في تحدّ لقرار السلطات، القاضي بفرض حالة الطوارئ ومنع التجمهرات والمظاهرات، في إطار التدابير المتخذة من أجل حد انتشار فيروس كورونا، دعا حزب العدالة والتنمية إلى التظاهر من أجل فلسطين، في الوقت الذي قررت الحكومة التي يترأسه الحزب نفسه منع عدد من الوقفات الاحتجاجية والتظاهرات، في الشهور القليلة الماضية، منها احتجاجات الممرّضين والأساتذة المتعاقدين وغيرهم.
لاستكناه حيثيات الأمر استضافت جريدة “le12.ma” -عربية المحلل والباحث عبدالمنعم كزان، في فقرة 3 أسئلة.
حاوره: تقي الدين تاجي
-كيف ترى دعوة حزب العدالة والتنمية إلى التظاهر من أجل فلسطين بعدما كان أمينه العام قد وقع وثيقة تطبيع مع إسرائيل؟
“من المعروف عن حزب العدالة والتنمية أنه دائما يلعب على الحبلين، وضمن هذا الإطار تأتي دعوته إلى التظاهر من أجل فلسطين، مؤكدة الازدواجية التي أبان عليها هذا الحزب في أكثر من محطة، فهو من جهة يوافق على استئناف العلاقات مع إسرائيل، ومن جهة أخرى يحاول الركوب على احتجاجات الشارع وتقديم نفسه كمُناصر للقضية الفلسطينية، لكسب تعاطف المغاربة.
والغريب في الأمر أن هناك موقف لوزارة الخارجية بخصوص الاحداث الجارية في فلسطين، فيما العدالة والتنمية يصرّ على توريط مؤسسات الدولة وإعطاء الانطباع في كل مرة، بأن مواقف الدولة لا تمثل الحزب الذي يقود الحكومة وبأن هناك جهة أخرى هي التي تتحكم في القرار، وهذا يعدّ تناقضا ونفاقا سياسيا من طرف حزب العدالة والتنمية.
فضلا عن ذلك، هناك مرامٍ انتخابية وراء هذه الدعوة، إذ أن حزب المصباح يحاول دائما تهريب النقاش وتعليق فشله على قضايا خارجية لا تهمّ الشعب المغربي، وهذا ما تتميز به جميع حركات الإسلام السياسي، التي لا تؤمن بالدولة القُطرية.
وموقف العدالة والتنمية يأتي منسجما مع هذا المبدأ. فرغم تحول التنظيم ظاهريا إلى حزب سياسي، فإنه ما زال يرتهن الى خلفية حركة التوحيد والإصلاح ويعمل على تصريف مواقفها، وهي التي تتحكم في هذا الحزب. وبعبارة أخرى، لا يمكن الحديث عن العدالة والتنمية بالمفهوم الإيديولوجي كحزب سياسي، فهو يظلّ حزبا دينيا بالدرجة الأولى. ورغم ادّعاءات قيادييه الفصلَ بين السياسي والدعَوي، فإن ما يمكن تأكيده أن هذا التنظيم ليس إلا جناحا سياسيا لحركة التوحيد والإصلاح”.
-ألا تشكل هذه الدعوة، خرقا لحالة الطوارئ الصحية التي تمنع التظاهر والتجمهر؟
بالفعل، دعوة الحزب إلى التظاهر من أجل فلسطين تشكل خرقا لحالة الطوارئ التي دعت إليها الحكومة، لكن الحزب يحاول من خلال هذه المبادرة استغلال القضايا الخارجية لإعادة تجميع صفوفه وتطويق الصراعات الداخلية و كذا استرضاء الغاضبين من أعضائه الذين أعلنوا تجميد عضوياتهم أو قدموا استقالاتهم عقب توقيع العثماني لاتفاقية استئناف العلاقات مع إسرائيل.
أما بشأن تعمّد الحزب خرقَ حالة الطوارئ، فالأمر ليس بالغريب، بعدما أبان حزب المصباح، في مجموعة من المحطات، تناقضه مع مواقفه، وآخرها في قضية القنب الهندي، فالعدالة والتنمية، وبعدما صوت في الدورة الـ63 للأمم المتحدة على استعمال القنب الهندي، إلى جانب تبني الحكومة التي يقودها مشروع قانون الاستعمالات المشروعة للكيف، انبرى أعضاؤه إلى تحريم القنب الهندي، ومحاولة فريقه النيابي بمجلس النوا عرقلة المصادقة على مشروع القانون المتعلق بالاستعمالات المشروعة لهذه النبتة.
إنهم يحاولون توريط الدولة وتوريط الفرقاء الآخرين في مواقف هم الذين صنعوها، فرئيس الحكومة، الذي يمثل الأغلبية، يصدر قوانين كرئيس حكومة في علاقته بالأغلبية، وفي الوقت نفسه يمارس المعارضة.
-ما الرسالة التي يود الحزب بعثها نفس من يهمّهم الامر عبر الدعوة اليوم نفس التظاهر من اجل فلسطين؟
“أهم رسالة، هي التأكيد لمن يهمهم الأمر أن الحزب لا يزال يتحكم في الشارع وأن بمقدوره التعبئة والتجييش، وهو ما لمّح إليه بنكيران في أكثر من مناسبة، من خلال حديثه عن إمكان عودة “الربيع العربي” والاحتجاجات. ومن هذا المنطلق فإن، الحزب يحاول استعراض عضلاته وقوته وإعطاء الانطباع بأن السلطة ما زالت في حاجة إليه، كنوع من الابتزاز أو -إذا صح القول- مقايضة السلطة على مجموعة من الملفات الجنائية، سواء التي تورّط فيها أعضاء من الحزب على مستوى الجماعات المحلية أو مجموعة من القضايا الرائجة داخل المحاكم. ويظنّ قياديو الحزب أن ذلك يمنحهم موقعا مريحا لربح النقاط على مستوى التفاوض”.
*باحث في السوسيولوجيا السياسية