*كتب ذ. محمد سليكي 
يتساءل عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي ونحن معهم حول هوية وصفة وصلاحية شخص ظهر خلال “غزوة” تفريق احتجاجات ما يعرف ب”أساتذة الكونطرا” في العاصمة الرباط، وهو يوزع بسخاء بلطجي كبير جميع أنواع الإهانة والسب والاعتداء الجسدي على أساتذة عزل في مظاهرة سلمية.
تصرف أرعن يساءل السلطة قبل ذلك البلطجي المتخلف، حتى وإن كان “مقدم”، عن سماحها بهذه الانتهاكات الحقوقية، جهراً نهاراً وتسخير كل من يجيد الركل والرفس لإكرام من قيل في حقه ذات زمان صالح “قم للمعلم وفيه التبجيلا ..كاد المعلم أن يكون رسولاً”.
 في الواقع، لايمكن تناول واقعة “البطلجي والأستاذ”، بمعزل عن العديد من مظاهر ومؤشرات إمعان بعض المحسوبين عن السلطة في الإساءة إلى الرصيد الحقوقي الذي راكمته المملكة منذ توقيع توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، ودسترة حماية وصون حقوق الإنسان، وتوقيع اتفاقيات أممية لمناهضة التعذيب وغيره، وإعلان عدد من المؤسسات الأمنية عن مدونة سلوك تلزم موظفيها بإحترام حقوق الإنسان في شموليتها تحت طائلة العقاب..
ولعل التنزيل السليم للحكامة الأمنية، في ظل مغرب ما بعد دستور 2011، لا يمكن الا ان تكون معه واقعة “البلطجي والأستاذ”، مجرد حادث معزول لا يعكس بالمحصلة، سياسة متبعة، لأننا دولة ومجتمع سنكون والحالة هاته، أمام ردة حقوقية مخيفة، تعيد معها المشاهد البشعة لإنتهاكات حقوق الإنسان خلال سنوات الجمر والرصاص، وتعطي الفرص المجانية للمشككين والمتربصين.
وغني عن البيان أن المغرب طوى انطلاقاً من إرادة سياسية عبرت عنها أعلى سلطة في البلاد، منذ جلوس الملك محمد السادس على العرش، صفحة الماضي المظلم لحقوق الإنسان، وأسس بشجاعة سياسية مع تعيين هيئة الإنصاف والمصالحة، لمغرب متصالح مع ماضيه، ومتطلع بكل ثقة نحو المغرب الممكن.
لذلك، لا أجد مبرراً لمرور انتهاك حقوقي و إعتداء جسدي موثق كواقعة المقدم / البلطجي، وإمعانه في إهانة كرامة أستاذ، دون تطبيق للقانون، وإن كانت النيابة العامة، لا تخطأ الموعد إزاء هكذا وقائع للمبادرة إلى إستصدار أمر  بفتح تحقيق قضائي، وترتيب الآثار القانونية، حتى ولو كان الشخص المعني يتمتع بحصانة الصفة الضبطية، التي لا يتوفر عليها هذا المقدم /البلطجي، طبعاً.
كما لا أجد مبرراً لعدم توجه، مصطفى الرميد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، إلى التلفزيون الرسمي، بدل الفايسبوك، للتصريح بما قام به سعادته وفق ما يخوله له القانون والدستور كوزير  وصي، من أجل تطبيق القانون إزاء واقعة “البطلجي والأستاذ”، التي هزت الرأي العام، على الأقل حتى نجدد التأكيد أمام حملة القلم الأحمر الدوليين لتقييم وتنقيط واقع حقوق الإنسان في المغرب، بأنه لا انتهاكات حقوقية ممنهجة في مملكة محمد السادس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *