يكتب عبد المطلب إعميار السياسي والحقوقي، الذي يوصف بالمنظر الحداثي دخل حزب الأصالة والمعاصرة، سلسلة مقالات في نقد مآل فكرة ومشروع حزب خرج من رحم حركة “لكل الديمقراطيين”، من أجل مواجهة الظلام والظلامين وتقديم مشروع سياسي بديل للمغاربة، أوصى مبدع فكرة تأسيسه الراحل إدريس بنزكري، أن يكون مشروعه حداثيا ديمقراطياً، وعنواناً للمغرب الممكن، حيث لا مكان للإسلام السياسي، في ظل نظام سياسي مغربي يقوم على ثابت إمارة المؤمنين..قبل أن يزيغ الحزب عن مساره، ويسقط في حضن تحالف غير مقدس مع الحزب الأغلبي، بشكل مسخ هويته وأتى على مشروعه.. بشهادة مؤسسين قبل منتقدين.

وتتوزع حلقات مقالات الأستاذ عبد المطلب إعميار ، التي خص بها جريدة le12.ma عربية، حول محاور ، عدة لعل من أبرزها: “الأصالة والمعاصرة وأسئلة الهوية المعطوبة”. 

والبداية مع حلقة بعنوان “هل مازالت الحاجة إلى حزب الأصالة والمعاصرة؟.

 

*عبد المطلب أعميار

مرت سنة على المؤتمر الوطني الرابع لحزب الأصالة والمعاصرة المنعقد بالجديدة شهر فبراير 2020.

ولعلها مدة زمنية مواتية( نسبيا) لتقييم المسارات السياسية للحزب لما بعد مؤتمره الأخير. ولأن تفاصيل كثيرة ترتبط بالمسائل التنظيمية وبمجريات المؤتمر لن تجد موقعها في سياق هذه الكتابة لاعتبارات متعددة ليس هنا مجال التطرق إليها، فإننا نعتزم بالمقابل إثارة الأسئلة السياسية المترتبة عن هذه المحطة وما أفرزته من تداعيات وتقاطبات وتراجعات تسمح اليوم بمقاربة المشروع السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة مع ما يستدعيه ذلك من معالجة نقدية تترفع عن إثارة أشباه القضايا والأسئلة المغلوطة. 

وحري بالذكر في هذا المقام بأن الكتابة النقدية عن الشأن الحزبي عموما-، وعن تنظيم حزبي بعينه تفترض، فيما تفترض، توفر الحدود الدنيا المعقولة في قواعد التحاور السياسي، وفي قواعد الممارسة الديمقراطية بما تقتضيه من أخلاقيات مؤطرة للسلوك السياسي، ثقافة وممارسة.

وبما تعنيه كذلك من ضوابط تنظيمية سواء في علاقة الحزب بالقانون المؤطر للأحزاب السياسية، أو في علاقته بالأنظمة القانونية المصادق عليها في مؤتمراته، أو في علاقته بالمجتمع بما أن الحزب نظريا- يمثل التطلعات والمصالح الموضوعية لفئات معينة من المجتمع، وينتصر لخيارات سياسية وثقافية ومجتمعية تميزه عن باقي الفرقاء السياسييين، وتضفي عمليا على تواجده في الحقل السياسي مشروعية معينة، قائمة على هوية سياسية، ورؤية محددة لإدارة الصراع السياسي وتحديد تموقعاته ( الموضوعية) في المشهد الحزبي، أو في علاقته بمناضلاته ومناضليه.

ولأن هذه الشروط ما فتئت تتلاشى في المشهد السياسي العام، فإنها تشكل اليوم إحدى العناوين البارزة في أزمة المشروع السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة لاعتبارات سنتطرق لبعضها في ثنايا هذه المقاربة. وبالمقابل، فإنني أدرك تمام الإدراك بأن الكتابة عن الظاهرة الحزبية تكاد تكون محسوبة على رؤوس الأصابع في بلادنا، فإنها بالمثل تكاد تنعدم كممارسة نظرية واعية وناضجة داخل حزب الأصالة والمعاصرة، مع استثناءات قليلة

ولعمري أن هذا مظهر من مظاهر السياسية بالمغرب بعد أن تحول الحزب السياسي إلى وكالة انتخابية أعدمت كل الأدوار المفترضة ( والضرورية) للفكر السياسي، والتناظر الفكري، والسجال النقدي البناء. وبعد أن تم تحقير أدوار المفكرين والمثقفين والاستعاضة عنها بلعبة المصالح الانتخابية الظرفية التي ساهمت في ترسيم وتوسيع الشرخ بين الشعب والسياسة، بين الناخبين والمنتخبين.

ولعل الكتابة اليوم عن حزب الأصالة والمعاصرة، ما بعد مؤتمره الرابع بقدر ما تتطلع ( بكل التواضع الممكن) لأن تشكل توثيقا فكريا، وشهادة سياسية عن مرحلة مهمة من تاريخ بلادنا، بقدر ما تعلن بأنها ليست ترفا فكريا أو نظريا، ولا هي  من قبيل الحوار الداخلي، ولا هي ورقة لإضفاء الشرعية على فاعلين شاركوا ، بوعي أو بدون وعي، في  مسخ هوية وأدوارهذا المشروع ، بقدر ما هي مسؤولية وواجب سياسي ( بمعناه الواسع) اتجاه الذات، واتجاه الوطن، واتجاه المجتمع، واتجاه من تعاقدنا معهم للانخراط في هذا المشروع خدمة لمصلحة بلادنا في ظروف إقليمية ومحلية صعبة قدرناها على قدر ما كانت تفرضه من تقدير وتضحيات وتحديات إلى جانب العديد من الفاعلات والفاعلين المنتمين لمشارب مختلفة ، واتجاه مشروع سياسي أريد له أن يكون معادلة حقيقية  للدفاع عن الاختيار الديمقراطي، ورافعة لدعم ومواكبة مسارات المصالحات السياسية والحقوقية والتنموية، وواجهة لتحقيق التوازنات السياسية والمجتمعية المطلوبة في سياق دولي رهن العديد من الأنظمة الوطنية لدى صناع القرارالعالمي، و أجهز على دول كاملة بسبب الرهانات الجديدة للنظام العالمي الذي كان ، ولا يزال، يستهدف مناطق بعينها.

واليوم، بقدر ما نستحضر السياقات السابقة و سياقات الوضع الجديد، مع ما أنجزته بلادنا من انتصارات لم تكن سهلة ولا هينة، بقدر ما نستحضر أزمة السياسة في المغرب، بعد التراجعات الملحوظة في الأدوارالسياسية للأحزاب الوطنية، وبعد ما كشفه الوباء اللعين العابر للقارات من هشاشة وخصاص وعوز لدى فئات عريضة من الشعب المغربي، وبعد انهيار وظائف الوساطة (تلك التي كانت تسمى في المعجم السياسي بالتعبئة والتأطير المجتمعي) واتساع مسببات وعوامل وعناصر اللاثقة بين الشعب والمؤسسات المنتخبة. في مقابل العودة الحاسمة للأدوار المركزية للدولة الوطنية وما أعلنته من حاجة متجددة لتقوية ورعاية وتحصين أدوارها الاجتماعية.

وحسبنا أن تجربة حزب الأصالة والمعاصرة، بالنظر للرهانات السياسية التي أعلنت غداة تأسيسه لا تسائله اليوم من بوابة تقييم الحصيلة فقط، بل تسائله من مدخل سؤال مركزي “هل ما زالت الحاجة لحزب الأصالة والمعاصرة اليوم، وبأي ثمن، وبأي معنى، ولأية رهانات؟؟. أو لنطرح السؤال بصيغة أخرى، هل انتهت صلاحية الشعارات التي أسس من أجلها، وأعلنها في المشهد العام دفاعا عن علة وجوده؟.

إننا نتطلع لقراءة المسارات السياسية لحزب الأصالة والمعاصرة، بعد مؤتمره الوطني الرابع، انطلاقا من عنوان مركزي يسائل الهوية المعطوبة للحزب . وهو عنوان سنستدل عليه بمناقشة القضايا الآتية :

1.مؤتمر بدون بوصلة سياسية.

2.مؤتمر بدون مشروعية ديمقراطية.

3.حزب بدون أجهزة تمثيلية.

4. ديمقراطية اجتماعية بدون رؤية سياسية واقتصادية.

5.الانتصار الماكر لأعيان الانتخابات.

6. من المصالحات إلى الاعتذار البليد للعدالة والتنمية.

7. سلطة الدولة أم سلطة الحزب.

8. مؤتمر القطيعة الملتبسة مع أسباب التأسيس.

9.حزب الأصالة والمعاصرة وأسئلة الهوية المعطوبة.

 

*قيادي في حزب الأصالة والمعاصرة 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليقات
  1. الحزب افرغ من مشروعه الحداثي الديمقراطي وانقلب عليه في المؤتمر الرابع وغدا دكانا انتخابيا يتسول مقاعد لدى البيجيدي واصبح من اعداء الديمقراطية والحداثة بتركيزه على الاعيان ومسامر الميدة الذين يتعيشون من الريع الحزبي ويبيعون الحزب الى رموز الفساد بالجهاد كما يبيعون التزكيات.واصبح تنظيمه عموديا :عصابة المركز وخدامها بالجهات والاقاليم من الاعيان وحراس المعبد.يحق عليه قول بن كيران :”عليه ان يحل نفسه”.
    يشار الى ان التطورات التي عرفها الحزب اكدت وبشدة ان ما بني على باطل(الباطل هنا هو غياب الديمقراطية الداخلية وتغول العرقية الريفية وسيادة التوافق بدل صناديق الاقتراع) فهو باطل ولا يمكن الاطمئنان اليه.تلك هي العبرة التي ينبغي الاحتفاظ بها بعد هدر سنوات من وهم النضال من اجل المشروع الحزبي ليتبين ان معظم القيادات لم تكن مؤمنة باي مشروع من غير الريع والمقاعد والمكاسب.