*محمد سليكي

قاد التهافت الانتخابي أحزاب المعارضة البرلمانية، الأصالة والمعاصرة، والاستقلال، والتقدم والاشتراكية الموسوم في بلاغها، إلى تكريس انسلاخها عن هموم الطبقة المسحوقة جراء السياسات اللاشعبية للحكومة النصف ملتحية الأولى والثانية، وتأكيد عجزها عن تقديم تقييم موضوعي للسياسات العمومية، وطرح بدائل عملية لإخراج البلاد من الأزمة الاجتماعية.

لقد طغى على بلاغ الأحزاب الثلاث فضلا عن التهافت الانتخابي، حمولات تصفية الحسابات السياسيوية، بإستهداف فاعل حزبي دون غيره من باقي التنظيمات الحزبية خاصة تلك التي توجد في الأغلبية الحكومية.

كيف يمكن أن يكون لبلاغ هؤلاء الأحزاب، وقع على المغاربة، ومصداقية عند الرأي العام، وهي تجر  من ورائها فضائح تأبى عن المحو من ذاكرة المغاربة، تماما كما يستعصى على النسيان، الظهور اللافت والمؤثر لوزراء حزب الأحرار خلال الأزمة الصحية العالمية التي تعامل معها المغرب بنجاح  بفضل حكمة وتبصر جلالة الملك، وكفاءة الأطر الوطنية، التي كانت إلى جانب المغربي.

 في الواقع كان على هذه الأحزاب أن تخجل من نفسها وتحترم ذكاء المغاربة، ولا تمعن في الإساءة إلى شرفاء طبعوا تاريخها، وتتعامل بنضج مع اللحظة السياسية التي تتطلب القطع مع الشعبوية، والبحث عن البوز الفايسبوكي.

إن “جيمات” الفاسبكة، لا تعني بالضرورة أصوات مؤيدة من المغاربة، خاصة وأن معوزين منهم يرددون بعيدا عن موائد أولئك الزعماء المؤتثة بما تشتهي الأعين عبارة:”ما لهؤلاء القوم لا يرحمون ولا يدعون رحمة الله تحل بعباده المحرومين “. الرسالة واضحة.

وكما كان مثيرا للشقفة، أن يواصل حزب التقدم والاشتراكية، الذي أكد طوال 20 سنة قضاها في الحكومة مدى إنتهازيته في البحث عن حلاوة السلطة والرضى المخزني، سياسية “تخراج العينين”، والتعبير عن صحوة ضمير متأخرة بإدعاء المنافحة عن مطالب الكادحين، والحقيقة غير ذلك تماما.

لقد كان حريا، بهذا الحزب، أن يغني المشهد السياسي بنفس سياسي جديد، لا أن  يسيء من يوم لآخر، لتاريخ الحزب، على عهد قيادته الغربية الأطوار والمنسلخة عن مبادئ كبار الرفاق، كالزعيم علي يعتة، وعزيز بلال وغيرهم ممن كانوا يمارسون السياسية بأخلاق حتى في مواجهة الجلاد الراحل إدريس البصري.

 

 لكن أطال الله في عمر المغاربة، حتى جاء عليهم يوم يرون فيه نبيل نبعبد الله القيادي الحداثي التقدمي، و الوزير المطرود من الحكومة على خلفية تعثر مشاريع ملكية في الحسيمة منارة المتوسط، يقود وفدا للحجاج، ويسبح صباح مساء بإسم  مغرق البلاد في المديونة صاحب تقاعد 7 ملايين، المعزول عبد الإله ابن كيران، والخادم المطيع للراحل إدريس البصري عدو التقدميين.

هذا الحزب الذي جاء إلى جانب حزب “البام” المشتت على حد تعبير حميد نرجس، خال فؤاد عالي الهمة، وأحد كبار مؤسيسه، وحزب الاستقلال المشكوك في إستقلالبة قرارات أمينه العام، يندب وجهه بكاءا على ما سمي تعسفا وإنتقاءا بالتوظيف الحزبي للإحسان الخيري، ما يجعلنا نتساءل ويتساءل معنا عدد من  المغاربة، حول ما قدم حزب” المعقول” المفترى عليه، للمواطنين طوال سنوات لعقله من عسل السلطة والتداول على الاستفادة من إمتيازات المناصب؟.

لعل المغاربة، لا يذكرون هذا الحزب خاصة على عهد قيادته الحالية، سوى بما لا يستحق الذكر ويفقده أية مصداقية في زعم الدفاع عن المواطن البئيس، كتعاقب وزراء في حزبه على إهانة المغاربة كقول أحدهم :”أنا كنسرح بنادم”، وقول أخرى :”تابعينا على جوج فرانك”، و “زبلة”، آخر في البرلمان مباشرة على الهواء، نتعفف عن الخوض فيها طالما أن المواطن لا زال يتذكرها بكل حنق وأسى.

ومما أثار إنتباهي في بلاغ أحزاب التحالف الثلاثي غير المقدس، هو زعم اقتناعها بكون المرحلة “تقتضي أن يسود فضاءنا العام نقاش عمومي رزين ومسؤول حول حصيلة تدبير الحكومة للشأن العام، بما يترجم مبدأ المحاسبة الشعبية”.

صراحة، مبدئيا لا يسعني سوى أن أؤيد هؤلاء القوم في هذا الاقتناع، لكن، فليكن نقاشا عموميا يحاكم حتى حصيلة أحزاب المعارضة البرلمانية، ويترجم كذلك مبدأ المحاسبة الشعبية، أم أن إغفال هؤلاء الأحزاب التنصيص عليها في بلاغهم المنفصل عن أولويات المغربي اليوم، جاء إقتناعا منهم بأن المحاسبة الشعبية حسمها المواطن بحقهم، وأنه ينتظر فقط موعد قول كلمته يوم يعز الأمين العام وكيل اللائحة أو يهان.

وهي مناسبة، أدعوا فيها أمناء تلك الأحزاب الثلاث، إلى تملك الشجاعة السياسية، والترشح في الانتخابات البرلمانية المقبلة، حيث المحاسبة الشعبية الحقيقة، لمعرفة ما إذا كان الشعب سيكذبنا ويحتضنهم، أما سيقول كلمته للتاريخ وسـ”يكردعهم”، وإن كان منهم من تجرع مرارة “التكرديع الانتخابي” في محطات عدة، ولكن “ما بغاش يحشم”.

إنكم بإصراركم على إفراغ المعارضة البرلمانية من أدوارها الحقيقية  في الانحياز لقضايا المواطن، وتحويلها إلى آلية لتصفية الحسابات الذاتية، تمويه لن ينطلي على المغربي اليوم، بقدر سيجعل منكم كمن يكتب بخط يده السطر الأخير من تاريخ لا يمكن إلا أن يدان من طرف القادم من الأجيال.

 لذلك يقينا، لن يذكركم التاريخ وسيحاسبكم الشعب مهما أخفيتم من حقيقتكم وراء كماماتكم المصنفة. والبداية حتما يوم يعز فيه الأمين العام وكيل اللائحة أو يهان وهو يخوض المعركة بكل تجرد ونكران للذات وليس الإختباء وراء  مرشح “دوزيام طوكار”..

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *