها في كتب.
وبمطالعة معلقة الشاعر امرئ القيس، أحد فطاحلة الشعر الجاهلي، نكتشف أن كثيرا من الكلمات التي لجأ إليها اختفت فعليا من التداول في اللغة العربية. من هذه الكلمات “السنجنجل”، وهي المرآة أو الذهب. أمّا “العقنقل” فيعني الوادي أو الكثب العظيم، فيما تحيل كلمة “الغبيط” على شيء يوضع على ظهر الدابة حتى تركب المرأة.

ويبدو هذا التحول، بحكم التطور التاريخي والصناعي، أمرا طبيعيا، فالناس لم يعودوا يلجؤون إلى “الغبيط” للإركاب، بحكم التطور الذي شهدته المواصلات، وهذا يسري أيضا على البعير وجوانب أخرى من الحياة البدوية.

وقد تنبّه النقاد العرب إلى هذا الأمر في مرحلة مبكرة، فراحوا يعقدون المقارنة بين لغة القدماء ولغة المحدَثين، وسط تضارب للمواقف. وفي هذا السياق، عوتب الشاعر أبو تمام كثيرا في هذا الباب بالنظر إلى صعوبة الكلمات التي استخدمها.

وشهدت العربية، في إطار هذه السيرورة، كثيرا من التحولات ب مرور الزمن، إلى أن خرج اللسان الفصيح في حلة رشيقة مع الشاعر السوري المعاصر نزار قباني وأطلق بعض الباحثين مصطلح “اللغة الثالثة” على لغة نزار. ولم تخل أشعار قباني من كلمات عربية لم ترد لدى القدماء، مثل “الصيصان”، وهي مفرد صوص، أي الفرخ، بينما نجد أن هذه الكلمة تعني في العربية الفصحى “الرجل البخيل”.

وبما أن منطقتي شمال إفريقيا والشرق الأوسط (الموطن الرئيسي للحديث بالعربية) قد تعرضتا للاحتلال خلال القرن الماضي، في إطار الحركة الاستعمارية التي زحفت على أغلب بلدان العالم، فقد تأثرت العامية العربية كثيرا باللغتين الإنجليزية والفرنسية، لغتَي المستعمرَين. ففي المنطقة المغاربية، مثلا، تدخل كلمات فرنسية كثيرة ضمن تواصل الناس بالعربية، فالقطار مثلا يشار إليه في الغالب بـ”التّران”، أما السيارة فيسمونها “طوموبيل”، وهلم جرا في مجالات أخرى.

وبعض بلدان الشرق الأوسط تحضر الإنجليزية، بالنظر إلى الاستعمار البريطاني للمنطقة، إذ يقال للحاسب “كمبيوتر”، فيما يطلق اسم “الموبايل” على الهاتف المحمول.

غير أن هذا التأثر يختلف من جيل إلى آخر، إذ يؤكد مهتمّون بالشأن اللغوي أن كلام الجيل الجديد أكثر التصاقا باللغة الأجنبية، وهذا يبدو مفهوما بالنظر إلى الريادة الغربية في مجال التقنية والعلوم الحديثة.

ويقول مدافعون عن اللغة العربية إن “لغة الضاد” تحتاج إلى بذل جهود أكاديمية مهمّة حتى تواكب المستجدات والمصطلحات، باعتبار أن بعض المعاجم الغربية، مثل “أكسفورد”، تُدخل كثيرا من المصطلحات إلى منظومتها حتى لو كانت حديثة، بخلاف العربية، التي تشهد انقسامات بين اللغويين بحسب البلدان التي يتحدرون منها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *