مراكش: عبد الرزاق بوتمزار

 

بينما جدد توعده بالضرب على يد مافيا السطو على العقارات بيد من حديد، دعا محمد عبد النبوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض -رئيس النيابة العامة، بمناسبة الندوة الوطنية لهيئة الموثقين، التي تنظم بشعار “إصلاح مهنة التوثيق وفق المستجدات التشريعية وتحديات الاقتصاد الرقمي” يومي 23 و24 نونبر الجاري في مراكش، الهيئة الوطنية للموثقين، إلى التصدي، بحزم، لكل ما يمكن أن يلوث شرف المهنة ومركزها في المجتمع والبحث عن حلول، واقتراح التدابير الكفيلة بصيانة حقوق المتعاقدين.

وأوضح المسؤول القضائي، أن دعوته تلك تأتي، بالنظر إلى تكرار بعض حالات المسّ بالودائع من قبَل بعض الموثقين، ما يمسّ بصورة مهنة التوثيق الشريفة ويضر بسمعة الشرفاء من النساء والرجال القائمين بها، والذين يعدّون مستودعَ أسرار المتعاقدين والمستأمَنين على أموالهم وأملاكهم.. وهي صورة يقول محمد عبد النبوي:” يتعين على كل الموثقات والموثقين الدفاع عنها، وتقتضي من هيئاتهم المهنية التصدي لجميع ما يمس بها ولكل من يخدشها”.

وأكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض -رئيس النيابة العامة، لقد “آن الأوان للبحث عن حلول جوهرية للوقاية من هذا النوع من الانزلاقات السلوكية الفردية التي تضر بالصورة الجماعية للمهنة”. مضيفا:”وفي رأينا، فإن المشرع مدعو بالضرورة إلى إيجاد الميكانزمات اللازمة للحفاظ على ودائع المتعاقدين وحفظ حقوقهم”، معربا عن أمله في أن يتم ذلك بتنسيق مع الهيئة الوطنية للموثقين، وباستحضار المنظور الشمولي لإصلاح منظومة العدالة في البلاد، “التي تعد آلية حقيقية للتنمية الاقتصادية، التي لن تتم بدون توفير الثقة للمستثمرين بواسطة نظام تعاقدي سليم”.

ووعيا بأهمية دور مؤسسة التوثيق كحام للأمن العقاري، استحضر المسؤول القضائي،  توجيهات محمد السادس في الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في المناظرة الوطنية حول موضوع السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية، ليخلص من خلال كلمات الرسالة الملكية إلى “ما يتميز به دور مهنة التوثيق من بعد إستراتيجي مرتبط بالتطور الاقتصادي والتنموي للمملكة، وما له من أثر في استقرار المعاملات ومنع المنازعات وحفظ الحقوق.. ومهنة التوثيق محكومة في ذلك بمنظومة القيم الأخلاقية التي كرستها الأعراف والتقاليد وسطرتها القوانين المنظمة للمهنة. فالموثق ملزم في سلوكه المهني بمبادئ الأمانة والنزاهة وما تقتضيه الأخلاق الحميدة وأعراف وتقاليد المهنة المرتبطة بالكرامة والاستقامة”.

 

 

وثمّن الوكيل العام، عقد هذه الندوة الوطنية “بالنظر إلى راهنية المواضيع المقترحة للدراسة والمناقشة، ذلك أن اختيار منظمي هذا الملتقى هذا الموضوع اختيار موفق، بما سيطرحه للنقاش من تحديات تواجه مهنة التوثيق، كما تواجه كافة آليات العدالة، وفي أفق الرقي بمهنة التوثيق وجعلها مواكِبة للمتطلبات الحديثة في مجال رقمنة الخدمات القانونية والقضائية، من جهة، ومواكبة الدينامية التشاركية التي تأسست من خلال ورش إصلاح العدالة من جهة أخرى، والتي تقتضي انخراط كل مكونات العدالة في مخطط للإصلاح يتوخى الاستجابة لحاجيات حماية المواطنين وحقوقهم، لاسيما الحق في الملكية وأمان المعاملات التجارية والعقارية”.

وتابع رئيس النيابة العامة، أن نظام التعاقد يعد أداة سياسية وقانونية من أدوات تحقيق التنمية، “لأنّه يحقق استقرار المعاملات ويصون الحقوق،وهي قيَم لا يجب أن يؤثر في ثباتها واستمرارها التطورُ الاقتصادي والاجتماعي وهيمنة العالم الرقمي الافتراضي، وما يرافقه من تحولات تمس بشكل الوثيقة وكيفيات التعاقد، التي باتت تجنح نحو الشكل الرقمي والتكنولوجي وتتّسم بالسرعة والفورية.. ما يتطلب المواكبة القانونية والمرافقة في التطبيق العملي للإلمام بشروط وظروف المحررات الإلكترونية والصور الجديدة للمسؤولية العقدية ونظام الإثبات”.

وأضاف المتحدث ذاته أن “تحديث مهنة التوثيق باعتماد وسائل التكنولوجيا الرقمية يعدّ ضرورة أساسية في الوقت الراهن، الذي يشهد انخراط المغرب بقوة في مسلسل التحديث، عبر اعتماد تقنية المعلومات ووسائل الاتصال الحديثة بهدف تطوير الاقتصاد الرقمي وتحسين مناخ الأعمال وجلب الاستثمارات الوطنية والدولية، وكذا أسوة بما اتجهت إليه هيئات التوثيق في العديد من الدول، لما توفره الرقمنة من دقة في التسجيل وسرعة في التداول وسهولة في الولوج إلى إلى المعلومة والحصول عليها، إضافة إلى ما ينتج عن استعمالها من اقتصاد في الوقت واختصار للمسافات”.

وأكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض -رئيس النيابة العامة أن “إدراج الوسائل الإلكترونية في تسيير حسابات الموثقين والتبادل الرقمي للمعلومات المتعلقة بحساباتهم، وتبادل المعلومات مع المؤسسات الفاعلة في إتمام عملية انتقال الملكية وإنشائها، لا سيما مع إدارة الضرائب والتسجيل والمحافظة العقارية وصندوق الإيداع والتدبير، سيكون ضمانه إضافة حقيقية وفعالة لحماية حقوق الأطراف.. كما يطرح الموضوع للنقاش إمكانية وكيفية إنشاء العقود وتلقيها بطريقة إلكترونية، وما يتطلبه ذلك من وسائل تقنية وموارد مالية وبشرية، وكذا من مقتضيات قانونية أو مراجعات تشريعية”.

وشدّد المتحدث على أن الأهمية التي يحظى بها نظام التوثيق تنبع من ارتباطه الوثيق بصون تعاقدات الأفراد، “فالموثق مدعو إلى تحري الدقة وبعد النظر لتفادي كل نزاع محتمل حول بنود العقد ومضامينه، ليظل العقد أداة للوقاية من المنازعات المستقبلية، حاميا لحقوق الأفراد ومصالحهم، محققا بذلك ضمانة لاستقرار المعاملات وازدياد فرص الاستثمار مسهما في النمو الاقتصادي والازدهار الاجتماعي.

كما أن الموثق يقول رئيس النيابة العامة، مدعو إلى التصدي لكل مظاهر التلاعب بالحق في الملكية العقارية، خصوصا في ظل تفشي الاستيلاء على عقارات الغير بطريقة غير مشروعة، والتطور المتزايد لأساليب النصب والتزوير المستعمَلة من قبل بعض العصابات الإجرامية المختصة في السطو على العقارات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *