محمد سليكي 

يبدو أن الرئيس الفرنسي ماكرون، تذكر أخيرا أن هناك توتراً كبيراً بين الجزائر والمغرب على خلفية الهزائم الدبلوماسية المتتالية لحكام قصر المرادية كبرى مستعمرات فرنسا سابقا التي كانت تحسبها مقاطعة من مقاطعاتها.
الرئيس ماكرون، لم يسمع له ولا لحكومته همساً، خلال الاستفزازات المتتالية لقطاع الطرق في منطقة الكركرات قبل نصر 13 نونبر ، ولا خلال خرق مليشيات ولاية تيندوف لوقف إطلاق النار، وتجييش الأطفال والنساء، ضد سيادة المغرب.
لم يذكر لفرنسا موقف على الأرض، لتكريس شرعية سيادة المغرب على الصحراء، كما فعلت دول عدة على رأسها الولايات المتحدة الامريكية..
طوال هذه الأزمة المفتعلة من طرف جبهة البوليساريو وبدعم من نظام العسكر في الجزائر ، والتي نحجت الرباط في تدبيرها بحكمة ولا تزال، لم نسمع من فرنسا سوى أصوات إعلام رسمي يحرض على صب الزيت فوق النار، وتأجيج وضع فوق فوهة بركان، ودفع المنطقة نحو المجهول، من خلال خط تحريري معاد للمهنية الصحفية،  قبل المصالح المغربية.
لكن عندما حسم المغرب الوضع على جميع المستويات، و على نحو أحرق أوراق الجزائر التي لم تجد من مخرج لهذا المأزق سوى، تكريس إستفزازتها بمناورات عسكرية بالذخيرة الحية، على حدود المغرب، سيظهر ساكن قصر الاليزي، كوسيط بين الجارين..  
الصحافة الفرنسية، ستقف كثيرا نهاية هذا الأسبوع عند محاولة وساطة قام بها حاكم قصر الاليزي،  بين قائدي المغرب والجزائر، لتطويق الأزمة، ونزع فتيل التوتر، وتهدئة الأوضاع، التي دخلت مرحلة التصعيد والتشنج  جراء ما وقع في منطقة الكركرات، وسط تنديد أممي، بحماقات الطرح الانفصالي .
لا أعتقد أن السعي نحو الوساطة، سعي غير مرغوب فيه كما يقول الدبلوماسيين، بيد أن ما ليس مرغوب فيه، هو أن تهتم فرنسا بنتائج أزمة عقود، دون أن تلعب دورها الأخلاقي والتاريخي في تصحيح أخطاء سياسيتها في المنطقة عشية جلاء قواتها الاستعمارية منتصف القرن الماضي، التي كانت وراء هذا التوتر الدائم بين المغرب والجزائر .
تدرك باريس جيداً، أن تاريخها الاستعماري، له مساحات كبرى في مسؤولية إتساع رقعة زيت الخلافات العميقة بين الرباط والجزائر، كما تدرك أنها تحفظ بعضا من أرقام الأقنان السرية لإنهاء هذه الأزمة البنيوية، التي طال أمدها في منطقة مطلة على الصحراء والساحل، حيث مظاهر  تحالف غير مقدس بين الإرهاب والخارجون عن القانون، لاتخطئها العيون.
لقد كان حرياً بفرنسا، التي تعتبر المغرب شريكاً استراتيجيا، أن لا تتنكر لحقائق التاريخ، و تحسم خلاف المغرب والجزائر منذ أمد بعيد، خاصة أن الرباط لطالما تبنت سياسية اليد الممدودة، لإنهاء هذا الصراع على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، وبنظرة إلى المستقبل، والمصير المشترك ..
اليوم وقد تمكن المغرب، من التنزيل الفعلي والعملي الناجح لسياسته الدبلوماسية، المؤسسة على تنويع الشركاء وقاعدة رابح / رابح، التي أثمرت إعتراف تاريخي للولايات المتحدة الامريكية بمغربية الصحراء، تحرك قصر الاليزي متأخرا على ما يبدو لتبني وساطة بين طرفي الجوار الحذر ..
لكن رغم ذلك، فنحن في المغرب، لا يمكن إلا أن نقول، مرحباً بوساطة ماكرون، إن لم تكن بالون إختبار إعلامي، بشرط أن يكون فيها كل شيء قابل للنقاش، عدا توابث الأمة، وسيادة المغرب على صحرائه.  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليقات
  1. الطغمة العسكرية الحاكمة في الجزائر لا تفهم منطق الحوار والجوار لذلك فان تقوية الجبهة الداخلية والبحت عن تحالفات جديدة وقوية خير و احسن من الف حوار ….والفاهم يفهم