بقلم: سعيد جعفر
لعل أصعب فقرة في خطاب جلالة الملك هي بالضبط حديثه عن التكلفة النفسية والإجتماعية والاقتصادية في حال العودة لحجر صحي مشدد.
الذين يصوغون الخطابات يعرفون جيدا أن الكلمة التي تختم الجملة غالبا هي الكلمة الرئيسية والمحورية فيها، والحال أن حجرا صحيا مشددا تكلفته على الاقتصاد الوطني ضخمة ومؤلمة ستكون لها آثار اجتماعية ونفسية.
الملك قالها بنفسه صراحة. لم تعد للدولة إمكانيات للدعم الاجتماعي وهو ما سيعزز التكلفة اجتماعيا ونفسيا.
اين يوجد التراب اذن وسط هذا؟
لو صح الفيديو لكان هناك نقاش آخر وستكون سمعة الدولة ومسؤوليتها ثابتة في إسناد المسؤوليات. أما وأن الفيديو كان إشاعة مقصودة تجندت لها انكشارية الكترونية فهذا يطرح اسئلة.
في الحقيقة الحملة ضد مصطفى التراب مدير عام ocp شبيهة بتلك التي تعرض لها شكيب بنموسى رئيس اللجنة الملكية لصياغة النموذج التنموي سفير المغرب بفرنسا قبل اشهر، وبتلك التي تعرض لها عزيز أخنوش وزير الفلاحة الملياردير المعروف ومعه أسماء بنصالح المليارديرة رئيسة نقابة الباطرونا سابقا.
مثل هاته التدوينات، وتفاديا لتلك التأويلات الشعبوية والاتهام بالانبطاح والعمالة والارتشاء ولحيس الكابا، لها دافع منهجي ومعياري واحد.
ما الذي يدفع الى تكثيف ورسملة الهجوم ضد المال في المغرب وضد القطاعات أو الهيئات التي تنتج الثروة والتنمية أو تلك التي تراقب مالية السياسيين والمنتخبين ( ocp، المجلس الأعلى للحسابات، لجنة النموذج التنموي، cgem).
في الحقيقة نملك ما يكفي لنكون شعبويين وشعبويين جدا. مارست الأمر بما يكفي ويمكن لأي منا القيام به متى أراد. لكن اختيار خط حذر و يقظ في الفهم ليس مسألة سهلة. هو تمرين ليس في متناول أي أحد. تحتاج مزيدا من الحذق ومن سرعة البديهة والذكاء ليكون لك هذا الحذر. وقبل ذلك يجب أن يكون لك منهج وقدرة على تقليب الموضوع على كل وجوهه.
في المحصلة الشعبوي يكون دائما مستريحا لأنه وفقط يلبي حاجاته النفسية و يساير عاطفته الجياشة. الرأي الحذر غير ذلك. هو رأي يتعرض صاحبه لعنت كبير و يضطر اضطرارا لمعاكسة عاطفته وحاجاته النفسية وقد يكتب ضد ما يرغب فيه.
فالأصعب ليس أن تكون حاقدا اجتماعيا أو عرقيا أو مذهبيا. تلك أسهل وضعية أن تكتب لتفرغ. الأصعب أن تكون فقيرا أو اسودا أو مسلما أو بوذيا أو يهوديا وتكتب بموضوعية عن مخالفيك .أن تكتب ضد ما ترغب فيه.
*كاتب رأي