*نجيب كومينة

 

وداعا صديقي وصديق الجميع، ابن الشعب الذي حفر له مجرى في الأدب، كقصاص، وفي الصحافة التي امتهنها وعانى الكثير خلال ممارسته لها، حيث كانت الصحافة الحزبية تطحن من يشتغل بها، و كانت معاناته أكبر خلال تجربته الصحفية في جريدة العلم، حيث طرد كما طردت بعده و ضاعت حقوقه كما ضاعت حقوقي بعده، لأنه وكما حكى لي قدماء العلم كان ينتفض ضد الظلم والضغط كما كنت أنتفض بعده لنفس السبب.

ابا إدريس كان يحترم من يستحق الاحترام وكانت له حاسة تمكنه من اكتشاف “المقلاع” من الصادق والنزيه بسرعة.

عاش الحياة كما أرادها، وكما حلت له، يدفعه إلى ذلك شغف داخلي بالحرية، وتشارك مع أصدقاء كثر نوع الحياة..

حياة تجمع بين الموقف والبحث عن أفق مغاير وبين لحظات المرح والاستمتاع والدوخة التي تساهم في تفريغ شحنات والاستعداد لاخرى لاحقًا.

أذكر أني اشتغلت على قصصه وقابليتها للتحويل إلى سيناريوهات للسنيما، واكتشفت أن عالمه القصصي تركيب لصور متعددة الإطارات لمجتمع تستنزف أناسه المعاناة و غالبًا ما تجعل رؤوسهم مطأطأة بسبب إحساس غائر كالجرح بالضعف، وحين قدمت ما أنجزته بحضور المخرج المصري الكبير صلاح أبو سيف أثناء دورة تكوينية بفاس، في إطار جمعية الفن السابع، ألح مخرج القضية 68 على الحصول على قصص الخوري وتساءل كيف لا تستفيد منه السنيما المغربية مثلما استفادت السنيما المصرية من نجيب محفوظ كسيناريست. وأكد لي أن ما يواجهه في التعامل مع القصص والروايات العربية هو كونها في الأغلب، وقتئذ، جوانية، تفتقر بالضبط لكثافة الصور.

تعازي لأبنه يوسف ولباقي أفراد أسرته.

*كاتب /صحفي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *