المصطفى الحروشي
حقق مجلس المستشارين خلال الولاية التشريعية الحالية، اختراقا غير مسبوق لمنطقة أمريكا اللاتينية، في ما يخص الدفاع عن قضية الوحدة الترابية للمملكة، ودحض أطروحة الجبهة الانفصالية. وبعدما ظلت هاته المنطقة طيلة عقود من الزمن، أي خلال ما يعرف تاريخيا بالحرب الباردة، أحد المعاقل الأساسية لـ”بوليساريو” ومن يقف وراءها، حيث تم الترويج للأطروحة الانفصالية الضالة والمُضللة، بدأت المنطقة تعرف، في السنوات الأخيرة تحولا مُلفتا لصالح الوحدة الترابية للملكة المغربية، من أقوى تجلياتها القرارات الصادرة عن برلمانات دول الأنديز وأمريكا الوسطى وبرلمانات الشيلي والبراغواي والبرازيل، الداعمة للوحدة الترابية للمملكة ولمقترح الحكم الذاتي الذي أقره واعتمده المغرب، كقاعدة جادة لحل سياسي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
لقد وضع حكيم بن شماش، منذ انتخابه رئيساً لمجلس المستشارين في 13 أكتوبر 2015، الترافع من أجل القضية الوطنية الأولى ضمن أولوياته، وخصص الحيز الأكبر من اهتمامه بالقضية الأولى ضمن الدبلوماسية البرلمانية، وهكذا فإن أهم ما ميز الولاية الحالية، القفزة النوعية في مجال التحسيس بالقضية الوطنية الأولى و الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة، حيث تجاوزت جهود التعريف والدفاع عن القضية الوطنية المجال الافريقي والأوربي، لتمتد إلى أمريكا اللاتينية التي ظلت طيلة عقود من الزمن معقل المدافعين عن بوليساريو.
الجدير بالذكر، أن الاعترافات بالجمهورية الوهمية بأمريكا اللاتينية حدثت خلال سنوات الثمانينات من القرن الماضي، أي في أوج المد اليساري الراديكالي بالمنطقة، وفي عز التحولات والتقلبات السياسة التي فرضتها مخلفات الحرب الباردة، والذي قابله مناخ من الانحسار والتدافع السياسي الحاد بالمغرب.
لكن الأكيد أن الدينامية والانفراج السياسي والحقوقي والمصالحة السياسية الوطنية، التي ميزت مسار الانتقال الديمقراطي وبناء المؤسسات بالمملكة المغربية، وخصوصا الزيارة الملكية لبعض بلدان أمريكا اللاتينية سنة 2004، كلها عوامل غيرت منظور وعلاقة المغرب بمنطقة أمريكا اللاتينية والكاراييب، حيث قامت مجموعة من الدول اللاتينية بسحب اعترافها بالجمهورية الوهمية. وقد فرضت هذه المتغيرات على البرلمان المغربي أن يلعب أدواره كفاعل مواز أساسي من خلال دبلوماسية برلمانية طموحة تسعى إلى ترسيخ علاقات سياسية بناءة وتعزيز التقارب مع ممثلي شعوب هذه المنطقة ومؤسساتها التمثيلية.
وهكذا وقع البرلمان المغربي اتفاقية إطار للتعاون مع منتدى رؤساء برلمانات أمريكا الوسطى والكاريبي (فوبريل) في أكتوبر 2014، ثم اتفاقية انضمامه كعضو ملاحظ دائم لدى برلمان أمريكا الوسطى في يونيو 2015، ليتوج هذا المسار بتوقيع اتفاقية انضمام البرلمان المغربي كعضو ملاحظ لدى برلمان أمريكا اللاتينية والكاراييب ( برلاتينو)، كأقدم وأهم تجمع برلماني بالمنطقة ككل.
وإن كان المجال لا يسع لتعداد أهم المكتسبات التي راكمها البرلمان المغربي بهذه المنطقة في السنوات الأخيرة، فيمكن التذكير بالمواقف غير مسبوقة بخصوص قضيتنا الوطنية، التي جسدها إعلان العيون في اجتماع مكتب مجلس المستشارين برئاسة حكيم بن شماش، مع المكتب التنفيذي لبرلمان أمريكا الوسطى (البرلاسين) في يوليوز 2016، وكذا المواقف التي عبر عنها أعضاء منتدى رئيسات ورؤساء المجالس التشريعية بأمريكا الوسطى (الفوبريل) في الاجتماعين الذين استضافهما البرلمان المغربي بمجلسيه ستني 2016 و2017 وخصوصا تنديدهما القوي بتصريحات بان كي مون، الامين العام السابق لمنظمة الامم المتحدة، إضافة إلى طرد ممثل جمهورية الوهم بجمهورية بنما خلال حفل تسليم السلط ببرلمان امريكا الوسطى، وكذا التصريحات القوية لصالح بلادنا التي تضمنتها كلمتا كل من رئيس برلمان أمريكا اللاتينية والكراييب “الياس كاستيو” ورئيس برلمان دول الأنديز السيد ” فرناندو ميزا”، خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى الاقتصادي والبرلماني العربي الإفريقي الذي نظمه مجلس المستشارين نهاية شهر أبريل 2018، هذا كله دون إغفال المواقف غير مسبوقة التي أصدرها البرلمان الشيلي بمجلسيه في يناير 2018 وكذا البرلمانان البرغوياني والبرازيلي ، ثم موقف البرلمان الأنديني الداعمة للمقترح المغربي للحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية، كأساس جدي وذي مصداقية لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.