الرباط -جمال بورفيسي

لم يكن رئيس الحكومة السابقة، عبد الإله بنكيران، غير المأسوف على رحيله، يدرك حجم المتاعب والمشاكل التي سيسببها للمغاربة جرّاء قراراته العشوائية وغير المبنية على حسابات منطقية وموضوعية وواقعية دقيقة، خاصة القرار “الأرعن” القاضي برفع الدعم عن المحروقات دون أن يتخذ الإجراءات المواكبة، فألقى بلهيب النار على المواطنين الذين يكتوون بنار الزيادات الصاروخية في أسعار المحروقات.

ولم يقف لهيب النار عند حدود المستهلكين، بل تجاوزها ليصيب الحكومة، التي أصبحت في مرمى النيران التي تأتيها من المواطنين والمعارضة البرلمانية، على حد سواء.

تعترف الحكومة اليوم بأنها في ورطة، وبأن عدم اتخاذ الإجراءات المواكبة لرفع الدعم عن المحروقات كان قرارا خاطئا، ما يضفي عليه صفة الرعونة. ولم تنجح الحكومة في صرف أنظار الرأي العام الوطني من خلال “شيطنة” شركات المحروقات، لأن مسؤولية الزيادات الصاروخية في أثمان المحروقات تقع، أولا وأخيرا، على كاهل الحكومة، التي سوّقت الأوهام للمغاربة وتعهدت بتسقيف أسعار المحروقات لامتصاص غضب المواطنين، ولكنها لم تف بوعدها، فأخلّت بالتزاماتها.

أمس الثلاثاء، نبّه المستشار البرلماني عن فريق الأصالة والمعاصرة، لحو المربوح، الحكومة، في إطار الجلسة الرقابية الأسبوعية، إلى مخاطر التنصل من التزاماتها تجاه المواطنين وحذرها من فشلها في تدبير ملف المحروقات، داعيا إياها إلى العودة إلى العمل بنظام المقايسة، الذي يضمن حدا أدنى من الاستقرار في أسعار المحروقات ويضمن، كذلك، استقرار القدرة الشرائية للمواطنين.

ونبّه المربوح إلى خطورة الاحتقان السائد على السلم والاستقرار الاجتماعي جراء ارتفاع أسعار المحروقات ورفض الحكومة التسقيف، وما يؤدي اليه ذلك من ارتفاع في أسعار العديد من المواد الاستهلاكية الأساسية. وحمّل المتحدث الحكومة مسؤولية الانعكاسات السلبية لهذا الاحتقان، خاصة إذا استمرت أسعار المحروقات في الارتفاع، قائلا في خطاب موجَّه للحكومة “الله يْكتب السلامة”.

وجاء في سؤال المستشار البرلماني أنه بعدما رفعت الحكومة الدعم عن أسعار المحروقات، وكذا اتخاذ قرار تحرير الدرهم، أبدى العديد من الفاعلين الاقتصاديين وعموم المواطنين تخوفهم من تأثير تقلبات السوق الدولية على أسعار المحروقات داخل المغرب وانعكاس ذلك على القدرة الشرائية للمواطنين، متسائلا عن مصير “التسقيف”، الذي وعدت به الحكومة في سياق ضمان الحد الأدنى من التحكم في أسعار المحروقات وضمان حماية القدرة الشرائية للمواطنين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *